نشرت شبكة “سي إن إن” الامريكية، تقريرا كشفت فيه بعض الطرق التي انتهجها نظام الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، لمنع النساء من المشاركة في التظاهرات المناهضة لحكمه.
وتقول الشبكة الأمريكية إن نظام الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، أدرك أن لديه مشكلة كبيرة خلال الاحتجاجات الأخيرة، فعدد النساء في الشوارع اللائي يدعون إلى التغيير يفوق الرجال بكثير.
ووصلت أعداد النساء في التظاهرات الأخيرة التي أطاحت بعمر البشير إلى ما يقرب من 70% من أعداد المتظاهرين الفعلين في الميادين، وذلك وفقًا لبعض منظمات المجتمع المدني المحلية في السودان.
أوامر مخيفة
أرسل قادة النظام السابق، أوامر “مخيفة” إلى ضباطه على الأرض المتواجدين وسط المتظاهرين: “انتهكوا حرمات النساء، واغتصبوهن، لأنكم بذلك تحطمون معنويات الرجال”، وفقا لشبكة “سي إن إن”.
مسؤولون سودانيون أكدوا لـ”سي إن إن”، أن النظام السابق، استهدف النساء في قلب أكبر الاحتجاجات المناهضة لحكم البشير، والتي انتهت بعزله عن الحكم.
وأفادت شبكة “سي إن إن”، أنه في الأشهر الأولى من الانتفاضة، بدأ الجنود في إلقاء القبض على النساء في العاصمة الخرطوم، واقتادتهن إلى مواقع الاعتقال السرية، حيث تم تصويرهن عراة، وتهديدهن بالاعتداء الجنسي عليهن.
وأضافت، أنه مع بدء انهيار نظام البشير، شرع الجنود في تنفيذ تهديداتهم، بالاعتداء جنسيا على الأسيرات المعتقلات من ميادين التظاهر في الخرطوم، فضلا عن ضرب أخريات في الأماكن العامة.
بعض النشطاء كشفوا لـ”سي إن إن”، أن رجال الشرطة وصل بهم الحال، إلى زج بعض الفتيات والنساء إلى سيارات الشرطة، واغتصابهن في الداخل.
ويقول ضابط سابق في المخابرات السودانية، للشبكة الأمريكية، بأن الأوامر من نظام البشير السابق، كانت واضحة “فكلنا نعرف ماذا يعني أن تنتهك حرمة سيدة”.
الاعتداءات الجنسية من ضباط الشرطة على النساء، جعلت بعض الأزواج يطلقون زوجاتهن لأنهن جلبن لهم نوع من “العار”، كما ضرب الآباء بناتهن لاعتقادهم الخاطئ أن الفتاة خضعت بكل رضا عما حدث معها في زنازين الاعتقال، وفقا لموقع “الراكوبة” السوداني.
فتاة سودانية تحكي الانتهاكات التي تعرضت لها
خرجت “قريشي” عن صمتها، وتحدثت لـ “سي إن إن”، قائلة، إنه تم اعتقالها عدة مرات، خلال مشاركتها التي استمرت ثلاثة أشهر في “الانتفاضة” ضد نظام البشير، مؤكدة أن ضباط الشرطة التقطوا لها مع المعتقلات الأخريات صورا وهم عرايا بالكامل، وتم تهديدهن باغتصابهن.
الفتاة التي رفضت ذكر اسمها بالكامل، خوفا على سمعتها، قالت إن الضباط أثناء التفتيش الجسدي أجبروهن على ارتداء ملابس عارية أمام كاميرات المراقبة، لافتة إلى أنه تم تصويرها عدة مرات وهي تتجرد من ملابسها.
لم تكن تعلم قريشي، الفتاة ذات السابعة وعشرين عامًا، أن تلك الصور ستستخدم بعد ذلك لتهديدها وابتزازها لعدم المشاركة في التظاهرات مرة أخرى، قائلة: “في الواقع هذه الصور قد لا تكون موجودة الآن، ولكن تعرضنا حقًا لابتزاز وضغط كبيرين”.
ومع تصاعد حدة الاحتجاجات، ازداد عنف الشرطة بأمر من النظام السوداني السابق، وتعرضت قريشي، في أحد الأيام لهجوم من قبل مسؤول أمني في جامعة الخرطوم، حيث ضربها الرجل بمقبض بندقيته بشدة، لدرجة أنه “خلع فكّها، وأصبحت عينيها مليئة بالدماء”.
فيما روت رفقة عبدالرحمن، ما تعرضت له صديقاتها من ضرب وحلق للشعر، والإهانة، والاعتداء الجنسي، والتعامل معهن بنوع من البلطجة لا يراعي أدميتهن.
وقالت ناهد جبر الله، إحدى المتظاهرات ومؤسسة جمعية “سيما”، لرصد حالات العنف ضد المرأة، إن هناك أكثر من 15 حالة اغتصاب تعرضن لها الفتيات والنساء، داخل زنازين الاعتقال السودانية.
وأضافت جبر الله، أن بعض الاعتداءات الجنسية على النساء، تضمنت “اغتصاب الضحية بالكامل، وليس مجرد تحرش”، لافتة إلى أن بعض حالات الاغتصاب، كانت تتم بشكل جماعي، حيث يغتصب أكثر من شرطي فتاة واحدة.
تصوير النساء عرايا، واغتصابهن، جعل رجال الشرطة في النظام السوداني السابق، يهددون النساء بتدمير سمعتهن، ونشر الصور والفيديوهات، على وسائل التواصل الاجتماعي.
وحذرهم الضباط من أن الحي بأكمله سيعرف أنهن (المتظاهرات) “عشن حياة ماجنة”، خاصة بعدما ينشرن قصص اغتصابهن، وتلفيق بعض القضايا الأخرى.
بعض الضباط خجلون من هذه الأفعال
قال العديد من ضباط الجيش لشبكة سي إن إن، “إساءة معاملة النساء المتظاهرات هو ما غير رأيه في النهاية حول الدفاع عن النظام”. مضيفا، أن “بعضهم بقى في المنزل لتجنب اتباع الأوامر، بينما وقف آخرون مع المحتجين”.
وأكدت سي إن إن، أن هذه الأفعال جعلت العديد من ضباط الجيش ينضمون للمتظاهرين حيث قال أحدهم: “لم أنضم إلى الجيش لأصبح هذا النوع من الرجال”.
فيما عبّر ضابط سابق في النظام عن خجله من سلوك الجيش أثناء الانتفاضة. وقال “يجب أن تفهم أنه قيل لنا أن نجعل هؤولاء النساء يتوقفن عن التظاهر”. “كانت هؤولاء الفتيات هناك كل يوم، مما أثار حفيظتنا، وهم يهتفن أنهن غير خائفات”.
ويشهد السودان، حاليا، مرحلة انتقالية بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير، يوم 11 أبريل / نيسان الحالي، إثر حراك شعبي.
وتولى مجلس عسكري انتقالي مقاليد الحكم لفترة انتقالية، برئاسة وزير الدفاع السابق عوض بن عوف، الذي لم يلق قبولا من مكونات الحراك الشعبي ما اضطره بعد ساعات لمغادرة موقعه مع نائب رئيس المجلس، رئيس الأركان السابق كمال عبد الرؤوف الماحي، ليتولى قيادة المجلس المفتش العام للقوات المسلحة السودانية، الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان.