إن أهم إنجاز قد يحققه الرئيس القادم لموريتانيا هو الإعلان عن اليوم الوطني للاكتفاء الذاتي من الغذاء، والقضاء على البطلة، وهو ما يمكن تحقيقه خلال ثلاث أو أربع سنوات على الأكثر من خلال هذا العرض المبسط.
يُعْتبر الغاز الطبيعي من أهم مصادر الطاقة في العالم نظرا لنظافته البيئية وأسعاره الرخيصة، ولذلك يبلغ مستوى الطلب عليه ثلث أضعاف الطلب على مصادر الطاقة الأخرى.
لقد أظهرت نتائج التنقيب أن احتياطي موريتانيا من الغاز قد يصل إلى 50 ترليون قدم مكعب، تم التأكد من 25 ترليون قدم مكعب منها في حقل السلحفاة الذي سيبدأ استغلاله ابتداء من 2021، وقد تم الاتفاق بين موريتانيا والسنغال على تقاسمه بالتساوي، أي أن نسبة موريتانيا من هذا الحقل هي 12,5 ترليون قدم مكعب أي ما يناهز 100 مليار دولار، نعم مائة مليار دولار إذ يُجمع الخبراء على أن أسعار الغاز ما بين 2020 و2035 ستتراوح ما بين 6 دولارات إلى 12 دولار لكل مليون وحدة من الطاقة الحرارية.
مليون وحدة حرارية تقابلها تقريبا 998 قدم مكعب من الغاز.
وباعتبار أن الغاز الموريتاني يمكن بيعه في الأسواق العالمية في الفترة ما بين 2021 و2035 بمعدل 8 دولارات لكل مليون وحدة حرارية فإن سعر الحصة الموريتانية من حقل السلحفاة (12,5 ترليون قدم مكعب) ستكون تقريبا 100مليار دولار.
إن اقتراض 15% من هذا المبلغ (15 مليار دولار) من المؤسسات المالية أمر بسيط يجب أن يكون أولوية للرئيس القادم ويتم تسديد هذا المبلغ من عائدات الغاز ولفترة زمنية يتم الاتفاق عليها مع المُقرضين.
إن حصولنا على هذا المبلغ (15 مليار دولار) سيكون الانطلاقة الفعلية نحو الاكتفاء الذاتي، وامتصاص البطالة بشكل نهائي، وذلك على النحو التالي:
إنشاء مؤسسة وطنية تسمى "المؤسسة الوطنية للاكتفاء الذاتي" برأس مال قدره 15 مليار دولار أمريكي، تتفرع من هذه المؤسسة ثلاث شركات وطنية تتبع لها وتنسق بينها وهي:
- الشركة الوطنية لتسيير القطاع الزراعي.
- الشركة الوطنية لتسيير الثروة الحيوانية
- والشركة الوطنية لتسيير الثروة السمكية.
توجد في موريتانيا 500 ألف هكتار جاهزة للاستصلاح ويمكن أن تضاعف هذه المساحة بشق القنوات المائية وتشييد السدود والبحيرات الاصطناعية كما توجد فيها ثروة حيوانية هائلة تقدر بأكثر من 23 مليون رأس، كما أن السواحل الموريتانية من أغنى الشواطئ العالمية بالأسماك لأسباب طبيعية معروفة جعلها الله نعمة لهذا الشعب المسلم.
إن استثمار المؤسسة في هذه الشركات الوطنية سيكون كما يلي:
1. رصد مليار دولار للتسويات الإدارية والعقارية والقضائية (شراء، تعويض، تأجير.. إلخ).
2. رصد 2 مليار دولار لشق القنوات المائية، وتشييد السدود واستصلاح الأراضي الزراعية بما في ذلك 500 ألف هكتار إضافية.
3. رصد مليار دولار لإنشاء مصانع لمعالجة وتصنيع وتخزين المنتجات الزراعية (أرز، قمح، ذرة، خضار...إلخ).
4. رصد مليار دولار لتشييد مصانع على امتداد الأراضي الزراعية لصناعة وتخزين علف الحيوانات.
5. رصد مليار دولار لإنشاء مصانع لبسترة وتجفيف الألبان، ومعالجة مشتقاتها (العصائر، الجبنة... إلخ).
6. رصد مليار دولار لإنشاء مصانع كبرى لمعالجة وتصنيع وتخزين اللحوم ومشتقاتها.
7. رصد 3 مليارات لتشييد البنى التحتية اللازمة لقيام هذه الثروة الاقتصادية بما في ذلك إنشاء سكة حديدية على امتداد الضفة الجنوبية للربط بين الشرق والموانئ الموريتانية، لتأمين تصدير المنتجات الزراعية والحيوانية.
8. رصد 2 مليار دولار لإنشاء مصانع عملاقة لقيام صناعة وطنية لجميع المنتجات السمكية مع مراعاة معايير المنافسة الدولية.
9. عدم تجديد أي اتفاقية للصيد، والشروع في مفاوضات من أجل تصدير منتجات المصانع الوطنية آنفة الذكر.
10. زيادة فترة الراحة البيولوجية لزيادة الثروة السمكية.
11. رصد مليار دولار لتكوين وتأهيل وإعادة تأهيل اليد العاملة وتبادل الخبرات لإدخال التقنيات.
12. رصد 2 مليار تحسبا لأي مضايقات خارجية عند الامتناع عن تجديد اتفاقيات الصيد والشروع في الصناعة الوطنية أو تحسبا للكوارث الطبيعية.
النتائج المتوقعة:
- على اعتبار أن الأرض يمكن أن تزرع مرتين على الأقل في السنة فإن عائدات الشركة الوطنية لتسيير القطاع الزراعي والشركة الوطنية لتسيير الثروة الحيوانية ستكون كما يلي:
- 700000 طن من الأرز سنويا أي ما يعادل 3 مليارات دولار.
- 1500000 طن سنويا من المنتجات الزراعية الأخرى (قمح، ذرة ، شعير ، خضروات...إلخ)، وهو ما يعادل 4,5 مليار دولار (قد يتضاعف هذا المبلغ بإدخال التقنيات الجديدة، خصوصا على الخضروات).
- 5 200000 طن من اللحوم أي ما يناهز 2 مليار دولار.
- 500 مليون دولار من المشتقات الأخرى (الجلود، الدهون، العصائر، الجبنة..إلخ).
- 1 مليار دولار عائدات الألبان.
- 1 مليار دولار عائدات مصانع علف الحيوانات.
أما عائدات الشركة الوطنية لتسيير الثروة السمكية فستناهز 6 مليارات من الدولار سنويا، وتعود هذه القفزة الكبيرة إلى عائدات التصنيع الوطني ووفرة السمك نظرا لتوقف النهب من الشركات الأجنبية، وزيادة فترة الاستراحة البيولوجية السنوية، وارتفاع أسعار السمك نظرا لعدم تجديد الاتفاقيات.
إن هذه الثورة الاقتصادية في هذه الشركات الثلاث ستمتص وبشكل نهائي كل المواطنين العاطلين عن العمل، وستحتاج الدولة إلى استيراد اليد العاملة من الخارج، وستكون عائداتها السنوية مجتمعة تقدر بـ18 مليار دولار أمريكي.
ملاحظة:
قد تتضاعف الثروة الحيوانية كل 5 سنوات أو يتضاعف منتوجها، وهو ما يجعل منها قوة اقتصادية يجب الاعتماد عليها كرافعة حقيقية للاقتصاد الوطني فبرعايتها ستتكاثر وتنمو مع تكاثر ونمو المجتمع وحاجياته.
مثال:
إذا كانت عائدات هذا القطاع في 2022 هي 3,5 مليار دولار كما هو مخطط له في هذا العرض، فإن عائداته في العشرين سنة القادمة ستكون على النحو التالي:
- 2022 + 3.5 دولار أمريكي.
- 2027 + 7 مليار دولار.
- 2032 14 مليون دولار أمريكي.
- 2037 = 28 ملييار دولار.
لكم أن تتخيلوا أنه لو تم استغلال هذا القطاع بشكل سليم فقط منذ عام 1990م لما كنا اليوم بحاجة إلى نفط، ولا إلى غاز، أحرى أن نكون بحاجة إلى القروض والهبات والمساعدات.
مهما كانت نسبة الخطإ في هذا العرض المبسط فإن الاختلال سيبقى على هامش الأرباح.
أما الهدفان الحقيقيان، أي الاكتفاء الذاتي وامتصاص البطالة فهما متحققان ولن يتأثرا سلْباً بذلك. هذه الثورة الإنتاجية ستولد حركة اقتصادية كبيرة قد تكون قاعدة صلبة لقيام ثورة صناعية حقيقية في المستقبل القريب وذلك حديث آخر سنعرض له في وقته.
هذا عرض مبسط سهر صاحبه الليالي لبلورته واختصار بياناته الاقتصادية والتجارية حتى تظهر فيه النتائج النهائية للمعادلات لتسْهُلَ مطالعته وتطبيقه، عساه ينفع الناس، أو يمكث في الأرض، لكنه سيظل حبرا على ورق، إلى أن يبعث الله له رجالا يدركون أن إدارة الشأن العام فرصة نادرة لإثبات الوطنية بتشييد إنجازات عملاقة تكون شاهدا لهم في الدنيا، ورصيدا من الصدقات الجارية هم في أمس الحاجة إليه يوم يجدون ما عملوا محضرا ولا يظلم ربك أحدا.