هناك ضرورة ملحة جدا للبحث عن أفضل السبل وأنجعها للاستفادة من هذا التقارب الحاصل حاليا بين السلطة والمعارضة. وربما يكون أهم سؤال يجب طرحه خلال هذه الفاصلة الزمنية الفريدة من نوعها هو ذلك السؤال الذي يقول : كيف يمكننا أن نستخدم هذا التقارب الحاصل بين السلطة والمعارضة، وأن نستثمره إيجابيا في سبيل تحصين مبدأ التناوب السلمي على السلطة، أهم مكسب ديمقراطي تم تحقيقه في هذه البلاد؟
إنه على القوى السياسية سواء كانت في المعارضة أو الأغلبية أن تعمل من أجل الاستفادة من مناخ التهدئة الذي طبع الأشهر الأولى من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وعليها أن تستغل هذا المناخ الهادئ الذي يأتي بعد عقد من الصدام وصناعة الأزمات في كل ما من شأنه أن يساهم في تعزيز الديمقراطية وفي بناء دولة المؤسسات.يمكن للأغلبية الداعمة للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وللمعارضة التقليدية أن تعملا معا، وأن تنسقا في المجالات التالية :1ـ في مجال الدفاع عن مبدأ التناوب السلمي على السلطة والعمل على حمايته من أي تهديد. إن الدفاع عن مبدأ التناوب السلمي على السلطة، وحمايته من أي تهديد يعد من أهم القضايا التي تهم المعارضة وأغلبية الرئيس الحالي على حد سواء، ولذلك فهناك إمكانية كبيرة للتنسيق بينهما في هذا المجال.2 ـ العمل على تعزيز اللحمة الوطنية، ومحاربة مخلفات الاسترقاق. على مستوى هذا الملف يمكن للسلطة والمعارضة أن تنسقا معا، وخاصة من بعد إعلان رئاسة الجمهورية عن استعدادها لإشراك المعارضة في تسيير المندوبية السامية.3 ـ يمكن للسلطة والمعارضة أن تعملا معا من أجل فتح تحقيق في تسيير العشرية الماضية. صحيح أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني قد لا يكون في الوقت الحالي متحمسا لفتح هذا الملف، ولكن يبقى من المحتمل جدا أن يغير موقفه، إذا ما أصر الرئيس السابق على ممارسة العمل السياسي، ويبدو أنه مصر على ذلك. ومما قد يساهم أيضا في تغيير ذلك الموقف أن تكثف المعارضة من ضغوطها من أجل فتح تحقيق في تسيير العشرية الماضية. لم يكن قرار المعارضة بالإلغاء المؤقت لمسيرتها المطالبة بفتح تحقيق في تسيير الرئيس السابق قرارا حكيما، وليس من الحكمة أن تنتظر المعارضة الإشارة من الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لتنظم مسيرة من هذا النوع. على المعارضة أن تتحرك بقوة من أجل فرض فتح تحقيق في تسيير العشرية، وعليها أن تستغل من أجل تحقيق ذلك المطلب تهور الرئيس السابق ومحاولاته العبثية للاستيلاء على حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، والتي لا شك بأنها ستعزز من خلافه مع الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني. إننا نعيش لحظة سياسية فريدة من نوعها، واستغلال هذه اللحظة السياسية الفريدة من نوعها يحتاج لخيال سياسي واسع ولتفكير من خارج الصندوق، فهل سيفكر المعنيون بالأمر خارج الصندوق، أم أنهم سيضيعون هذه الفرصة، كما ضيعوا فرصا كثيرة من قبلها؟
حفظ الله موريتانيا..