الدول العربية تتعرض لتدمير ممنهج من الخارج و الإعلام مسئول عن60% من مشاكلنا
لا استقرار فى العالم بدون حل القضية الفلسطينية ..وعلينا مواجهة التحركات الإسرائيلية فى إفريقيا
الحوار الوطني فى موريتانيا ضرورى ولابد من استمراره
منظومة شاملة لمواجهة الإرهاب لا تعتمد على الحل الأمنى فقط
بالرغم من توافد مئات من الصحفيين ووسائل الإعلام العربية والدولية إلي العاصمة الموريتانية نواكشوط لمتابعة أعمال القمة الـ 27 للقادة والزعماء العرب، إلا أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز خص «الأهرام» بهذا الحوار ، وهو الأمر الذي حمل في طياته الكثير من المعاني والرسائل التي يحملها الرئيس الموريتاني لمصر قيادة وشعباً.
استقبلني الرئيس ولد عبد العزيز في مكتبه بالقصر الجمهوري بنواكشوط، وتحدث في أريحية كاملة، وتطرق إلي كافة قضايا الساعة موريتانياً وعربياً ودوليا..واستطيع القول إن الانطباع الأهم والأبرز الذي خرجت به من ذلك اللقاء الذي استمر ما يقرب من الساعة أن الرئيس الموريتاني هو قائد يتمتع بالحكمة وبالشجاعة، والاعتزاز الخاص بمصر ودورها العربي الإفريقي وباستعداده الدائم للتنسيق مع شقيقه الرئيس عبد الفتاح السيسي بما يحقق الخير والازدهار لبلديهما وللدول العربية والإفريقية. وإلي تفاصيل الحوار.
فخامة الرئيس كيف اتخذتم قرار استضافة القمة بعد اعتذار المملكة المغربية خاصة أنه لم يكن هناك سوي وقت قصير علي موعد الانعقاد؟
كان من الضروري أن يتلاقي العرب مهما كلفنا الأمر، ومن الضروري أن نجلس معا لطرح المشكلات التي تواجهنا، والسعي لتوصيفها والبحث عن حلول لها، معظم الدول العربية تمر بأزمات خانقة وندعو الله أن نخرج من هذه المحن أقوي .
كيف تمكنتم من النجاح في التحضير للقمة في ثلاثة أشهر؟
بعد اعتذار المملكة المغربية عن استضافة القمة العربية كنت مهيأ نفسيا لاستضافتها وقلت إن القمة يجب أن تنعقد في نواكشوط مهما كلفنا ذلك الأمر، وكانت لدي قناعة كاملة بحتمية انعقاد القمة ولقاء القادة العرب.
ما هي التحديات والمشاكل التي واجهتكم في هذا الصدد؟
لم تكن العاصمة نواكشوط مهيأة وجاهزة لاستقبال القمة لذا فإننا عملنا كل ما من شأنه تجهيز المدينة ومنشآتها للقمة أما فيما يخص تأمين القمة فلقد كانت لدي قناعة قوية أن الأمن الموريتاني مؤهل لتأمين فعاليات القمة، وقد سارت الأمور علي خير ولم تحدث أي مشاكل خلال انعقاد القمة.
وكيف تمكنتم من تعبئة الشعب الموريتاني ليستقبل القمة بهذا الشكل الرائع، وكأن القمة هي قمة كل مواطن موريتاني؟
في الحقيقة لم نعمل علي تعبئة أي من أبناء الشعب الموريتاني ولم تتدخل الحكومة أو أي حزب في هذا الأمر، فالشعب الموريتاني قد بادر من تلقاء نفسه بالمشاركة وهو الذي قرر إخلاء الشوارع الرئيسية في العاصمة ترحيباً وحفاوة بأشقائه العرب.
هل أنتم راضون عن النتائج التي توصلت إليها قمة نواكشوط؟
نعم راض عن نتائج القمة الـ27 وأعتقد أنها نجحت في ظل أوضاع العالم العربي التي لا تخفي علي أحد ولم تقع أية مشاكل أثناء انعقاد القمة، وان كنت أتمني أن تأتي القمة القادمة في ظل ظروف أفضل.
-وكيف ترون مستوي التمثيل والحضور العربي في قمة نواكشوط؟
كانت نسبة الحضور في القمة جيدة بشكل عام.
