استبعدت الولايات المتحدة القيام بحرب ضد إيران دفاعا عن المملكة العربية السعودية، وهو معطى لم يكن ينتظره الكثيرون، لكن هناك معطى أكثر أهمية هو عدم بيع واشنطن أي أسلحة متطورة للرياض رغم الحديث السابق عن صفقات بمئات المليارات من الدولارات.
وكان توجه الإدارة الأمريكية ومنذ بداية العقد الحالي هو عدم التورط في أي حرب في الشرق الأوسط لا تخدم المصالح العميقة للولايات المتحدة. ولكن رغم هذا القرار العسكري الذي يعتبر منعطفا، استمرت وسائل الإعلام وبعض المحللين عند كل أزمة كبيرة أو صغيرة في الحديث عن حرب أمريكية وشيكة ضد إيران، حيث سقطوا رهينة التصريحات الصحافية. وهذا هو البنتاغون يسحب معظم قواته من الخليج العربي، حيث لا يتوفر على أي حاملة طائرات في الخليج العربي في الوقت الراهن باستثناء أبراهام لنكولن في المحيط الهندي قبالة باكستان.
وإذا كان هذا المعطى قد فاجأ الكثيرين، فهناك معطى آخر لا يقل أهمية هو عدم تسليم إدارة الرئيس دونالد ترامب أي أسلحة متطورة إلى العربية السعودية. وكان ترامب قد قدم في استعراض هوليوودي صفقة أسلحة مع السعودية تصل إلى 460 مليار دولار خلال مايو/أيار من عام 2017. واستقبل العالم هذه الصفقة باندهاش كبير.
وكانت “القدس العربي” في مقال بتاريخ 5 فبراير/شباط 2018 بعنوان “استحالة شراء السعودية أسلحة بـ460 مليار دولار“، قد شددت على استحالة الصفقة لسببين: الأول هو عدم كفاءة الجيش السعودي لاستيعاب أسلحة متطورة، والسبب الثاني هو عدم بيع البنتاغون أسلحة متطورة مثل المقنبلات وحاملات الطائرات إلى الجيش السعودي.
وكانت السعودية قد اقتنت ما بين 2008-2015 حوالي 30 مليار دولار من الأسلحة من دول شتى، بمعدل أربعة مليارات في السنة، فكيف ستقفز إلى 460 مليار ما بين 2018 و2028، أي 46 مليار دولار سنويا. وتبقى أكبر صفقة عسكرية في التاريخ هي المعلن عنها عام 2011 بين البنتاغون وشركة لوكهيد مارتين باقتناء وصيانة 2400 طائرة إف 35، بقيمة 382 مليار دولار لكن موزعة على 35 سنة.
وبعد مرور ثلاث سنوات على وصول ترامب إلى البيت الأبيض، لم تسلم الولايات المتحدة أي سلاح متطور إلى العربية السعودية، وجرى التوقيع على صفقات لا تتعدى 15 مليار دولار بما فيها النظام الصاروخي “ثاد”، لكن لم يتم تسليمه بعد، وقد يحصل خلال السنوات المقبلة في حالة ما إذا صادق الكونغرس الأمريكي، ذلك أنه على ضوء تطورات الأوضاع العسكرية في الشرق الأوسط هناك أصوات عسكرية تطالب بتجميد الصفقة حتى التأكد من فعالية هذا النظام في مواجهة الصواريخ الإيرانية التي فاجأت البنتاغون بتقنيتها المتقدمة.
وعليه، بعدما اكتشفت السعودية استحالة اعتمادها على الولايات المتحدة في مواجهة إيران، الآن توجد أمام واقع عسكري جديد ومر هو قرار واشنطن بعدم بيعها أسلحة متطورة للغاية وبكميات كبيرة.