نقلت مجلة “نيوزويك” الأمريكية تقريرا بعنوان “الآلاف من الديمقراطيين في تكساس يوقعون على عريضة للانفصال عن الولايات المتحدة“. ونقل التقرير عن رئيس “حركة تكساس” القومية دانييل ميلر قوله إن عشرات الآلاف من أعضاء الحزب الديمقراطي يؤيدون انفصال ولاية تكساس عن الولايات المتحدة الأمريكية.
وبحسب التقرير فقد أصبح ميلر، كزعيم للحركة الأوسع المعروفة باسم “تكسيت” (خروج تكساس) “Texit”، أكثر جرأة تجاه حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت وغيره من المسؤولين على مستوى الولاية في ضوء معركة الولاية مع الحكومة الفيدرالية حول كيفية تأمين الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك لمواجهة الهجرة غير النظامية.
وذكر التقرير أنه بعد كتابة رسالة إلى أبوت في يناير/ كانون الثاني “لاحترام رغبات الناخبين”، والدعوة إلى جلسة خاصة في الهيئة التشريعية في تكساس و”طرح مسألة انفصال تكساس للتصويت”، قام ميلر وآخرون يؤيدون الانفصال بزيارة مكتب أبوت في 13 فبراير/ شباط، لتقديم أكثر من 170 ألف توقيع شخصي – كجزء من جهد تشريعي لوضع المبادرة في الاقتراع الأولي للحزب الجمهوري في الولاية.
بحسب رئيس حركة تكساس القومية فإن أعدادا متساوية تقريبا من الجمهوريين والديمقراطيين في الولاية يؤيدون على حد سواء الانفصال
وأكد ميلر أن من بين أكثر من 170 ألف توقيع، كان هناك 139456 توقيعًا لمقدمي الالتماسات من الجمهوريين. أما الباقون فكانوا من الديمقراطيين، وقال ميلر لهم: “سنجري محادثة مختلفة تمامًا [في جميع أنحاء الولاية]” إذا كان المزيد من الديمقراطيين يدعمون اتخاذ إجراء أسرع.
وبحسب رئيس حركة تكساس القومية فإن أعدادا متساوية تقريبا من الجمهوريين والديمقراطيين في الولاية يؤيدون على حد سواء الانفصال، لأنهم يدركون أن القضية أكبر من الخلافات الحزبية التي اعتادوا عليها.
وأكد “ما رأيناه بشكل ثابت إلى حد ما هو أن أعدادًا متساوية تقريبًا من الديمقراطيين والجمهوريين [يؤيدون الانفصال]: أكثر من 60 بالمائة من جميع الناخبين و66 بالمائة في المتوسط – هؤلاء الناخبون الديمقراطيون يقفز عددهم ويدعمون قضية تكساس لأنهم ببساطة يدركون أن “القضية الأساسية لا تتناسب مع الخلافات الحزبية الطبيعية التي اعتدنا عليها”.
واعتبر ميلر “أن العلاقة الآن مقطوعة بين ولاية تكساس والحكومة الفدرالية، لكنه يعلم بأن نجاح استفتاء الانفصال لن يصبح واقعا بسهولة”، وصرح ميلر للمجلة بأن ذلك “سيحدث بنسبة 100% خلال العقود الـ3 المقبلة”.
وأكد ميلر بأن “قضية الهجرة غير النظامية لا تشكل السبب الوحيد المحفز على الانفصال، برغم أهميتها، إذ إن هناك عوامل مهمة أخرى بينها الاقتصاد، ودفع مبالغ زائدة للنظام الفدرالي، وهي عوامل تدفع سكان تكساس إلى المضي قدما في مشروعهم”.
وتشهد الولايات المتحدة أزمة غير مسبوقة تتعلق بالمهاجرين غير النظاميين، الذين لا يتوقف وصولهم وعبورهم للحدود الجنوبية للولايات المتحدة مع المكسيك بمعدلات قياسية، حيث بلغ إجمالي من دخل الأراضي الأمريكية خلال ديسمبر/كانون الأول فقط 300 ألف شخص، أي بمعدل يقترب من 10 آلاف مهاجر يوميا.
ومع فشل الإدارات الأمريكية المتعاقبة، الجمهورية منها والديمقراطية، في التعامل مع ملف الهجرة، لجأت الولايات الحدودية الـ4، كاليفورنيا، أريزونا، نيو مكسيكو، وتكساس، إلى إجراءات منفصلة لمواجهة هذه الأزمة.
ولجأت ولاية تكساس، وبمبادرة من حاكمها الجمهوري غريغ أبوت، لنص دستوري قديم يحمل في طياته تعقيدات قد تدفع لمواجهات بين الحرس الوطني للولايات (جيش الولاية ذي التسليح الخفيف) وعناصر أجهزة الهجرة وإدارة الحدود التابعة للسلطات الفدرالية.
ويتيح تعرض الولاية لحالة ما سمي بـ”الغزو” بعض الإجراءات الاستثنائية “للدفاع عن النفس”، وهي الإستراتيجية التي لجأت إليها ولاية تكساس، التي قد تدفع لمواجهة قد تخرج عن نطاقها السياسي والقانوني، مما يثير مخاوف ملايين الأمريكيين.
وتتهم ولاية تكساس -التي يسيطر عليها الجمهوريون- الحكومة الفدرالية تحت حكم إدارة الرئيس جو بايدن، برفض أداء واجباتها بتأمين الحدود الجنوبية للبلاد، بما فيها حدود ولاية تكساس الممتدة على طول 2018 كيلومترا مع المكسيك، وهو ما سمح بدخول 7 ملايين مهاجر غير نظامي للأراضي الأمريكية منذ وصول بايدن للحكم.
تصاعدت المخاوف من اندلاع حرب أهلية في الولايات المتحدة على خلفية إرسال الولايات الجمهورية قوات من الحرس الوطني إلى ولاية تكساس، في يناير الماضي
وأمر غريغ أبوت قوات الحرس الوطني للولاية ببناء حواجز حدودية، ووضع أسلاكٍ شائكة ضخمة على الحدود، لمنع تدفق المهاجرين غير النظاميين، ويقول إنهم “يرهقون المدارس والمستشفيات والبنية الأساسية في الولاية، في وقت لا تستطيع الولاية توفير خدمات صحية واجتماعية وغذائية لهم”.
وتصاعدت المخاوف من اندلاع حرب أهلية في الولايات المتحدة على خلفية إرسال الولايات الجمهورية قوات من الحرس الوطني إلى ولاية تكساس، في يناير الماضي، في تحدٍ لإدارة الرئيس جو بايدن والقوات الفدرالية بشأن ملف المهاجرين.
وبدأت عدة ولايات يقودها الجمهوريون في إرسال أفراد من الحرس الوطني قبل أشهر لمكافحة تزايد موجات المهاجرين على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، حيث قالت إحدى الولايات “لا شيء مطروحا على الطاولة” مع تصاعد التوترات بين غريغ أبوت حاكم تكساس وإدارة بايدن.
وكانت ولاية تكساس قد رفعت دعوى قضائية العام الماضي لوقف قطع الأسلاك، قائلة إنها تدمر بشكل غير قانوني ممتلكات الدولة وتقوض الأمن من أجل مساعدة المهاجرين على عبور الحدود، وأمرت محكمة استئناف اتحادية في ديسمبر/ كانون الأول عملاء حرس الحدود بوقف هذه الممارسة أثناء سير إجراءات المحكمة، وقدمت وزارة العدل هذا الشهر طلباً طارئاً، تطلب فيه من المحكمة العليا إلغاء هذا القرار.
وصدر بيان مشترك للحكام المحافظين جاء فيه «نحن نفعل ذلك جزئياً لأن إدارة بايدن ترفض تطبيق قوانين الهجرة الموجودة بالفعل، وتسمح بشكل غير قانوني بالإفراج المشروط الجماعي في جميع أنحاء أمريكا عن المهاجرين الذين دخلوا بلدنا بشكل غير قانوني».
وفي الشهر الماضي تعهد حكام جمهوريون من 25 ولاية (نصف الولايات الخمسين) بتقديم دعمهم لحاكم تكساس والسلطة الدستورية في الولاية للدفاع عن نفسها بما في ذلك وضع أسوار الأسلاك الشائكة لتأمين الحدود ضد ما وصفه أبوت بأنه “غزو” المهاجرين لولايته.
وتأتي هذه الخطوة استجابة لدعوة الرئيس السابق دونالد ترامب الولايات التي يقودها الجمهوريون إلى التعاون معًا لمكافحة مشكلة الهجرة غير النظامية على الحدود الجنوبية، وهي قضية قال الجمهوريون إن بايدن يفشل في التعامل معها بشكل صحيح.
وقال ترامب “نشجع جميع الولايات الراغبة في نشر حراسها في تكساس لمنع دخول المهاجرين غير النظاميين وإعادتهم عبر الحدود”، مشيرا إلى “غزو” المهاجرين القادمين إلى الولايات المتحدة.
ومع قيام ترامب والحكام الجمهوريين بالتصعيد في مواجهة إدارة بايدن، تزايدت المخاوف من نشوب حرب أهلية تعصف بالبلاد.
“القدس العربي”: