مقدمة من تحرير "الوطن":
أهكذا بين خفقي ظلمة وسنى
تلوح طفلا فشيخا ثم تنسحق
ألست تدري متى أو أين كنت فتى
ولا الأطيفال كناهم متى نطقوا
هذي حكاية تاريخ من الوحشية الأمريكية الموريتانية اتجاه مواطن موريتاني وهب نفسه للتعلم والعلم فوجدها في غوانتنامو بعد أن قرر من كانوا جاثمين حينها على كرسي السلطة أن يبيعوه في سوق نخاسة الإرهاب لصقور البيت الأبيض من الذي وهبوا أنفسهم لعذاب المؤمنين بالله.
كلمات خرجت من المعتقل الأكثر سوءا في العالم لترى النور في كل أصقاعه، لتقول للعالم بصوت صادح إن القيد لا بد أن ينكسر وأن روح "أميم" الطاهرة ستزف لها بشارة أن كتاب ابنها المعتقل يعتبر اليوم من أكثر الكتب رواجا في العالم.
كلمات ولد صلاحي التي سطرها من معتقله بأنامل ملت جلد الجلادين ودماء سالت على جنبات قول الحقيقة واعترافات سلبت تحت التعذيب المفرط، كلها "حسنات" في ميزان الذين لعبوا الدور من أجل أن تنتقل "أميم" إلى باريها قبل أن تكتحل عيناها برؤية ولدها المسجون ظلما وقهرا في أسوأ سجن في العالم.
"الفجر" تشرع في قراءة في مذكرات ولد صلاحي لتضع بين أيدي القارئ الكريم تفاصيل اعتقال وترحيل وسجن رجل من أبناء موريتانيا سلمته موريتانيا لدولة أجنبية مروعة بذلك كل من رمته الأقدار عن قوس واحدة فكتب على جواز سفره "مواطن" موريتاني.
من الفصل الأول
الفصل الأول من يوميات السجين الموريتاني بأغوانتنامو محمدو ولد صلاحي الفريق الأمريكي الآخذ على مدي ...... وصل بغرام ... من بغرام إلى اغواتنامو.. البيت الجديد ... يوم في الجنة واليوم الموالي في الجحيم.
يوليو 2002 ـ 2003 فبراير.
كانت الموسيقى متوفقة وكانت أحاديث الحراس قد خفتت. والشاحنة فرغت. وشعرت أني وحدي داخل شاحنة الجنائز. ولم يطل الانتظار. إذ سمعت أصوات وقع أقدام قادمين جدد، لكنني لا أتذكر أية كلمة من التسليم الموالي، يقول ولد صلاحي في هذا الجزء من مذكراته.
ويضيف ولد صلاحي قائلا ما معناه :" ووضع شخص القيود في معصمي.وعلق يدي الأولى وأمسك رجل آخر بتلك اليد وأمالها بينما كان ثالث آخر يضع أغلالا جديدة أكثر قوة وكثافة.وفي الحال كانت يداي مغلولتان أمامي. وبدأ شخص ينزع ثيابي بشيء مثل المقص. وكنت كالمتفاجئ مما يحدث لي؟ وبدأت أقلق حول الرحلة التي لم أردها أو أبدأها. فهناك شخص آخر يقرر لي كل شيء . وكان لدي كل الشكوك في العالم باستنثاء اتخاذ أي قرار. وافترض التشاؤم على" أنني ربما أكون في يد الأمريكيين لكن لا داعي للقلق هم يريدون أخذك إلى بلادك للتأكد من أن كل مر في سرية تامة. ثم تابع التشاؤم قائلا : أنت خدر الأمريكيون يخططون لإلصاق بعض البذاءة بك وهم آخذوك إلى سجون الولايات المتحدة لتبقي فيها بقية حياتك".
ويستطرد ولد صلاحي قائلا :" ...وكنت معرى . وكان ذلك مخزيا لكن غطاء العينين ساعدني على تجاهل رؤية جسدي العاري. وخلال كل الإجراءات أستطيع تذكر أداء صلاة واحدة وهي صلاة الخوف. وكنت طيلة الوقت أردد يا حي يا قيوم. وحيثما واجهت وضعية مشابهة أنسى كل صلاتي إلا صلاة الخوف التي تعلمتها من حياة النبي صلى الله عليه وسلم. وقام أحد أعضاء الفريق بلف حفاضة حول الأجزاء الخاصة من جسمي. عندما تأكدت من مللي حطت الطائرة في الولايات المتحدة. وبدأت أقنع نفسي أن كل شيئ سيكون على ما يرام وكان قلقي الوحيد هو رؤية عائلتي لصورتي في شاشات التلفزيون بتلك الوضعية المتدهورة. وكذلك كنت نحيفا، لكن تلك النحافة لم تجعل أبدا ثيابي في الشارع فضفاضة لذلك بدوت كقطة صغيرة وضعت في محفظة كبيرة. وعندما انتهى الفريق الأمريكي من وضعي في الثياب التي حاكوها من أجلي قام رجل منهم بإزالة الغطاء عن عيني خلال لحظة. ولم أستطع الرؤية لأن ومضات الضوء لامست عيني...".
لبرهية ـ يضيف ولد صلاحي ، رأيت رجلا ملتفا في بدلة سوداء من رأسه وحتى أخمصه. فتح فمه وأمسك بلسانه وأشار إلي أن أفعل نفس الشيء ، وهذا نوع من فحوصات of AHH التي تؤخذ بدون مقاومة. ورأيت جزءا من إبطئه الرمادي وهو ما عزز من نظرية حول وجودي في يد العم سام.ثم سحب غطاء العينين إلى الأسفل. وكنت أسمع كل الوقت أصوات محركات الطائرات القوية ، واعتقدت بشدة أن هناك بعض الطائرات تهبط وأخرى تقلع. وشعرت بأن طائرتي تقترب. ولم أتذكر أكثر من ذلك. لكنني أتذكر أن المرافق أمسك بي من الشاحنة ولم تكن هناك أي مسافة تفصلها عن سلم الطائرة. لذلك كنت متعبا ومريضا فلم أستطع المشي لذلك أجبر مرافقي على حملي إلى أعلى كجسد ميت..".
وداخل الطائرة - يختم ولد صلاحي - كان الجو باردا جدا. ووضعت على أريكة وقيدني الحراس ، أصبحت تقريبا مثل البلاط.
يتواصل