نشرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية مقالًا يحكي قصة فتاة مصرية تُدعى «شيماء هال» عملت خادمة في طفولتها، وحصلت على حريتها بعد أربع سنوات كانت أشبه بالعبودية. وتحدّث المقال عن ظروف عائلتها الصعبة، وحياتها في منزل إحدى الأسر الثرية التي عملت لديهم، والمعاملة المهينة التي وجدتها، وحصولها على الجنسية الأمريكية في النهاية.
شيماء هي ابنة من بين 11 ابنًا لأسرة فقيرة تعيش في أحد الأحياء الفقيرة جنوب مدينة الإسكندرية. تقول إن حياتها في منزل أسرتها كانت حياة سعيدة في معظم الوقت، إلا أن والدها الذي يعمل في البناء اعتاد أن يضرب أبناءه بعنف.
عملت إحدى أخواتها الأكبر منها سنًا لدى زوجين ثريّين في القاهرة هما عبد الناصر عيد يوسف إبراهيم وزوجته أمل أحمد عويس عبد المطلب. اتُّهمت الفتاة بسرقة شيء من منزلهما، فطلب الزوجان من أم الفتاة أن تعمل إحدى أخواتها الأصغر سنًا لديهما كتعويض عن السرقة، فوافقت.
بكت شيماء – التي لم يتجاوز عمرها 8 سنوات وقتها – عندما غادرت والدتها وتركتها في منزل الأسرة وكان آخر ما قالته والدة شيماء لها أن عملها يصب في مصلحة أسرتها.
قضت شيماء العامين التاليين تعمل لدى الزوجان «إبراهيم» و«عبد المطلب» تعتني بابنتهما التي يقارب عمرها عمر شيماء، وتوأم يصغرها بقرابة الثلاث سنوات، بحسب ما ذكرته الصحيفة.
تقول شيماء بأن الأبناء كانوا يذكّرونها طوال الوقت بأصلها وأنها خادمة، بينما قام الزوج بلكمها، أما الزوجة فنادتها بـ«الخادمة الغبية». كانت شيماء تتصل بوالدتها لتبكي وتسألها متى ستعود إلى المنزل، لكن الأم كانت تجيبها بأنها عليها أن تقضي دين أختها.
بعد عامين، انتقلت شيماء مع العائلة إلى مدينة إرفاين بكاليفورنيا، وازدادت المعاملة سوءًا. كانت شيماء تستيقظ كل يوم في الخامسة والنصف صباحًا لتُعدّ الأطفال للذهاب إلى المدرسة، ثم تعمل في نظافة المنزل باقي اليوم خائفة أن تعود الزوجة إلى المنزل فلا تعجبها نظافته.
أبقتها العائلة في غرفة تشبه الزنزانة إذ كانت بلا إضاءة، وليس فيها سوى فراش لتنام عليه. اضطرت شيماء لغسل ملابسها يدويًا إذ لم تسمح لها العائلة باستخدام الغسّالة لغسل ملابسها. عندما وجدتها الزوجة تستخدم مجفف الملابس ذات يوم، صاحت في وجهها وأخبرتها بألا تجعل ملابسها تلامس ملابسهم أبدًا. كما لم يكن يُسمح لها بأخذ استراحة لتناول الطعام، ولم يكن يُسمح لها بأكثر من وجبة في اليوم، وهي عبارة عما تبقّى من وجبة عشاء العائلة.
لم تفكر شيماء أبدًا في الهروب خوفًا مما قد يحدث لها إذا عثروا عليها، إذ أخبرها الزوجان بأنها إذا هربت سيمسك بها رجال الشرطة ويضربونها ولن تتمكن من رؤية عائلتها مجددًا.
حصولها على حريتها
في عام 2002، قام شخص ما بإبلاغ السلطات الأمريكية عن انتهاك لحقوق الطفل دون أن يذكر اسمه، فاقتحمت السلطات المنزل وأخذوا شيماء، لكنها كانت تشعر بالخوف، إذ قال لها الزوج بالعربية «لا تخبريهم أنكِ تعملين لدينا، أخبريهم أنكِ في زيارة»، بحسب ما أوردته الصحيفة.
اتصلت شيماء بأسرتها بعد ذلك، لكن والدها كان مستاء إذ شعر بأنها عبء عليه. أخبرها والدها بأن تعود إلى مصر، لكن شيماء اتخذت قرارها بأن تبقى في الولايات المتحدة.
بعد عدّة سنوات، حصلت شيماء على الجنسية الأمريكية، والتحقت بكلية درست فيها لمدة ثلاث سنوات، وتعمل الآن مديرًا مساعدًا في أحد المتاجر، وتعمل بجانب وظيفتها على نشر الوعي عن الاتجار بالبشر.
كتبت شيماء كتابًا بعنوان «الفتاة المختفية» يحكي عن السنوات المظلمة التي عملت فيها كخادمة، وحياتها الحالية بعد أن نالت حريتها. في حديث لها لمجلة «بيبول» الأمريكية، قالت شيماء «أردت أن يعرف الناس أن العبودية لا زالت موجودة حتى الآن، ليست مجرد جزء من التاريخ».
تقول شيماء «الآن أصبح لدي ابنة جميلة من صديقي، لقد كان طريقًا صعبًا لكني الآن بخير تمامًا. لا أتخيل أنني سأتخلى عن ابنتي لأي سبب من الأسباب، حتى لو كانت ستنقذ العالم».
أُلقي القبض على الزوجين «إبراهيم» و«عبد المطلب» وحُكم عليهما بالسجن من سنتين إلى ثلاثة سنوات، وتم ترحيل الزوجة إلى مصر بعد ذلك، لكن الزوج قد لا يزال في كاليفورنيا الجنوبية.
لم تر شيماء عائلتها منذ حصولها على حريتها، لكنها تأمل أن تجتمع بأشقائها مرة أخرى. (ساسة بوست)