دعا نائب موريتاني بارز الموريتانيين إلى ترك التدوين حتى لا يطالهم السجن، والاكتفاء بنشر الأدعية والمواعظ على صفحاتهم، وذلك في خضم موجة انتقاد واحتجاج واسعة يقودها نواب ومدونون ضد قانون أجازته الأغلبية الحاكمة يتعلق بمكافحة التلاعب بالمعلومات بصفة عامة وخلال فترة الانتخابات والأزمات الصحية وغيرها.
وصادقت الجمعية الوطنية الموريتانية الخميس على قانون يتعلق بمكافحة التلاعب بالمعلومات يتألف من 13 مادة موزعة على ثلاثة فصول، يتناول الأول منها الأحكام العامة، فيما يتطرق الفصل الثاني للمخالفات والعقوبات المفروضة عليها، في حين يتضمن الفصل الثالث الأحكام النهائية.
وانتقد النائب محمد الأمين ولد سيدي مولود، في مداخلة ساخنة أمام البرلمان القانون الجديد ووصفه بأنه “نص مائع وظالم ومقيد للحريات بشكل صريح، وليست له أي أولوية في هذه الظروف” مشيرا إلى “أنه يتعارض مع قوانين موجودة أصلا في موريتانيا”.
وأضاف “إن إجازة هذا القانون جاءت في سياق يعيش فيه الكثيرون ظروفاً سيئة” مشيرا إلى أن الحكومة تسجن المدونين وتترك المفسدين يتجولون في البلاد، لافتاً إلى أن القانون يتعارض مع الدستور الموريتاني ومع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وانتقد النائب محمد بوي ولد الشيخ محمد فاضل إجازة نواب الحاكم للقانون وقال “أغلبية حزب الاتحاد شرعت لكم قانونا ليسجنكم مباشرة، فاختاروا بين عدم التدوين، أو التركيز على نشر الأدعية والأذكار ونحوها، أو غلق حساباتكم أو دخول السجون”.
وأشار نواب معارضون في جلسة علنية ساخنة الخميس في مداخلاتهم إلى “ضبابية التعريفات التي يتضمنها القانون منددين بغموضها وعدم دقتها، وإمكانية استغلالها للمساس بالحريات التي يكفلها الدستور”.
وقال النواب المعارضون “أن صعوبة الولوج إلى المعلومة يدفع كثيرا من الناشرين لنشر معلومات غير دقيقة” متسائلين عن “ظرفية تقديم هذا النص ومدى استعجال سنه في وقت تمر فيه البلاد بأزمة صحية”.
ودافع وزير العدل الموريتاني حيموده ولد رمظان، في عرض أمام النواب، عن القانون المثير وقال “أن الدستور الموريتاني كفل لكافة المواطنين في مادته العاشرة حرية التعبير ضمن الحريات العامة والفردية التي نص عليها” مشيرا إلى أن تلك الحريات تحتاج تنظيما وتفصيلا عبر سن القوانين، وذلك حفاظا على الحق العام من جهة، وسدا لأبواب المساس بحقوق الآخرين من جهة أخرى.
وأشار إلى أن “المنظومة الجزائية المتمثلة في القانون الجنائي المعمول به في موريتانيا تعود لبداية ثمانينيات القرن الماضي، لذلك لم تعد تستجيب لكل ما يمليه الواقع الموريتاني بالنظر لشيوع أنواع من الجرائم في وقتنا الحاضر لم تكن موجودة في حينه، بل لم يكن في الإمكان حتى تصورها” مشيرا إلى أنه من الضروري العمل على مواكبة تطور الجريمة التي ظهرت أنواع جديدة منها تبعا للتحولات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للبلد، وذلك عبر سن تشريعات تحين ترسانتنا القانونية وتسد الثغرات الملاحظة فيها.
وأضاف “أن أبرز ما استجد في العقود المنصرمة هو الثورة المعلوماتية وما رافقها من ظهور أنماط جديدة من وسائل الإعلام والاتصال، خصوصا وسائل التواصل الاجتماعي التي نقلت حق النشر من الحصر على مؤسسات إعلامية معروفة إلى كل فرد يملك حاسوبا أو هاتفا جوالا”.
ولفت وزير العدل النظر “إلى أن السلطات القضائية تلقت في السنوات الأخيرة كثيرا من شكاوى المتضررين من النشر على هذه الوسائط، وغالبا ما تعلن أنه لا وجه لمتابعة تلك القضايا بالنظر لتعذر تكييفها وفق ما هو مسطور في القانون الجنائي الذي لا يتضمن أحكاما تتعلق بجرائم الإنترنت، على الرغم من وجود عقوبات للسب والتشهير والقذف والتحايل والخيانة، وإصدار قانون لمحاربة التمييز وخطاب الكراهية وآخر للجريمة السبرانية”.
وقال “إنه من غير المقبول ترك أعراض الناس وممتلكاتهم ومصالحهم عرضة للنيل منها بسبب هذه الظاهرة التي تتزايد بشكل مضطرد، خصوصا في أوقات الأزمات ومواسم الانتخابات، وتؤثر على السكينة العامة والسلم الأهلي وتستهدف الأفراد والمؤسسات وتضر بالمصالح العليا للبلد”.
عبد الله مولود
نواكشوط-“القدس العربي”