يعد البرتغالي جوزيه مورينيو، أحد أبرز المدربين في عالم كرة القدم عبر التاريخ، بالنظر إلى ما قدمه خلال مسيرته التي بدأت منذ أكثر من 20 عاما في الملاعب.
قاد مورينيو العديد من الأندية الأوروبية الكبرى مثل ريال مدريد وتشيلسي ومانشستر يونايتد وإنتر ميلان وغيرها من الأندية، وتوج بالعديد من الألقاب المختلفة سواء محليا أو قاريا، ليصنع تاريخا باسمه سيظل محفورًا في ذاكرة كرة القدم.
قبل 20 عامًا، حقق مورينيو معجزة تاريخية مع بورتو، ليبدأ مسيرة تدريبية رائعة، لكنها انتهت حاليًا بجلوسه في المنزل.. فكيف بدأت قصته؟
معجزة بورتو
اختير مورينيو لقيادة بورتو في 2002 وسار البرتغالي بخطى ثابتة نحو صناعة تاريخ جديد بالساحرة المستديرة.
في بداياته احتل بورتو المركز الخامس بالدوري البرتغالي، لكن بموسمه الثاني نجح في التتويج بلقب الدوري بفارق 11 نقطة عن وصيفه بنفيكا، وحينها جمع 86 نقطة في رقم قياسي بالبرتغال آنذاك، كما توج بكأس البرتغال وكأس الاتحاد الأوروبي.
وبموسم (2003-2004)، جاءت المعجزة الأكبر في كرة القدم بتتويج بورتو بلقب دوري أبطال أوروبا لأول مرة في تاريخ النادي، وحينها حقق انتصارات على أندية مثل مانشستر يونايتد، ليون، ديبورتيفو لاكورونيا وموناكو بالنهائي.
وكانت الهزيمة الوحيد لبورتو في البطولة ضد ريال مدريد وذلك في مرحلة المجموعات.
صناعة تاريخ تشيلسي
صرح مورينيو عندما كان في بورتو بأن مشروع تشيلسي لا يثير اهتمامه عكس مشروع ليفربول المغري للجميع، ورغم ذلك، انتقل مورينيو إلى تشيلسي في صيف 2004 بعقد يمتد 3 سنوات.
وفي أول مؤتمر صحفي له مع تشيلسي قال مورينيو: "لدينا لاعبون كبار وآسف إذا كنت متعجرفا فلدينا مدرب كبير أيضا، من فضلكم لا أريد أن تروني متعجرفا، لكني بطل أوروبا لذلك أنا رجل مميز (سبيشال وان)".
ومن هنا جاء لقب "سبيشال وان" الذي أطلقته وسائل الإعلام على مورينيو ولا يزال ملازما له حتى الآن.
حصل مورينيو على امتيازات كبيرة في تشيلسي مع رئيس النادي السابق رومان إبراموفيتش، الذي أنفق حوالي 70 مليون إسترليني مقابل ضم لاعبين مثل تياجو، إيسيان، دروجبا، كارفاليو وفيريرا.
مورينيو المثير للجدل بدأ مشواره في ملاعب إنجلترا بفوز بكأس رابطة الأندية الإنجليزية بعد الفوز على ليفربول (3-2) بالوقت الإضافي، وحينها وقف أمام جماهير ليفربول محتفلًا، لرد السخرية الموجهة إليه منهم، ليحصل تشيلسي على أول لقب محلي منذ 50 عاما.
ومع مورينيو، بزغ نجم تشيلسي في سماء إنجلترا بتحقيق العديد من الألقاب.
فلم يكن تشيلسي بطلا للدوري الإنجليزي سوى مرة واحدة في 1955، لكن مع مورينيو، عاد الفريق للبطولات بالفوز بلقب الدوري مرتين متتاليتين، ثم حصد لقب جديد مع البلوز في فترة ثانية عام 2015.
كما فاز بلقب كأس الاتحاد، ورابطة الأندية المحترفة (3 مرات) ودرع الاتحاد الإنجليزي مرة واحدة.
ثلاثية غير مسبوقة
بعد مسيرة ناجحة في تشيلسي، قرر مورينيو الانتقال لإنتر ميلان لخلافة روبرتو مانشيني، وهناك حقق المدرب البرتغالي تاريخا غير مسبوق.
فاز مورينيو بالدوري الإيطالي في أول مواسمه مع إنتر، ثم حقق الثلاثية التاريخية في موسم 2008-2009، بالتتويج بالدوري والكأس ودوري أبطال أوروبا.
وكان هذا هو لقب دوري أبطال أوروبا الثاني بمسيرته التدريبية، ومع النيراتزوري، حقق مورينيو 5 ألقاب ليضيفها إلى ألقابه في بورتو وتشيلسي ويصبح في جعبته 19 لقبا.
رحلة مدريد
في اليوم التالي بعد الفوز بدوري الأبطال مع إنتر تأكد رحيله عن إنتر، حيث صرح مورينيو: "إذا لم تقم بتدريب ريال مدريد فستجد دائما فجوة في مسيرتك المهنية".
وتحقق ذلك في صيف 2010 بتوليه مهمة تدريب ريال مدريد بعقد لأربع سنوات، لكن مسيرته لم تبدأ بالشكل الأمثل حيث خسر أول كلاسيكو له ضد برشلونة بنتيجة (5-0)، وحينها صرح رئيس النادي الملكي فلورنتينو بيريز بأن هذه هي أسوأ مباراة في تاريخ ريال مدريد.
لكن مورينيو استطاع أن يتوج بثلاثة ألقاب محلية مع المرينجي، حيث فاز بكأس ملك إسبانيا 2011، والدوري الإسباني والسوبر المحلي في 2012.
بداية الانهيار
كان وصول مورينيو لمانشستر يونايتد بداية انهيار المدرب البرتغالي، حيث تزامن وصوله مع مرور النادي بأسوأ فتراته التي لاتزال مستمرة حتى الآن مع مختلف المدربين.
ورغم كونه وصل إلى اليونايتد في حقبة سيئة للغاية، إلا أنه أعاد الفريق للبطولات بالفوز بالدرع الخيرية 2016 وكأس رابطة الأندية الإنجليزية 2017، والأكبر من ذلك التتويج بالدوري الأوروبي 2017.
في موسمه الثالث، لم يبدأ الفريق بطولة الدوري بشكل جيد ليحقق 7 انتصارات في أول 17 مباراة، تاركا اليونايتد متأخرا بفارق 19 نقطة عن المتصدر، ليقرر النادي إقالته في 18 ديسمبر/كانون الأول 2018.
واستمرت فترات مورينيو السيئة بعد توليه مهمة تدريب توتنهام هوتسبير في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، حيث لم يدم مشواره مع الفريق اللندني سوى 17 شهرا فقط دون نجاح يذكر ليقرر النادي إقالته أيضا.
مجد روما
في 2021، عاد مورينيو لواجهة كرة القدم من بوابة روما، ليكتب تاريخًا جديدًا للنادي الإيطالي على المستوى الأوروبي.
قاد مورينيو روما للفوز بدوري المؤتمر الأوروبي ليكون أول مدرب يتوج بدوري أبطال أوروبا، الدوري الأوروبي ودوري المؤتمر.
ولم يكن ذلك الحدث تاريخيا لمورينيو فقط بل لروما أيضًا الذي فاز بأول لقب أوروبي له.
ووصل سبيشال وان إلى نهائي الدوري الأوروبي في موسمه الثاني مع روما قبل أن يخسره ضد إشبيلية بركلات الترجيح.
ونجح مورينيو خلال فترة قصيرة في دخول قلوب عشاق الجيالوروسي وحفر اسمه في ذاكرتهم، لكن رحيله لم يأت بالطريقة المثلى بعدما قرر النادي إقالته بسبب النتائج السيئة في يناير/كانون الثاني 2024.
وانتهى المطاف بمورينيو في منزله دون أي عمل حتى الآن وسط تقارير تربطه بإمكانية العودة من بوابة أحد الأندية السعودية في الموسم المقبل، في ظل عدم وجود عروض أوروبية قوية أمامه.