ورث الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، عن سلفه محمد ولد عبد العزيز، كما هائلا من المشاكل، ناجم عن تراكمات عشر سنوات من الفساد وظلم العباد ونهب خيرات البلاد، منها ما يتعلق ببنية الدولة ومنها ما يتعلق بحقوق الإنسان والتعايش السلمي بين مكونات الشعب الموريتاني وشرائحه، إضافة إلى مديونية خارجية تجاوزت 100% من الناتج الداخلي الخام (الإجمالي) وكذلك جملة من المظالم الجماعية والفردية.
ومما لا شك فيه أن تسوية هذه المشاكل، يحتاج وقتا وإمكانات مادية، لم يرثها الوارث عن الموروث عليه، حيث يتطلب البحث عنها جهدا ووقتا كبيرين، كما أن تسوية هذا العبء الكبير من المشاكل، لا يمكن تحقيقه في وقت واحد ويجب أن يكون على أساس دراسات ترتب الأولويات وتأخذ في عين الاعتبار الكلفة المادية لكل واحدة منها وما يتطلبه حلها من الوقت وقيمتها السياسية للنظام.
وفى هذا الإطار، تطلع الرأي العام الوطني إلى أن يبدأ الرئيس خلال مائة يوم الأولى من مأموريته بتسوية المظالم المتعلقة بالأفراد لكون تسويتها لا تتطلب دراسات ولا إمكانات مادية وقيمتها السياسية كبيرة، حيث ستعزز الآمال التي علقها المواطنون على انتخاب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، كما سيعطيه فسحة من الزمن لترتيب أمور قيادة سفينة البلاد إلى بر الأمان وانتشالها من السقوط نحو الهاوية جراء سياسات ولد عبد العزيز الرعناء خلال عشرية الجمر.
وقد أدى عدم ظهور مؤشرات للاهتمام بتسوية هذه المشاكل، خلال الأشهر الستة الأولى من حكم محمد ولد الشيخ الغزواني، خيبة أمل لدى الرأي العام، خاصة المناصرين له. وأنا في مقدمتهم ـ من خارج موالاة النظام السابق لولد عبد العزيز،
إلا أن تسارع وتيرة تسوية بعض المظالم خلال الأسابيع الماضية، كرفع الظلم عن عمال سلطة النقل وعناصر الجمارك وولد الحيمر وإلغاء مذكرات التوقيف لولد بو عماتو وولد الشافعي وولد الدباغ ورفع الحظر عن ممتلكاتهم وقبل ذلك إنصاف عناصر التلفزة وبرنامج "أولوياتي" الذي دشنه الرئيس مؤخرا، أمورا أعادت الأمل من جديد للمواطنين واستبشروا بها خيرا.
وبتسوية هذه المظالم، لم يبق من مظالم الموظفين في عشرية الجمر، حسب علمي، سوى قضيتين، هما قضيتي أنا وقضية القاضي محمد الأمين ولد مختار ورغم صدور أحكام قضائية نهائية في القضيتين وكونهما ظلما بواحا، فلم تشملهما إجراءات التسوية وخلال هذه الأيام أتلقى الكثير من التهاني ممن يعتقدون أن قضيتى تمت تسويتها ويصابون بالدهشة والحيرة عندما أنفي لهم ذلك الاعتقاد.
ولهذه الدهشة والحيرة ما يبررهما، لكون قضية فصلي التعسفي من الوكالة الموريتانية للأنباء وحرماني من جميع حقوقي قبل ثمان سنوات، هي أقدم مظلمة في عهد ولد عبد العزيز وقد صدرت أحكام نافذة من جميع مراحل التقاضي بعدم شرعيتها وتم الحكم لصالحي، حيث كان آخر هذه الأحكام حكم المحكمة العليا، رقم 14/2016 بتاريخ 15/03/2016 والذي تمت تحليته وأصدر رئيس محكمة الاستئناف قرارا بتنفيذه بتاريخ 13/07/2016، كما كانت هي المظلمة التي أجمع الرأي العام الوطني بكافة أطيافه على التنديد بها ونددت بها منظمات صحفية وحقوقية دولية وإقليمية وطالب الجميع بتنفيذ الحكم الصادر لصالحي.
وقد جوبهت هذه المطالب بالرفض وظل هذا الحكم عصيا على التنفيذ في عهد ولد عبد العزيز وذلك مفهوم لكونه هو من أمر شخصيا بفصلي التعسفي ويرفض إنصافي، أما غير المفهوم، لدي ولدى الجميع، هو استمرار رفض رفع هذا الظلم عني في عهد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي، بدون شك، لا ضلع له فيه وكان حريا به أن يأمر برفعه ضمن أوامره برفع المظالم التي تم رفعها وهذا لم يحدث، بالرغم من مرور سبعة أشهر من فترة حكم النظام الجديد، تكررت خلالها المطالبة بذلك.
نذكر من تلك المطالب: بيانا للرئيس سيدي محمد ولد ببكر استعرض فيه الأولويات التي على ولد الغزواني تسويتها وكذلك رسالة وجهها له العميد محمد المصطفى ولد بدر الدين، كما تضمنتها عريضة نقابة الصحفيين المسلمة يدا بيد لرئيس الجمهورية وتحدث عنها البرلمانيون في جلسات برلمانية عديدة، كان آخرها في جلسة تمت قبل ثلاثة أسابيع، أمام الوزير الأول وطالب العديد من الصحفيين والمدونين برفع هذا الظلم عني، كما كتبت شخصيا رسالة بذلك للرئيس سلمتها للمستلمين لبريده عند بوابة الرئاسة.
ورغم هذا كله ورغم مضي سبعة أشهر من مأمورية محمد ولد الشيخ الغزواني ورحيل سلفه، ما زلت أعاني مرارة الظلم على مدى ثمان سنوات واليوم أستقبل السنة التاسعة بتجرع مرارة الظلم مع مرارة الميز الظلمي (وهو أشد مرارة من الميز العنصري)، بعد تسوية غالبية المظالم واستثنائي من ذلك.
ومهما يكن من أمر فسأظل صابرا مطالبا بحقي، راضيا بقضاء الله، أسأله أن ينتقم لي ممن ظلمني وممن له ضلع في ذلك ومن بمقدوره إنصافي ولم يفعل وما ضاع حق وراءه مطالب.