ظلت موريتانيا أرضا للتعايش والتلاقح بين الثقافات والأعراق ونمت فوق أديمها منذ مئاتالسنين حضارات أنار إشعاعها أصقاع أوربا و أدغال إفريقيا، سميت ارض الرجال ثم أرض الملثمين ثم بلد المليون شاعر.
تتموقع البلاد في المنطقة الجغرافية الواقعة بين غرب أفريقيا والمغرب العربي وتغطي مساحة تزيد علي مليون كلم مربع وتقع علي مسافة ساعة طيران من أوروبا و 5 ساعات من القارة الأمريكية.
يقدر عدد السكان بحوالي 3,5 مليون نسمة منها نسبة51% دون السن التاسعة عشرة،أما معدل النمو السكاني فهو 2,5 % بينما يصل متوسط العمر 61 سنة و تشهد البلاد نسبة تقري مرتفعة .
منذ العام 2008 شهد البلد تحولات عميقة طالت المجالات السياسية والاقتصاديةوالاجتماعية.
ففي المجال السياسي تمت تعديلات دستورية تضمن الحريات الأساسية وتكرسالليبرالية الاقتصادية وترسخ فصل السلطات وتحمي الملكية الفردية والاستثمارات.وتعتبر البلاد اليوم قطب استقرار وأمن في منطقة الساحل الإفريقي.
أما في المجال الاقتصادي، فان حزمة الإصلاحات المنفذة عززت إطار الاقتصاد الكلي و مكنت من تحسين التوازنات الكبرى و من احتواء التضخم و شهد الناتج المحلي خلال السنوات الخمسة الأخيرة معدل نمو متوسط يبلغ 5%. وتستفيد المنتجات الموريتانية منالدخول الحر للأسواق الأمريكية والأوربية ومن مزايا تفضيلية للولوج لأسواق جهوية وأخرى في شبه المنطقة .
من جهة أخرى يجري الآن وضع اللمسات الأخيرة على رؤية إستراتيجية للتنمية في أفق 2030 تأخذ بعين الاعتبار التحديات المتعلقة بتنويع الاقتصاد وبتثمين المواردوالتسيير المستديم للثروات و تعزيز النمو لخلق مزيد من فرص العمل. وتضع هذه الرؤيةالمستقبلية مكانة خاصة لترقية القطاع الخاص إذ ينظر إليه كمحرك للتنمية و قاطرة للنموو كعامل فعال في خلق الثروة و توفير مواطن الشغل.
و تمتلك البلاد فرص و ميزات استثمارية هامة في قطاعات ذات قيمة مضافة عالية مثل الصيد والزراعة و التنمية الحيوانية و الصناعات الغذائية والمعادن والسياحة، فلئن كانت إلى وقت قريب تعرف ببلد المليون شاعر فإنها اليوم تستحق و بجدارة لقب بلد المليون فرصة استثمار.
تقدر الثروة الحيوانية بأكثر من 20 مليون رأس أما المقدرات الزراعية فتزيد علي 500 ألف هكتار منها 135الف مروية علي ضفاف نهر السنغال. و تمتلك البلاد واجهة بحرية علي المحيط الأطلسي بطول 720 كلم هي من اغني شواطئ العالم، بها أكثر من 600صنف و هو ما يُمَكن من استخراج أكثر من مليون و 500 ألف طن من المنتجات البحريةسنويا.
تم اكتشاف أكثر من 800 مؤشر معدني ،و يجري استغلال الحديد و الذهب والنحاس والجبس . وتتميز البلاد بمقدرات سياحية هامة تشمل الصحاري والجبال والشواطئ و المدن التاريخية.
ويشهد قطاع الطاقة ديناميكية ملحوظة مكنت مؤخرا من مضاعفة الإنتاج ومن مد المزيد من الشبكات وإدخال الطاقات المتجددة - الشمسية والهوائية- و يتنبؤ الخبراء بأفاق واعدة لهذا القطاع على ضوء العمل على تطوير و استغلال حقل "بنداو اكتشاف احتياطات ضخمة من الغاز من طرف شركتي كوسموس وشفرون.
إن إستراتيجية تنمية القطاع الخاص التي تم اعتمادها سنة 2014 تركزعلي تحسين مناخ الاستثمار وتعزيز تنافسية وإنتاجية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وقد تم ضمن هذا التوجه، إصدار قانون استثمار جديد بهدف تحفيز الاستثمارات الوطنية والأجنبية المباشرة وتسهيل إنشاء الشركات كما تم أيضا استحداث منطقة انواذيبو الحرة التي تتمتع بنظام ضريبي وجمركي محفز.
ودفعا بالخطة الهادفة إلى تحسين جاذبية البلد ، وقعت البلاد مع العديد من الدول ،اتفاقيات تقضي بحماية وتشجيع الاستثمارات و يجري الآن العمل على وضع أطارقانوني وتنظيمي لتنمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
و تجذيرا لخيار تحسين مناخ الأعمال التي تبنته بلادنا، اتخذت الحكومة الموريتانية جملة من الإصلاحات نذكر منها مراجعة قانون الصفقات العمومية لإدخال المزيد من الشفافيةوالمصادقة علي إستراتيجية وطنية لمحاربة الرشوة و إنشاء الشباك الموحد الذي ساهم بشكل كبير في خفض تكاليف و مدة إنشاء الشركات. وينضاف إلي ما سبق مراجعة مدونة التجارة و مدونة الحقوق العينية و الترخيص لإنشاء مركز للوساطة والتحكيم على مستوى غرفة التجارة والزراعة والصناعة الموريتانية .
وإضافة إلى الإصلاحات والإجراءات ذات الطابع المؤسسي والتنظيمي ، المذكورة أنفا،تنفذ الحكومة الموريتانية برنامجا طموحا للاستثمارات العمومية في مجال البنى التحتية الداعمة للنمو، يشمل توسعة وعصرنة الشبكة الطرقية واستغلال الموارد المائية وتحسينالعرض في مجال الطاقة وبناء مطار دولي حديث في العاصمة نواكشوط وزيادة الطاقة الاستيعابية لموانئها وتوسعة كل من الميناء المعدني وميناء الصيد في انواذيبو و يجري العمل على إنشاء ميناء جديد مخصص للصيد التقليدي قرب انواكشوط.
لقد طورت الدولة بنية تحتية في مجال الاتصالات تستجيب للمعايير الدولية و تم ربط البلاد بأوربا و الدول الإفريقية الساحلية بواسطة كابل بحري من الألياف البصرية .ويعتبر القطاع اليوم احد أكثر القطاعات حيوية في الاقتصاد الوطني. ونظرا لأهميةالتكوين في توفير المهارات، يتم الآن تنفيذ برامج هامة لتنمية التكوين الفني والمهني و التعليم العالي المتخصص كما أن فتح القطاع المصرفي للمنافسة الأجنبية سمح بوجود العديد من الفروع للبنوك بموريتانيا و قد ساهم إنشاء صندوق الإيداع والتنمية في توفير تمويلات طويلة الأجل للمؤسسات و تم تنفيذ إصلاحات تكميلية مكنت من إدخالمزيد من الشفافية في التعاملات على مستوى سعر الصرف و من مراجعة نظام القروض و من تطوير صناديق الادخار و القرض.
هكذا فإن الموقع الجغرافي المتميز للبلاد واستقرارها السياسي و انتظام عمل مؤسساتها الدستورية ومقدراتها المتنوعة والبني التحتية الداعمة للنمو المستحدثة وحزمة الإصلاحات المطبقة في مجال مناخ الأعمال تهيئ موريتانيا لتكون قبلة المستثمرين لذا فاني أرحب بكافة المستثمرين و الفاعلين العموميين و الخصوصيين في الجمهورية الإسلامية الموريتانية و ادعوهم للاستفادة من هذه الفرص و الميزات ضمن شراكة مثمرةيحقق من خلالها كل طرف مصالحه المنشودة.
وزير الاقتصاد و المالية في الجمهورية الإسلامية الموريتانية
المختار ولد اجاي