تربط المغرب وموريتانيا عدة اتفاقيات للتعاون لاسيما في مجال الوقاية والمكافحة الفعالة للجرائم المنظمة والعصابات الإجرامية والإرهاب والجرائم المرتبطة بالمخدرات والاتجار غير المشروع بالأسلحة.
وفي هذا الإطار، التقى الفريق أول محمد بريظ المفتش العام للقوات المسلحة الملكية المغربية بنظيره الموريتاني قائد الأركان العامة للجيوش الفريق المختار بله شعبان، في زيارة يشير توقيتها إلى رغبة في التنسيق والتعاون المشترك لضبط وحماية الحدود، بعد التفجيرات التي استهدفت مدينة السمارة المغربية واعترفت جبهة البوليساريو بالمسؤولية عنها.
وعقد الجانبان جلسة عمل للمشاركة في أعمال الاجتماع الرابع للجنة العسكرية المشتركة الموريتانية المغربية التي تعقد اليوم الخميس في نواكشوط، وناقش الطرفان “التعاون العسكري والأمني وقضايا تهم أمن واستقرار المنطقة”.
وذكر بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية أن هذا الاجتماع يهدف إلى تعزيز التعاون العسكري الثنائي في مختلف مجالات التكوينات والتدريبات المشتركة .
وأشاد المفتش العام للقوات المسلحة الملكية خلال الاجتماع بجودة التعاون المغربي الموريتاني وحصيلته الإيجابية في مجال الأمن والدفاع، مشددا على ضرورة تعزيز تبادل التجارب والخبرات بين القوات المسلحة في البلدين، والمساهمة بالتالي في إرساء الأمن والاستقرار بالمنطقة.
وشكل الاجتماع مناسبة للطرفين للبرمجة المشتركة للأنشطة لعام 2024 .حيث يستند التعاون العسكري بين المغرب وموريتانيا إلى مذكرة التفاهم التي تم بمقتضاها إحداث اللجنة العسكرية المختلطة من أجل تعزيز العلاقات الثنائية في مجال الدفاع.
وربط محللون بين الزيارة وتفجيرات مدينة السمارة التي خلفت مقتل شابا عشرينيا وجرح ثلاثة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة وتبنتها جبهة البوليساريو، ووصفها الممثل الدائم للمغرب بالأمم المتحدة عمر هلال بـ”العمل الإرهابي وتوعد المتورطين فيها”.
ويرى محمد الغالي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش أن “الزيارة تدخل في إطار علاقات التعاون والشراكة التي تربط بين المملكة المغربية ودولة موريتانيا”، مبرزا أن هذا التعاون يشمل كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية والعسكرية”.
وأضاف الغالي أن “سياق الزيارة يأتي بعد الأحداث التي عرفتها مدينة السمارة، وهي أحداث إرهابية تتعلق بتسربات للحدود المشتركة”.
وأكد في الوقت نفسه على أن ”الزيارة من دون شك، ستؤكد مرة أخرى على مقاربة ضبط الحدود وحمايتها من كل الأطراف التي تحاول أن تستغل الوضع وتقوم بهذا النوع من الأعمال الإرهابية لإدخال المنطقة في نوع من اللااستقرار، وهو ما ليس في صالح المنطقة، على اعتبار أن علاقة الشراكة والتعاون من أولوياتها ضبط الحدود ومنع كل أشكال الجريمة التي يمكن أن تؤثر على الأشخاص والأموال”.
ويأتي هذا اللقاء في وقت تشهد فيه العلاقات المغربية الموريتانية نوعا من الاستقرار الذي تجسد عبر جملة من الزيارات المتبادلة لأعضاء حكومتي البلدين وانعقاد سلسلة من الاجتماعات الرفيعة المستوى التي تُعنى بالشأن العسكري والأمني والسياسي والاقتصادي والثقافي والرياضي.
كما يتزامن الاجتماع مع مجموعة من المستجدات على مستوى منطقة الساحل والصحراء، بالإضافة للتطورات على مستوى الإقليمي، لاسيما جلسة مجلس الأمن الدولي حول الصحراء واعتماد قرار المجلس رقم 2703.
وقال الغالي أن “الزيارة بالنظر إلى توقيتها، فهي زيارة مهمة وتؤكد على استراتيجية التعاون بين المملكة المغربية وموريتانيا في مختلف المجالات، ومن جانب آخر تؤكد بأن مجابهة كل المخاطر يحتاج إلى تضافر وتعاضد مجهودات كل البلدان المعنية خاصة المغرب وموريتانيا، بالنظر إلى الدور الذي يمكن أن تعلبه الدولتان في تحقيق الأمن والاستقرار بمنطقة شمال إفريقيا، لاسيما أن موريتانيا لها حدود مع مالي الأخيرة لها حدود مع دول إفريقيا تعرف توترات كبيرة”.
واعتبر أنه إذا لم يتم ”التضافر وتنسيق الجهود فإن المخاطر لن تبقى على مستوى مناطق معزولة أمنية ولكن يمكن أن تشكل تهديدا لأمن وسلامة المواطنين على مستوى داخل كل دولة من هاتين الدولتين “.
وذكرت مصادر دبلوماسية موريتانية رفيعة المستوى، أن الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني وجه وزير خارجيته لمباشرة إجراءات فتح قنصلية عامة لبلاده في الدار البيضاء، وأكدت المصادر أن التمثيلية الدبلوماسية الموريتانية الجديدة ستباشر مهامها خلال الأيام المقبلة، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن هذه الخطوة تأتي في سياق التحسن المستمر في العلاقات المغربية الموريتانية منذ وصول الغزواني إلى الحكم، إذ اتخذ الطرف الموريتاني مجموعة من الخطوات في اتجاه إعادة الدف للعلاقات بين البلدين الجارين.
وعبرت نواكشوط، في مناسبات عديدة، عن حرصها على تعزيز العلاقات مع المغرب وتطوير علاقات التعاون بين البلديْن بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين المغربي والموريتاني. باعتبار أن المغرب شريك قوي واستراتيجي في الجهود الإقليمية والدولية الرامية لتوطيد الأمن ورفع التحديات الأمنية ومواجهة المخاطر الإرهابية.