تشهد الدول العربية معدلات متفاوتة في انتشار فيروس كورونا، ورغم أن عدد الإصابات في مجموع الدول العربية تجاوز 3 آلاف و140، وأكثر من 65 وفاة، إلا أنه أقل بكثير من دول تسجل هذا الرقم في يوم واحد، ومع ذلك مازال الخطر قائما في قادم الأيام.
ولكن هذه الأرقام مازالت أولية، ومعدلات انتشار الوباء رهيبة، وكأنه يسابق الزمن قبل حلول فصل الصيف، الذي لا يمثل حره البيئة المثالية لمثل هذا النوع من الفيروسات.
ومن المحتمل أن عدد الإصابات غير المعلنة أو المكتشفة أكبر بكثير مما هو مصرح به، وهو ما يفسر الإجراءات السريعة والحازمة لفرض حجر صحي على المشتبه بهم، ومنح إجازات للموظفين والتلاميذ وغلق المساجد والكنائس والمطاعم والمقاهي وإلغاء مختلف النشاطات والفعاليات السياسية والرياضية والثقافية.
** الخليج.. إصابات عالية ووفيات أقل
سجلت دول الخليج أعلى معدلات الإصابة بكورونا، بما يزيد عن 1700 حالة أو ما يمثل أكثر من 55 في المئة من الحالات في الدول العربية.
وجاءت السعودية على رأس هذه القائمة بأكثر من 510 إصابات، وقطر بنحو 500 إصابة، وتجاوزت الإصابات في البحرين 330، فيما اقتربت الكويت من 200 إصابة، وفاق عدد الإصابات 150 في الإمارات، أما سلطنة عمان فسجلت أقل عدد من الإصابات بنحو 60 حالة.
والمذهل في دول الخليج الستة، أنه رغم العدد الكبير من الإصابات إلا أن عدد الوفيات لم يتجاوز 4 حالات فقط (2 في كل من الإمارات والبحرين) إلى غاية مساء الأحد، وهذا المعدل لا يتجاوز 6.6 في المئة من الوفيات في الوطن العربي، مما يعكس متانة المنظومة الصحية في الخليج، وعدم تسجيل حالات خطيرة كثيرة.
والملاحظ أن إيران كانت بؤرة العدوى الرئيسية التي انتقل منها الفيروس إلى الخليج عبر شيعة السعودية والبحرين الذين زاروها.
** المغرب العربي.. عدد الوفيات مقلق لكن معدلات الشفاء مشجعة
لم تسجل دول المغرب العربي الثلاث الرئيسية الجزائر والمغرب وتونس (باستثناء موريتانيا وليبيا) سوى أقل من 400 إصابة، أو ما يمثل نحو 12 في المئة من إجمالي الإصابات في الوطن العربي.
غير أن عدد الوفيات يثير القلق والحيرة، حيث سجلت البلدان الثلاثة 24 وفاة (منها 17 بالجزائر)، أو ما يمثل نحو 38 في المئة من إجمالي الوفيات في الوطن العربي.
وفي هذا الصدد أشارت السلطات الجزائرية المختصة، أن معدل سن المتوفين 64 سنة، وأن أغلبهم من كبار السن وأصحاب الأمراض الخطيرة (مثل السكري والسرطان والضغط الدموي).
لكن حالات الشفاء في الجزائر عالية وبلغت إلى غاية مساء الأحد، 65 حالة من إجمالي أكثر من 200 إصابة، أو ما يعادل الثلث (32.3 في المئة)، مما يعكس الجهد الذي يبذله موظفو القطاع الصحي لإنقاذ حياة الناس، رغم أن معدل الوفيات إلى إجمالي الإصابات مرتفع جدا.
من جهته سجل المغرب 115 إصابة و4 وفيات، وجاءت تونس، فأحصت 75 إصابة و3 وفيات.
وأغلب حالات الإصابة في الدول المغاربية الثلاث وصلت من دول الضفة الشمالية للمتوسط (إيطاليا، وفرنسا وإسبانيا) من سائحين أوروبيين أو مغتربين مغاربيين، وفي الفترة الأخيرة أصبحت السعودية مصدرا جديدا لانتقال العدوى إلى المنطقة عبر المعتمرين.
** مصر والعراق والشام.. الفيروس يتفشى بشكل مرعب
تضم هذه المنطقة الواقعة في المنتصف بين دول الخليج والدول المغاربية كلا من مصر والعراق ولبنان والأردن وفلسطين (باستثناء سوريا)، وسجلت معدل إصابات متوسط رغم أن لبنان والعراق كانا من أولى البلدان العربية التي سجلت إصابات انتقلت إليها من إيران.
وبلغ عدد الإصابات في هذه المنطقة أكثر من ألف، أو ما يعادل أكثر من 32 في المئة من إجمالي الإصابات في الوطن العربي.
وتأتي مصر على رأس هذه المنطقة من إجمالي حالات الإصابة بنحو 330، تليها لبنان بنحو 250 حالة، والعراق بأزيد من 230 إصابة، والأردن بـ112 حالة وفلسطين بنحو 60 إصابة.
بالنسبة للوفيات فسجلت البلدان الخمسة أعلى معدل للوفيات في الوطن العربي بنسبة تقارب 58 في المئة، جاء العراق على رأس دول المجموعة بـ20 وفاة (قرابة ضعف المعدل العالمي مقارنة بإجمالي الإصابات)، ثم مصر 14، ولبنان 4 حالات، بينما لم تسجل الأردن وفلسطين أي وفاة.
** موريتانيا والسودان.. كورونا لا يحب الحر
على عكس معظم الدول العربية لم يسجل السودان وموريتانيا سوى إصابتين فقط بكورونا، وحالة وفاة واحدة بالبلد الأول.
وقد يكون أحد الأسباب التي لم ينتشر فيها الوباء أن البلدين لا يستقبلان أعدادا كبيرة من السياح من بؤر الوباء الثلاثة الرئيسية (الصين وإيران وأوروبا).
كما أن ارتفاع درجات الحرارة قد يكون أحد الأسباب لانخفاض أعداد الإصابات في البلدين، فموريتانيا تشهد درجة حرارة تفوق 25 في بعض المناطق وقد تصل كحد أقصى إلى 39 درجة في مناطق أخرى في أقصى الجنوب.
أما في السودان الذي سجل أول حالة وفاة قادمة من الخليج، فيسجل درجات حرارة (الذروة) تتراوح ما بين 27 و42 درجة.
وعلى الرغم من أنه لم يثبت لحد الآن تأثر كورونا بدرجات الحرارة المرتفعة، إلا أنه يعتبر من عائلة الفيروسات التي تفضل الأجواء الباردة على المناطق الحارة.
** سوريا وليبيا واليمن.. الفيروس يخشى الحروب
المفارقة التي تعيشها كل من اليمن وليبيا، أنهما بلدان يعيشان عدم استقرار أمني لكنهما لم يسجلا لحد الآن أي إصابة بكورونا، فيما سجلت سوريا، التي تعيش أوضاع مشابهة أول إصابة، الأحد.
وقد يعود السبب الرئيسي إلى أنها دول غير جاذبة للسياح من بؤر تفشي الفيروس، فهي بلدان شبه مغلقة على الأجانب بحكم الحروب التي تشهدها.
لكن هناك قلق من أن يؤدي انتقال كورونا إلى هذه الدول الثلاثة عبر المقاتلين الأجانب خاصة الإيرانيين والمقاتلين الشيعة الموالين لهم من العراق ولبنان المتواجدين في سوريا وبدرجة أقل في اليمن، وربما في ليبيا، حسبما يتوارد من أخبار.
ويتوضح من خلال هذا العرض أن الدول التي تعيش حروب داخلية لم تسجل في الأغلب أي إصابة، أما البلدان ذات المناخ الدافئ والأقل جذبا للسياح فسجلت حالات قليلة جدا، لكن دول الخليج تشهد تفشي للوباء رغم مناخها الدافئ إلا أن أغلب حالاتها ليست خطيرة.
بينما دول المغرب العربي فمعدل الإصابات والوفيات لديها متوسط، لكنها مهددة بدخول المرحلة الثالثة من تفشي الوباء، بسبب السياح والمغتربين.
أما المجموعة الثالثة فتشهد مصر والعراق ولبنان مراحل حرجة للسيطرة على الوباء قبل تفشيه بينما الأردن وفلسطين وإن كانت أعداد الإصابات متوسطة فإن المعدل اليومي للإصابات مرتفع خلال الأيام الأخيرة.
وإجمالا سجلت السعودية وقطر والبحرين أعلى عدد من الإصابات عربيا، بينما سجل العراق والجزائر ومصر أكبر عدد من الوفيات، لكن لحد الآن لم تتحول أي دولة عربية إلى بؤرة وباء.
جدير بالذكر أن عدد الإصابات عالميا يقارب 340 ألف إصابة، بينما بلغت الوفيات نحو 15 ألفا، ويكاد يصل عدد الذي تماثلوا للشفاء 100 ألف أغلبهم في الصين وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وألمانيا وإيران.
(الأناضول)