حديث النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي منصور عباس حول يهودية دولة إسرائيل حيث قال: “إن إسرائيل دولة يهودية وستبقى كذلك…الشعب اليهودي قرر أن يقيم دولة يهودية. هكذا وُلدت وهكذا ستبقى” ليس الأول من نوعه بل يضاف إلى تصريحات ومواقف تنسجم مع الرواية الصهيونية وتشكك بالرواية الفلسطينية، والخطورة في الأمر أنه يُعَبر عن موقف ورؤية التيار الإسلامي في أراضي 48 وخصوصاً الحركة الإسلامية في الجنوب التي انتخبت منصور عباس وصيَّرته رئيس قائمة في الكنيست.
هذه المواقف صهيونية أكثر من صهيونية اليهود أنفسهم فهناك يهود كثيرون لا يؤمنون بالصهيونية ولا بيهودية الدولة، كما أن غالبية دول العالم وإن كانت تعترف بدولة إسرائيل إلا أنها لم تعترف بيهوديتها نظرا لحساسية الموضوع ودلالته العنصرية ولأنه يؤثر على فرص أية تسوية سياسية قادمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما أن هذه المواقف المتصهينة ستؤثر بشكل خطير على فلسطينيي الخط الأخضر في الداخل الفلسطيني، كما تأتي في وقت تشتد فيه الهجمة الصهيونية الاستيطانية والتهويدية في كل مناطق الضفة الغربية، وقطعان المستوطنين يعربدون في القرى والبلدات بحماية جيش الاحتلال كما هو حاصل هذه الأيام في القدس وحي الشيخ جراح وفي بلدة برقة .
مع أن الشخص المذكور معروف بسعيه للشهرة والتقرب للمؤسسة الرسمية الصهيونية لتحقيق مصالح شخصية إلا أن انتمائه لحركة إسلامية يدفعنا للربط بين موقفه وموقف حركته الإسلاموية مع موقف مئات الحركات الإسلاموية السياسية المتطرفة المنتشرة في العالم كالقاعدة وداعش والنصرة وأنصار بيت المقدس الخ، التي تقاتِل وتقتٌل من المسلمين أكثر بكثير من قتلها وقتالها لغير المسلمين وتهدم وتخرب دولاً عربية ولكنها لم تقاتل يوماً من أجل فلسطين أو ترسل (استشهادياً) واحدا ًإلى فلسطين أو تهاجم سفارات أو مؤسسات إسرائيلية عبر العالم أو حتى تستنكر ما يجري في فلسطين والقدس، وكأن القدس والمسجد الأقصى أمر لا يعنيهم وليس موضوعا على أجندتهم (الجهادية).
هذا الأمر يثير كثيراً من التخوفات حول تغلغل الفكر الصهيوني إلى داخل بعض الجماعات التي تنسب نفسها للإسلام زورا والإسلام والمسلمون براء منها، وقد يكون لهذه الجماعات تفسير ديني منحرف أو رؤية دينية خاصة بها حول اليهود وعلاقتهم بفلسطين يختلف عن موقف غالبية المسلمين، وإن لم يكن الأمر كذلك فقد يكون الكيان الصهيوني والغرب خصوصا أمريكا اخترقوا هذه الجماعات، إن لم يكن صنعوها، للقيام بهذا الدور الخياني والتآمري سواء تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية أو بمجمل الأوضاع في المنطقة وخصوصا دورهم التخريبي فيما يسمى(الربيع العربي).
أقوال المدعو منصور عباس حول يهودية دولة إسرائيل لا تختلف عن المعتقدات الصهيونية نفسها لأن تعريف الحركة الصهيونية لنفسها وكما تعرفها القواميس السياسية إنها حركة سياسية يهودية تؤمن بأن اليهود أمة وأن فلسطين هي إسرائيل وان من حق الشعب اليهودي العودة لها وأن إسرائيل دولة يهودية، وبالتالي فإن كل من يؤمن بهذا الاعتقاد أو الفكر يصبح صهيونيا حتى وإن لم يكن يهوديا، بل وحتى إن كان فلسطينيا.
الصهيونية بهذا المعنى تجاوزت اليهود إلى بعض التيارات والمذاهب المسيحية، فكانت الصهيونية المسيحانية وهي كل من يؤمن من المسيحيين بهذه المعتقدات الصهيونية، وفي الفترة الأخيرة هناك إرهاصات الصهيونية العروبية أو العرب المتصهينين وملامحها برزت من خلال اتفاقات التطبيع الأخيرة مع إسرائيل و(اتفاقات السلام الإبراهيمي) التي أشرف عليها الرئيس الأمريكي ترامب. فهل سنكون أمام ظاهرة جديدة تسمى (الصهيونية الإسلاموية)؟!!!.