أبدع الشباب الفلسطيني في وسائل مقاومة الاحتلال، من الحجر إلى النبال، والمفكات، وأخيرًا سلاح الثعابين والأفاعي، الذي بدأ الشباب المدرب في التعامل معها؛ بدءًا من اصطيادها وربطها ووضعها في أماكن تمركز جنود الاحتلال، الذين لم يدر بخلدهم أن في الموقع ثعبانًا أو أفعى.
وقد تحولت هواية اصطياد الأفاعي لدى عدد من الفتية الفلسطينيين، إلى تكتيك جديد لمقاومة جنود الاحتلال الإسرائيلي، خلال المواجهات الأسبوعية التي تندلع في قرية سلواد شرقي مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، ومع تكرار الاقتحامات والمواجهات أيام الجمع من كل أسبوع، يحاول الناشطون وشباب البلدة ابتكار وسائل جديدة؛ لاستخدامها في صد الجنود وعمليات الكر والفر بين الطرفين، كان آخرها صيد الأفاعي من أراضي البلدة، وربطها في المكان الذي يتحصن به الجنود الإسرائيليون والقناصة عادة خلال المواجهات.
ويقول ناشط من بلدة سلواد: “بدأ الأمر دون تخطيط.. عدد من الفتية اصطادوا أفعى ولهوا بها، وبعد أن احتاروا أين يضعونها قرروا ربطها على المكعب الأسمنتي الذي يستند عليه الجنود الإسرائيليون وقناصة التوتو (نوع من الرصاص الحي)، أو على الأرض بالقرب منه، خلال المواجهات على المدخل الغربي للبلدة”.
ويضيف الناشط الفلسطيني “بعد أن رأى الشباب ردة فعل الجنود وصدمتهم من وجود الأفعى بالقرب منهم، وتراجعهم للخلف وخوفهم من الاقتراب منها، شعروا بنشوة كبيرة، وارتفعت معنوياتهم، وسط صيحات الاستهزاء بالجنود الخائفين، وبعد ذلك قرروا أن يصطادوا الأفاعي خصيصًا لاستخدامها في صدّ الجنود وخلق حالة من البلبلة في صفوفهم وإشغالهم بها خلال المواجهات”.
وللتخلص من الأفاعي استخدم الجنود الرصاص لقتلها في إحدى المرات، فيما ضربها أحد الجنود بالحجارة في مرة أخرى، وقال المصدر نفسه “بعد أن اتضح لجيش الاحتلال أن استخدام الأفاعي أصبح أسلوبًا جديدًا لمواجهتهم، بات يستدعي فرقة خاصة للتعامل مع الأفاعي، والسيطرة عليها.
ويضيف الناشط الذي يساهم في تنظيم الاحتجاجات الأسبوعية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي: لم تقتصر حيل وأساليب مواجهة الجنود في سلواد على الأفاعي، بل لجأ الناشطون لجمع العلب الزجاجية للعصائر المنتهية الصلاحية من المحال التجارية، لإلقائها باتجاه قوات الاحتلال وفرق المشاة. وبحكم المواجهة المباشرة بين الطرفين، وقرب المسافة الفاصلة بينهما، يتمكن الشباب من إصابة الجنود بأسلحتهم البدائية، كالحجارة وزجاجات العصير، فيما يرد الجنود بإطلاق الرصاص الحي والمطاطي باتجاههم”.
ويصف الناشط جانبًا من المواجهات بقوله “أيضًا خلال عمليات الكر والفر أثناء المواجهات، يتمكن الشباب من الوصول لنقطة تمركز الجنود عند تراجعهم، ويقومون بالتقاط عدد من قنابل الصوت والغاز التي يتركها الجنود عند هربهم، ويبدأون باستخدامها ضدهم، إما خلال المواجهات أو خلال الاقتحامات الليلية التي تشهدها البلدة أحيانًا”.
وبدأت المواجهات الأسبوعية في بلدة سلواد منذ ما يقرب من العام ونصف، بعد أن تعرض أحد المزاعين لاعتداء وضرب من مجموعة من المستوطنين، فرد أهالي البلدة بحرق كشك (محل صغير) لأحد المستوطنين قرب البلدة، وبعد ذلك اندلعت مواجهات يومية، تحولت الآن لمواجهات أسبوعية على المدخل الغربي لسلواد؛ حيث يتواجد الجيش الإسرائيلي هناك بشكل مستمر، وتشهد عدة بلدات وقرى فلسطينية مواجهات أسبوعية على الأراضي المصادرة لصالح الاستيطان بالضفة الغربية.
الباحث والإعلامي الفلسطيني، سيلمان بشارات، يعتبر أن “المقاومة الفلسطينية وبالتحديد منذ الانتفاضة الأولى (1987-1993)، كانت نموذجًا لابتكار أدوات المقاومة الشعبية، حيث بدأت بالحجارة، ومن ثم الزجاجات الفارغة، فالزجاجات الحارقه (الملتوف)، وإحراق الإطارات، وانتقلت إلى السكاكين”.
وتابع: “لجوء الشباب الفلسطيني للحيل والأفكار الإبداعية بالمقاومة يكون بعضها مقصودًا، والبعض الآخر يأتي بشكل مفاجئ، وهذا ربما ما حدث مع اختيار استخدام الأفاعي لإخافة الجنود الإسرائيليين، وعلى الرغم من أن بعض الأدوات لا تصل في استخدامها إلى نتائج على الأرض، إلا أنها بحد ذاتها تسجل محاولات أو أدوات استطاع المجهود الشعبي المقاوم للاحتلال استخدامها، وهذا بحد ذاته يسجل ضمن إبداعات المقاومة التي تحاول الاستفادة من كل الإمكانيات المتاحة أمامها”.
ويرى “بشارات” أن انتشار ثقافة المقاومة الشعبية، والتي باتت تحقق تضامنًا دوليًا، دفع بالكثير من الشباب المشاركين للبحث عن لفتات تزيد من قبولها من جانب، وتحقق بعض النتائج على الأرض، وكذلك ترسل رسائل للعالم أن الشعب الفلسطيني تواق للتحرر من الاحتلال بأي وسيلة متاحه”.
المصدر وكالات