أعاد ظهور متحور جديد لفيروس كورونا في جنوب أفريقيا، العالم إلى التأهب بعد أشهر من الانفراج النسبي المدفوع بارتفاع أعداد الذين تلقوا اللقاح ضد الفيروس حول العالم. وقررت دول أوروبية عدة الجمعة تعليق الرحلات الجوية من جنوب أفريقيا، بينما فرضت بلدان أخرى بينها اليابان حجرا صحيا.
الفيروس يحوي عددا من الطفرات القادرة على اختراق جهاز المناعة ولا يقين من فعالية اللقاحات
وأعلن عن اكتشاف المتحورة الجديدة التي قد تكون معدية جدا في جنوب أفريقيا الخميس. كما أعلن عن رصد إصابة أولى بها في أوروبا في بلجيكا، وكذلك في إسرائيل.
وعلى الرغم من توصيات منظمة الصحة العالمية التي نصحت بعدم فرض قيود على السفر، حظرت بريطانيا، وفرنسا، وهولندا الرحلات الجوية من جنوب أفريقيا وخمس دول مجاورة لها. كما أوصى الاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء بتعليق الرحلات من أفريقيا الجنوبية وإليها. واعتبرت حكومة جنوب أفريقيا القرارات «متسرعة».
وتشكل هذه الإجراءات ضربة جديدة للسياحة قبل الصيف الجنوبي مباشرة عندما تكون حدائق الحيوانات والفنادق ممتلئة عادة.
وقالت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور في بيان: «قلقنا الفوري هو الضرر الذي سيلحقه هذا القرار بالصناعات السياحية والشركات» . واتخذت دول أخرى إجراءات مماثلة بينها البرازيل والمغرب والأردن.
وكانت إيطاليا منعت أي شخص زار جنوب أفريقيا من دخول أراضيها الجمعة في الأيام الـ14 الماضية . وفي آسيا أعلنت سنغافورة حظرا مماثلا يبدأ تطبيقه الأحد باستثناء مواطنيها والمقيمين فيها.
وفي ألمانيا، حيث تجاوز عدد الوفيات عتبة 100 ألف الخميس، لن يُسمح إلا للمواطنين الألمان بالعودة من جنوب أفريقيا اعتبارا من مساء الجمعة وشرط احترام الحجر الصحي لمدة 14 يوما، حتى لو كانوا ملقحين. كما أصدرت أورسولا فون دير لاين، رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، تحذيراً عاجلاً بشأن انتشار المتحور الجديد، معربةً عن قلقها من أنه يمكن أن ينتشر في جميع أنحاء العالم في غضون بضعة أشهر.
وأعلن متحدث باسم منظمة الصحة العالمية الجمعة أن فهم مستوى انتقال وشدة المتحورة الجديدة لفيروس كورونا يحتاج إلى «أسابيع عدة» .
وقال كريستيان ليندماير خلال مؤتمر صحافي دوري لوكالات الأمم المتحدة إن خبراء من منظمة الصحة العالمية مكلفين بمراقبة التطورات في فيروس كورونا اجتمعوا، الجمعة، لتحديد ما إذا كان ينبغي تصنيف المتحورة على أنها «مقلقة» أو «يجب مراقبتها» .
وبالفعل صنفت المنظمة المتحورة الجديدة «مقلقة»، وأطلقت عليها اسم «أوميكرون» . وقالت مجموعة الخبراء المكلفة متابعة تطور الوباء: «تم إبلاغ منظمة الصحة العالمية عن المتحورة بي.1.1.529 لأول مرة من قبل جنوب أفريقيا في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2021 (…). تحتوي هذه المتحورة على عدد كبير من الطفرات، بعضها مقلق» .
أما الوكالة الأوروبية للأدوية، فقالت، الجمعة، إنه من «السابق لأوانه» التخطيط لتكييف اللقاحات مع المتحورة الجديدة لفيروس كورونا التي اكتشفت في جنوب أفريقيا. وحتى الآن سجلت 22 إصابة بالمتحورة الجديدة لكوفيد معظمها لدى شباب، حسب المعهد الوطني للأمراض المعدية في جنوب أفريقيا.
وسجلت إصابات في بوتسوانا وإصابة في هونغ كونغ لشخص عائد من رحلة إلى جنوب أفريقيا. وأعلنت إسرائيل عن إصابة بالمتحورة الجديدة «لشخص عاد من ملاوي»، حسب وزارة الصحة التي تحدثت عن «حالتين أخريين لأشخاص عادوا من الخارج» ووضعوا في الحجر. وقالت وزارة الصحة في بيان إن هؤلاء الثلاثة تم تطعيمهم ضد كوفيد-19 من دون تحديد عدد الجرعات أو نوع اللقاح.
وفي هذه المرحلة يبدو العلماء في جنوب أفريقيا غير متأكدين من فعالية اللقاحات الموجودة ضد الشكل الجديد للفيروس.
وقال عالم الفيروسات توليو دي أوليفييرا في مؤتمر صحافي في وزارة الصحة في جنوب أفريقيا إن المتحورة الجديدة تنطوي على عدد «كبير جدا» من الطفرات «ويمكننا أن نرصد إمكان انتشارها بسرعة كبيرة» .
ويفيد علماء أنّ المتحورة «بي.1.1.529» تحمل ما لا يقل عن 10 نسخ مختلفة في مقابل نسختين للمتحورة دلتا. ويمكن أن يؤدي تحول الفيروس الأولي إلى جعله أكثر قابلية للانتقال إلى درجة تجعل المتحورة سائدة.
وقال البروفيسور ريتشارد ليسيلز إن «ما يقلقنا هو أن هذه المتحورة قد لا تكون لديها قدرة انتقال متزايدة فحسب، بل قد تكون قادرة على اختراق أجزاء من جهاز المناعة لدينا».
وحصل نحو 54 % من سكان العالم على جرعة واحدة على الأقل من لقاح مضاد لكوفيد-19، لكن تلقى 5.6 ٪ فقط في البلدان المنخفضة الدخل اللقاح حسب موقع «اور وورلد إن داتا» . وفي جنوب أفريقيا الدولة الأكثر تضررًا في القارة تم تطعيم 23.8 % من السكان بشكل كامل.
وامتد أثر الصدمة التي أثارها ظهور المتحور الجديد إلى الأسواق العالمية، إذ فقد المؤشر الأمريكي «داو جونز» أكثر من 1000 نقطة خلال التعاملات المبكرة الجمعة، أي تراجع بنسبة 2.72% وهو أدنى مستوى منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حسب تتبع البيانات التاريخية.
كما شهدت الأسهم الأوروبية تراجعا حادا، إذ أنهى المؤشر ستوكس 600 التعاملات منخفضا 3.7 % ليسجل أسوأ أداء يومي منذ يونيو/ حزيران 2020. كما عمق المتحور الجديد خسائر النفط الخام في الأسواق العالمية، لتتراجع بأكثر من 11.3 % في التعاملات المسائية.