تابعت بمرارة، الأزمة الدبلوماسية بين موريتانيا والجزائر، وتمنيت أن تكون سحابة صيف لا تلبث وأن تنقشع، لأن ما يجمع البلدين أكثر بكثير مما يفرقهما، لكن الماكينة الإعلامية في الجمهورية الجزائرية جندت نفسها لتسخين الجو والتحامل على موريتانيا، في سابقة جعلت الموريتانيين يستحضرون
محطات مهينة من التعامل الجزائري مع موريتانيا.
فالدبلوماسية الجزائرية التي تنتصر اليوم لأحد أفرادها تعاملت بتعال مع الأنظمة الموريتانية المتعاقبة، ولن أورد هنا الأمثلة الكثيرة حتى لا أزيد الاحتقان والتشنج بين البلدين، بقدر ما أنبه الدبلوماسية الجزائرية على تجاوزاتها التي تجاهلتها موريتانيا، حرصا منها على استمرار العلاقات بين البلدين وانسجاما مع إرادة الشعبين الشقيقين خاصة الموريتاني الذي ينزل كل جزائري منزلته.
موريتانيا لم تتسرع كما يقول البعض بطرد الدبلوماسي الجزائري "بلقاسم شرواطي" لأن المعلومات التي لم تكشف عنها نواكشوط تؤكد أن "شرواطي" ضالع في العديد من الملفات التي تمس أمن واستقرار البلد، مدعمة باعترافات بعض الذين استجوبوا في هذا الملف.
ورغم ما يمارسه الإعلام والدبلوماسيون والساسة الجزائريون من تزييف للحقائق وفبركة متكآت وهمية للفعل الموريتاني، من قبيل الدبلوماسي الجزائري السابق "عبد العزيز رحابي"، الذي علّق على تطورات الأزمة الدبلوماسية، بقوله إن (موريتانيا) لها علاقات مع اسرائيل منذ 1999 وهذا في حد ذاته خضوع لضغوطات أروبية وأمريكية، ليُضيف "ماذا ننتظر من دولة وطدت علاقاتها مع إسرائيل؟.
لعل "رحابي" يفكر بنفس القوالب الذهنية التي تتحكم، في فرسان المشهد الإعلامي الجزائري، الذين يستحضرون عباراتهم السوقية من قاموس منحط يسمي الأشياء بغير أسمائها، ولا يفرق بين الأشراف والأوباش.
لم يقرأ "رحابي" أو يسمع أن العلاقات الدبلوماسية بين موريتانيا وإسرائيل قطعت نهارا جهارا من قبل النظام الحالي وأن الشعب الموريتاني يرفض الخضوع والخنوع للإملاءات الخارجية.
ولم يقرأ النائب الجزائري ولا العسكري المتقاعد ولا المحلل السياسي، الذين يستظلون في الظل ويحملون الفوانيس في وضح النهار، أن ذاكرة الشعوب قوية فلا الديون المعفاة من قبل الجزائر على موريتانيا، ولا التدخلات العاجلة لصالح رعايا موريتانيين في الخارج، تساوي اختزال شعب بأكمله في إجراء دبلوماسي يتيم، ونعته بأشنع النعوت.
على الزملاء في الجزائر أن يوقفوا فورا حملة التشهير المنظمة ضد موريتانيا وشعبها، وأن يساهموا في تلطيف الجو بالعزوف عن تهيئة المنابر للدهماء، الذين يجيشون انتصارا لحرب وهمية تافهة، أحيانا باسم كرة القدم، وأحايين أخرى باسم الدفاع عن كرامة رويت بدماء مليون شهيد هي أسمى من دبلوماسي متهور.
أما نحن فلسنا الموصوف ولا الصفة ولا المرسوم في اللوحة السريالية المشوشة، التي لا يمكن تهجيتها إلا من قبل سقط المتاع من الأوباش، لأننا ببساطة:
نحن ركب من الأشراف منتظم *** أجل ذا الخلق قدرا دون أدنانا