حذر قائد الأركان العامة للجيوش الموريتانية، الفريق محمد بمبه مكت، أمس، من «ضخامة الخطر الذي تمثله المجموعات الإرهابية المسلحة في الساحل الإفريقي وهو التهديد الذي يتجه ليشمل بقية مناطق العالم».
جاء ذلك في سياق مداخلة له نقلت افتراضياً أمام الاجتماع الثالث عشر لقادة أركان جيوش دول مبادرة 5+5 دفاع، التي ترأسها موريتانيا حالياً.
وقال «إن هذه المجموعات تعيد تنظيمها باستمرار، وتتكتل وتنشئ إمارات يتمدد نشاطها في كامل منطقة الساحل، كما تقوم بالتنسيق مع مجموعات متطرفة نشطة، في بلدان أخرى من القارة، وتستفيد من شبكات التهريب والمخدرات وهشاشة ساكنة المناطق الحدودية».
وأضاف: «إنه على مبادرة 5+5 دفاع أن تتابع وتعزز رؤيتها في المديين القصير والطويل، عبر الاطلاع المستمر على الوضع الأمني في شريط الساحل والصحراء، حيث إن المجموعات الإرهابية لا تزال ناشطة، وتبرهن على قدرتها على التأقلم وإلحاق الضرر».
وأشار «إلى أن الجريمة المنظمة العابرة للحدود تمثل إحدى أكبر انشغالات دولنا، لما يترتب عليها من مخاطر عديدة ومتنوعة، وهي تجد حاضنة لها في أنشطة متعددة، كالمتاجرة بالمخدرات والأسلحة والبشر والقرصنة وتبييض الأموال» مشيراً إلى «أن بروز هذه التحديات الأمنية يتطلب تقييماً مستمراً للوضع، وتنشيط التعاون بين جيوش الدول العشر للمبادرة، وخاصة على مستوى التكوين وتبادل المعلومات والاستخبارات».
وخلص قائد الأركان الموريتاني «إلى القول إن موريتانيا وبموجب موقعها الجيو- استراتيجي الهام بالنسبة للأمن في منطقة الساحل والصحراء، قد تبنت مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب ومختلف أنواع الجريمة، مبنية على عصرنة القوات المسلحة عبر تحسين معداتها وتطوير قدراتها العملياتية، وتفكيك شبكات التهريب والمتاجرة بالمخدرات، وتطوير سياسة الانفتاح والحكامة الرشيدة، وتجفيف مصادر تمويل الإرهاب، وقوننة التعامل مع هذه الظاهرة، وزيادة المراقبة على الحدود والتعاون على المستويين الجهوي والدولي».
وأكد قائد الأركان العامة للجيوش في كلمة بالمناسبة أن هذا الاجتماع يمثل أكبر دليل على الأهمية البالغة التي توليها جيوش الدول الأعضاء في مبادرة 5+5 دفاع، للتعاون، كما يبرهن على التزامها الثابت بالعمل معاً لمواجهة التحديات المرتبطة بالأمن في محيط غرب المتوسط.
وأضاف أن المبادرة اتخذت منذ انطلاقها في كانون الأول/ ديسمبر2004 بعداً ملموساً وعملياً، تجسد في تنظيم الكثير من التمارين العسكرية والندوات والدروس والاجتماعات في مختلف المجالات، كالرقابة البحرية والأمن الجوي والحماية المدنية والتكوين والبحث، فضلاً عن تنفيذ مشاريع جامعة، تهدف إلى تسهيل مشاركة التجارب والمعارف بين دول المجموعة على أساس روابط تطبعها الثقة والاحترام المتبادل والشفافية بين جيوشها. وقال قائد الأركان العامة للجيوش إن هذه المبادرة نفذت في أقل من 18 سنة، العديد من المشاريع المشتركة كان من أهمها المشروع الجزائري الإسباني، كلية 5+5 دفاع، ومركز تنسيق وتخطيط العمليات، والمركز الجهوي لنزع الألغام والمتفجرات من مخلفات الحروب، والموقع الإلكتروني 5+5، ومركز البحث والإنقاذ، ومشروع مكافحة حوادث التلوث البحري والمركز الأورومغاربي للبحث والدراسات الاستراتيجية.
وأوضح أنه ومن خلال تنفيذ هذه النشاطات العملية وبفضل تبادل الأفكار والتجارب، تستمر الشراكة ويتعزز التفاهم والثقة المتبادلين، من أجل مواجهة مشاكل الأمن في فضاء 5+5.
وثمن الدور المتزايد لكلية 5+5 دفاع كأداة لتطوير التفاهم المشترك والتبادل في مجال الأمن منذ استحداثها سنة 2007 حيث وفرت تكويناً لما يناهز 500 متدرب من الدول العشر الأعضاء وذلك رغم الإكراهات والقيود التي نجمت عن جائحة كوفيد-19 في العامين الأخيرين.
وقال إن نتائج الدراسات والبحوث العديدة في مجالات محورية، كالهجرة غير الشرعية وتأمين حدود فضاء 5+5 والرهانات المرتبطة بالتغيرات المناخية والإرهاب في دول الساحل والأمن السيبراني في فضاء 5+5 دفاع، برهنت على المستوى الرفيع للتعاون في هذا المجال الخاص، وتظهر الدور المحوري لنشر المعرفة والإلمام بالإشكالات الأمنية في فضاء 5+5.
ونبه قائد الأركان العامة للجيوش إلى أن مخطط العمل الخاص بمبادرة 5+5 دفاع لسنة 2021 يشمل 51 نشاطاً، نفذت منها 32، وتم إلغاء 5 و14 أخرى قيد التنفيذ، مشيراً إلى أن موريتانيا أنجزت أربعة أنشطة مبرمجة ضمن هذا المخطط، كما أن التحضيرات جارية لتنظيم الاجتماع الثالث والثلاثين للجنة التي تتولى إدارة أعمال المجموعة، والاجتماع الوزاري السادس عشر.
وذكر أن مسودة مخطط العمل لسنة 2022، التي تضم 48 نشاطاً جاهزة، وهي تعكس إصرار جيوش دول المجموعة على التبادل والتعاون في مختلف المجالات، مؤكداً دعم موريتانيا لمخطط العمل 2022.
ويهدف هذا اللقاء، المنظم عبر تقنية الاتصال المرئي، إلى تعزيز الأمن في منطقة غرب المتوسط من خلال مجالات تدخل المبادرة التي تشمل الأمن البحري والسلامة الجوية ومشاركة القوات المسلحة في دول المجموعة في مكافحة وتسيير الأزمات والبحث والتكوين في المجالات ذات الصلة بتدخلات المجموعة، التي تضم بالإضافة إلى موريتانيا كلاً من الجزائر والمغرب وتونس وليبيا عن الضفة الجنوبية وفرنسا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا ومالطا من الضفة الشمالية.
عبد الله مولود
نواكشوط ـ «القدس العربي»