يقدم بحث جديد دليلًا على أن الخجل يرتبط بتقليل التقليد السلوكي من خلال زيادة التركيز على الذات أثناء التفاعلات الاجتماعية الجديدة، بحسب ما نشره موقع PsyPost نقلًا عن دورية Research in Personality.
وقالت الباحثة بروفيسور كريستي بول، أستاذة علم النفس بـ”جامعة واترلو”: “يُعتقد أن التقليد السلوكي – النسخ التلقائي لأفعال الآخرين – قابل للتكيّف لأنه يشير إلى الاهتمام الاجتماعي ويزيد من الإعجاب بين الأشخاص ويسهل التفاعلات الاجتماعية السلسة”.
التفاعلات الاجتماعية الجديدة
وأضافت بروفيسور بول أنه “نظرًا لأن الأفراد الخجولين يميلون إلى الشعور بالعصبية أثناء التفاعلات الاجتماعية الجديدة، أراد فريق الباحثين القيام بفحص ما إذا كان الأشخاص الخجولين أقل عرضة لهذا السلوك الاجتماعي التكيفي، بالإضافة إلى الآليات التي يمكن أن تفسر هذه العلاقة.”
وشارك 150 طالبًا جامعيًا في جلسة عبر منصة زووم مسجلة مع أحد الباحثين، والذي قام بطرح سلسلة من خمس أسئلة موحدة وأداء سلوكًا مخططًا له بشكل مسبق أثناء طرح كل سؤال. ولإخفاء الهدف الحقيقي للدراسة، تم إخبار المشاركين أنها تهدف لبحث كيفية ارتباط سمات الشخصية بتصورات المنصات عبر الإنترنت.
تركيز أعلى على الذات
وأكمل المشاركون بعد ذلك تقييمًا للانتباه الذي يركز على الذات، حيث أبلغوا عن مدى موافقتهم أو عدم موافقتهم على عبارات مثل “كنت أركز على ردود أفعالي الداخلية” و”كنت أركز على الانطباع الذي كنت أتركه الشخص لدى الآخر.”
وبعد ترميز الجلسات المسجلة عبر منصة زووم بشكل منهجي، اكتشف الباحثون أن 42% من المشاركين قاموا بتقليد الباحث مرة واحدة على الأقل. يميل المشاركون ذوو المستوى الأعلى من الخجل أيضًا إلى الإبلاغ عن مستوى أعلى من التركيز الذاتي أثناء الجلسة، علاو على أنهم كانوا أقل عرضة لإظهار التقليد السلوكي.
نبضات القلب المتسارعة
وصرحت بروفيسور بول لموقع PsyPost قائلة إن “الدراسة توصلت إلى أن الطلاب الجامعيين أصحاب المستويات الأعلى من الخجل كانوا أقل عرضة لتقليد سلوكيات المجرب أثناء التفاعل الاجتماعي عبر الإنترنت وهو ما تم تفسيره من خلال المستويات المرتفعة من التركيز الذاتي أثناء التفاعل”.
وأوضحت بروفيسور بول أن تفسير هذه النتيجة “على أنها تشير إلى أن الأفراد الخجولين ربما يركزون انتباههم على الداخل أثناء التفاعلات الاجتماعية الجديدة (على سبيل المثال، التركيز على نبضات قلبهم المتسارعة)، مما يمكن أن يعيق الاهتمام الذي يجب أن يُولى للشريك الاجتماعي، ويلعب في نهاية المطاف دورًا في تقليل احتمالية أن ينخرطوا في محاكاة سلوكية”.
التفاعلات غير المألوفة
واستطردت بروفيسور بول قائلة إن “الدراسة بحثت العلاقات بين الخجل والانتباه الذاتي والتقليد السلوكي خلال تفاعل اجتماعي غير مألوف. إن الاتجاه المستقبلي المثير للاهتمام هو فحص ما إذا كان نمط مماثل من النتائج يتكشف في سياق التفاعلات مع الآخرين المألوفين مثل الأصدقاء أو العائلة. نظرًا لأن الأفراد الخجولين يميلون إلى الشعور بالعصبية، لا سيما أثناء التفاعلات الاجتماعية الجديدة، فمن المحتمل ألا يتم زيادة الانتباه الذي يركز على الذات أثناء التفاعلات المألوفة، مما يعني أن التقليد السلوكي ربما لا يتأثر في هذا السياق”.
“تأثير الحرباء”
وأضافت بروفيسور بول أنه تم قياس “التقليد السلوكي خلال سياق اجتماعي نشط، بالنظر إلى أن المشارك كان متوقعًا وطُلب منه الرد على أسئلة الباحث”، موضحة أن فريق الباحثين افترض “أنه في السياقات الاجتماعية الأكثر سلبية حيث يمكن للفرد أن يلعب دورًا ملاحظًا، ربما يكون الخجل مرتبطًا بمزيد من التقليد السلوكي كوسيلة للاندماج مع البيئة الاجتماعية والبقاء بعيدًا عن دائرة الضوء، حيث أشار بعض الباحثين السابقين إلى وظيفة المزج لمحاكاة السلوك على أنها “تأثير الحرباء”.