بعد يومين يحل الأجل الذي اتفقت عليه وزارة الداخلية الموريتانية مع الأحزاب السياسية لاستكمال التشكيل المتناصف بين الموالاة والمعارضة للجنة المستقلة للانتخابات، دون أن تتفق الأطراف على تسمية هذه اللجنة التي يتوقف على تشكيلها، التنظيم المجمع عليه للاستحقاقات النيابية والجهوية والبلدية المنتظرة في شهر فبراير/ شباط من العام المقبل.
واتفقت الأحزاب على تسمية وتنصيب اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات الجديدة قبل 31 أكتوبر 2022، لتمكينها مـن التحضير “الجيد والمبكر والتشاركي للانتخابات المقبلة تمهيدا لتنظيمها لاحقا”.
ويؤكد التأخير الكبير الذي حصل في الاتفاق على تسمية هذه اللجنة، وجود خلافات بين أطراف المشهد حول أعضائها، بعد أن انثار جدل كبير حول المواصفات التي تجب مراعاتها في الأعضاء، وهل يجب أن يكون العضو سياسيا بحتا أم فنيا بحتا أو هما معا.
وبادرت الحكومة الموريتانية الخميس لتؤكد على لسان الناطق باسمها الوزير الناني ولد اشروقه “أن العمل جار ومتقدم بين الأحزاب السياسية ووزارة الداخلية للاتفاق على أعضاء اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات”.
وأوضح الوزير في المؤتمر الصحافي الأسبوعي للحكومة “أن تشكيل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات مسألة توافقية وأن الوقت الذي حٌدد لذلك لم يحن بعد”.
وفي تصريح علق فيه على قضية تشكيل اللجنة الانتخابية، قال رئيسها المستقيل الوزير محمد فال بلال “إذا لم تتفق الأحزاب السياسية على لجنة فكل ساحة تحتاج إلى حكم، وينبغي العودة إلى ذلك الحكم، وهذا الحكم في كل بلدان العالم هو رئيس الجمهورية الذي تتمثل فيه الجمهورية بكافة قواها قانونيا ودستوريا وإلى آخره، لذا ينبغي العودة إليه والرجوع إليه”.
وأضاف “رئيس الجمهورية مسؤول عن تسيير مؤسسات الدولة وهذه مؤسسة من مؤسسات الدولة والأهم هو الحوار والبحث عن حلول مشتركة ووفاق بكل الوسائل والطرق الممكنة إذا حصل فذلك يحسب لنضج الطبقة السياسية ولإخلاصها ولخدمتها للوطن، وإذا لم يحصل لأي سبب كان، فرئيس الجمهورية بصفته المسؤول عن تسيير المؤسسات الدستورية ومؤسسات الدولة يأخذ مسؤولياته ويقترح لجنة لتباشر العمل والمطلوب منها هو الحصول على تزكية من خلال أدائها وعملها”.
وبخصوص الخلاف حول اختصاص حكماء اللجنة وهل يجب أن يكونوا سياسيين أم فنيين، قال ولد بلال “ينبغي الخلط بين الإثنين، المهم بالنسبة للجنة هو أن تكون محل ثقة على مستوى الطيف السياسي، بداية الفكرة أصلا أتت من أصل بسيط جدا وهو أن العملية الانتخابية عملية تعني الأحزاب السياسية، وما دامت هذه قضيتهم دعوهم هم من يسيرها ويؤطرونها كما يحلو لهم المهم هو رضاهم عن العملية الانتخابية وعن ظروف تنافسهم”.
وأضاف ولد بلال “لكن يبقى أنه من مصلحة الأحزاب أن تختار ذوي الخبرة؛ فعملية الانتخابات صارت الآن مادة تدرس في الجامعات، يعني قد تكون حائزا على دكتوراه في أي فن من الفنون ولا تعرف ماهي اللائحة الانتخابية وما هو السجل الانتخابي وما هو المحضر وكيف يملأ وما هو المستخرج.. إلى آخره، إذا لا بد للأحزاب السياسية أن تختار ولكن تختار من بين ذوي الخبرة والاعتدال وذوي الضمير”.
وفي إطار الانشغال بتشكيل اللجنة، دعا حزب التحالف الشعبي التقدمي المعارض إلى “تشكيل كتلة قوية لحماية استقلالية اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات باعتبارها الضمان الوحيد لقطع الطريق أمام محاولات التزوير”.
وأكد الحزب في بيان له الخميس “أن هناك جهات تعمل على تدمير مصداقية الانتخابات وتجريدها من كل صفات الشفافية والقضاء على كل أمل في التغيير”، على حد تعبيره.
وتحدث الحزب “عن ظهور بعض الأصوات الشاذة الساعية إلى إفشال التوافق السياسي الذي تم التوصل إليه قبل شهر”.
وقدمت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات استقالتها قبل أسبوعين بعد الاتفاق الذي وقعته الأحزاب السياسية مع الحكومة أواخر شهر سبتمبر الماضي بشأن التحضير التشاركي للاستحقاقات القادمة.
واتفقت الأطراف على أن تتولى اللجنـة الانتخابية بعد تنصيبها تحديد آجال الانتخابات بالتشاور مع الحكومـة والأحزاب السياسية، مع مراعاة الظروف المناخية من حيث موسم الأمطار وارتفاع درجات الحرارة.
عبد الله مولود
نواكشوط- “القدس العربي”