هل سيشهد عام رئاستكم للقمة العربية أية مبادرات سياسية لحل المشاكل العربية الراهنة؟
نعم ندرس القيام بمبادرات عربية لان هذا الأمر واجبنا فلابد من التوصل لتسوية المشاكل العربية ولابد للدول العربية أن تتقدم سياسياً واقتصادياً وأن نعمل علي توظيف طاقتنا لخدمة قضايا الأمة.
تسلمت موريتانيا رئاسة القمة من مصر.. كيف تقيمون العلاقات الموريتانية المصرية؟
إننا نحترم الشعب المصري والقيادة في مصر، لأن مصر هي أهم دولة عربية ونتمني لها الاستقرار والنمو والازدهار كما أدعو الشعب المصري إلي التلاحم والالتفاف حول قيادتهم، لأن هناك تحديات كبيرة داخلية وخارجية تواجه مصر، علاقتنا مع الرئيس عبد الفتاح السيسي طيبة جداً ونتمني له النجاح لأنه يقوم بدور مهم في تأمين سلامة مصر التي تمثل الكثير لعالمنا العربي لذا فإننا نتمني له النجاح في مهمته، لقد تعرضت مصر لمشكلات كبيرة ولولا وجود الجيش المصري لتطورت فيها الأمور بشكل سلبي خطير، الفرق بين مصر وغيرها من دول المنطقة هو وجود جيش ورجال مخلصين أعطوا مصر الأولوية القصوي، كما أن الدور الذي لعبوه في هذا الإطار لا يخص مصر وحدها إنما تنعكس آثاره الإيجابية علي كل العرب. إننا في موريتانيا لا نتوقف عن العمل والتنسيق المستمرين مع القيادة المصرية.
هل تنوون زيارة مصر قريباً ؟
نعم مستعدون تماماً لذلك وسنعمل علي تطوير العلاقات والمصالح المشتركة مع مصر بما يقوي الأمن القومي العربي.
وهل أنتم راضون عن مستوي العلاقات الاقتصادية الموريتانية المصرية؟
إن التعاون الاقتصادي والتجاري بين جميع الدول العربية هو دون المستوي، ولا أدل علي ذلك من أمثلة واضحة منها أن بعض الدول العربية تشتري الأسماك الموريتانية من خلال وسيط أوروبي وهذا مثال واضح لفشل التعاون الاقتصادي والتجاري العربي.
بعد ثورة 30 يونيو 2013 في مصر رفضتم بشدة تجميد عضوية مصر في الاتحاد الإفريقي؟
ما قمت به في ذلك الوقت كان يعبر عن واجبي تجاه مصر الدولة العربية الإفريقية الرائدة. فقد حاولنا شرح أن ما جري في مصر كان ثورة الشعب المصري الذي شعر أن دولته في خطر شرحت ذلك للقادة الأفارقة وأذكر أنني قضيت أربع ساعات كاملة مع زعيم دولة إفريقية كبيرة أشرح له هذا الأمر وأكدت للجميع وقتها أن التطرف خطر علي الجميع وليس علي مصر وحدها، وأنه لا ينبغي أن تكون مصر خارج الدائرة الإفريقية لأن ذلك ليس في صالح مصر ولا في صالح إفريقيا.
كيف ترون الدور الموريتاني المصري لمواجهة التحركات الإسرائيلية المحمومة في إفريقيا؟
أعتقد أنه من واجبنا جميعا مواجهة التحركات الإسرائيلية في إفريقيا فمصالح الأفارقة مع العرب أكبر من مصالحهم مع إسرائيل وقد جربت موريتانيا العلاقات مع إسرائيل ولم تجن منها شيئاً.
سعي رئيس الوزراء الإسرائيلي في جولته الإفريقية الأخيرة إلي تقديم نفسه علي أنه خبير في مواجهة الإرهاب الإسلامي ؟
لا يتمتع نتيانياهو بأي خبرة سوي في القتل واختلاق الأكاذيب.
هل تدفعون في موريتانيا ثمن قطع العلاقات مع إسرائيل؟ وهل حملات حقوق الإنسان التي تشن علي موريتانيا هي جزء من هذا الثمن؟
نعم نواجه صعوبات في هذا المجال الغريب انه في الوقت الذي كانت هناك مشكلات تجاوزات كبيرة في ملف حقوق الإنسان في موريتانيا في السنوات السابقة .. كان الحديث عن تلك التجاوزات خافتاً من قبل منظمات حقوق الإنسان، واليوم حين تحسن ملف حقوق الإنسان في موريتانيا نري ونسمع انتقادات كبيرة لموريتانيا في هذا الملف .. الأمر غريب ومع ذلك فنحن مستعدون لدفع ثمن قرار قطع علاقتنا مع إسرائيل فلم يكن هناك اي مبرر لوجود سفارة إسرائيلية في نواكشوط.
ما الذي يجري بالضبط في دول العالم العربي؟
إن ما يجري حولنا هو تحطيم ممنهج من الخارج للدول العربية كلها، وتحطيم للشباب العربي، وتحطيم للأمل لدي الشباب العربي وتحطيم للاقتصاديات العربية الأمر الذي يؤدي إلي ضياع الأمل لدي الشباب بعد أن ضاعت منهم فرص التعليم والصحة والعمل؟
وما هو المخرج في رأيكم من هذه المحنة؟
يجب علي العرب شعوبا وقاده أن يستفيدوا من التجارب التي مرت بها دولهم ليخرجوا من هذه المحنة بشكل أقوي.
أين يقف الإعلام من محنة العالم العربي؟
الإعلام العربي يلعب دورا كبيرا في هذه القضايا .فعلي الإعلام العربي دور التوجيه وأن يجعل الرحمة بين الدول والشعوب والطوائف لأن لدينا الكثير مما يجمعنا من القضايا والمصالح، ولا أبالغ إن قلت إن الإعلام العربي مسئول عن 60% من المشاكل التي تعاني منها المنطقة العربية. هناك العديد من وسائل الإعلام غير المسئوله تلك التي تعمل علي تأجيج الخلافات والمشاكل في الدول العربية، هذا الأسلوب يساعد علي تحطيم الدول العربية، ولن يكون ذلك التحطيم في صالح أي جهة.
كيف تمكنت موريتانيا من استيعاب رياح وأعاصير ما يسمي بالربيع العربي ؟
أستطيع القول إن تجربة موريتانيا في هذا الصعيد تجربة خاصة جداً، وليس من الضروري أن نجاحها في بلادنا أن تنجح في بلاد أخري..هي تجربة وطنية محلية .. لقد فتحنا كل الشوارع والميادين للمواطنين للمظاهرات لكننا في نفس الوقت قلنا لهم « حافظوا علي موريتانيا» عملنا بكل إخلاص علي صيانة جميع الحريات، وإتاحة الفرصة للتعبير وحرية الرأي والأفكار، لكننا أعدنا تنبيه وتحذير أبناء الشعب الموريتاني من مغبة تدمير موريتانيا. لقد استفادت موريتانيا شعباً وقيادة من التجارب المريرة التي مرت بها دول عربية ضربها إعصار الربيع العربي واستخلص الموريتانيون الدروس والعبر من تلك التجارب .
وكيف استطاعت موريتانيا التصدي لموجات الإرهاب المتصاعد والارهابين المتسللين إليها عبر مالي وغيرها ؟
في عامي 2006 و2007 واجهنا الإرهاب وقد كان هناك، وجود مكثف للإرهابيين في شمال مالي وكانوا يشنون علينا عمليات إرهابية عبر تلك الحدود لكن موريتانيا تمكنت من السيطرة عليها ..
وكيف كان منهج موريتانيا في التصدي ودحر الإرهاب؟
لم يعتمد منهج بلادنا في التصدي للإرهاب علي الحلول الأمنية فقط، لقد لجأنا في حربنا علي الإرهاب إلي حوار فكري قاده علماء ومفكرون معتدلون لقد قادوا في ذلك الحوار نقاشاً عميقاً مع الشباب استطاعوا من خلال ذلك الحوار التصدي للخطاب الديني المتطرف، أيضاً أطلقنا سراح عدد كبير من السجناء وساعدناهم علي بداية حياة جديدة من خلال تأسيس مشروعات صغيرة لهم، لأن من أهم الأسباب التي تقف وراء تطرف الشباب هي الأحوال والمشكلات الاقتصادية، كما أن هناك أيادى خارجية تستغل كل هذه الأسباب الداخلية لتأجج من مشكل المجتمعات العربية مع التطرف والإرهاب.
هناك أيضا الظلم المتواصل الذي يعاني منه الفلسطينيون، وان لم تحل المشكلة الفلسطينية حلا عادلاً.. لا أتوقع أن يكون هناك استقرار في المنطقة ولا في العالم، فالعمليات الإرهابية التي تضرب مدناً وعواصم في أوروبا هي عمليات ينفذها مواطنون يعانون من شعور بالظلم وكذلك يمرون بتجارب نفسية مريرة تدفعهم إلي التطرف والإرهاب.
يلاحظ أيضا أنكم عملتم خلال فترة رئاستكم علي تقوية الجيش في موريتانيا ؟
نعم لقد عملنا علي إعادة هيكلة الجيش الموريتاني في عام 2008 عندما كنا نواجه الإرهاب والتطرف لكننا لم نعتمد في هذا الأمر علي الجيش وحده، بل كان معنا العلماء الذي يواجهون التطرف الديني وعدم فهم الإسلام كما أننا عملنا علي حل مشكلة البطالة والمشكلات الأخري المرتبطة بالظلم، وركزنا علي التوعية والتعليم، واعتمدت خطتنا علي تطوير التعليم والتوعية وتطوير مشاريع البنية التحتية في موريتانيا ومحاربة الفقر، لايمكن أن تحقق أي تنمية أهدافها في غياب الأمل.
هل يفهم قادة الغرب هذه الأسباب التي أوردتموها ؟
أشعر بالأسف علي ما يجري فالغرب يصمت بشكل ملحوظ عندما يقتل العرب والفلسطينيون لكن إذا قتل واحد من مواطنيهم لا يسكتون، اننا لا نعفي الغرب مما يجري في منطقتنا من تدمير، ولولا تدخل الفرنسيين في سوريا ما وصلت الأمور إلي ما وصلت اليه في سوريا، ولا في فرنسا نفسها من جرائم إرهابية، فالمشكلات عندهم ترتبط بتدخلاتهم السلبية في بلادنا.
إلي أين وصلت مبادرة الحوار الوطني الشامل التي دعوتم له؟
الحوار الوطني في موريتانيا هو أمر ضروري ولابد من الاستمرار فيه لترسيخ الديمقراطية في بلادنا.. جميع الأمور تعالج من خلال الحوار، هناك حوار مفتوح في وسائل الإعلام وفي البرلمان وفي الحكومة.
يتمتع الإعلام الموريتاني بمساحات ملموسة من الحرية شهدت بها منظمات دولية هل تضيقون بما تتعرضون له من انتقادات؟
يعيش الإعلام الموريتاني مناخا من الحرية الكاملة، وشجعنا الإعلاميين علي عقد جلسات تشاورية بينهم دون أي تدخل من الحكومة لرسم المسارات الإعلامية، لا يوجد في موريتانيا أي سجين من رجال الإعلام، وبعض الإعلاميين يتعدي ويتجاوز في بعض الأحيان لكنني لا أنزعج من ذلك واعتقد أن الزمن كفيل بتطوير التجربة. لقد أتي إلي بعض الوزراء شاكياً من الإعلام لكنني قلت لهم إن من يقبل المسئولية العامة يجب أن يتحمل تبعاتها والانتقادات التي توجه له. سنستمر في حرية الصحافة والإعلام لأننا جربنا من قبل الوضع الآخر الذي تكبت فيه حرية الرأي وماجلبته تلك السياسة من شرور علي موريتانيا.
سعت موريتانيا خلال القمة لإبراز أهميتها كمركز جذب استثماري عربي ما هو التطور الاقتصادي الذي شهدته موريتانيا أخيراً في هذا المجال؟
تملك موريتانيا مؤهلات اقتصادية كبيرة فهناك في الأرض الموريتانية ثروة هائلة من المعادن كالذهب والنحاس والحديد، كما أن الزراعة في موريتانيا آخذة في التطور حيث إن موريتانيا تمكنت من توفير 85% من احتياجاتها من الأرز، ونأمل إلي تحقيق الاكتفاء الكامل من احتياجاتنا من الأرز خلال العام المقبل وهذا هو الاستقلال الحقيقي، كما أن هناك إنتاجا هائلا في موريتانيا من الثروة السمكية ولدينا إمكانية لتصدير مليون طن من الأسماك سنويا،لقد بلغت نسبة النمو الاقتصادي لدينا معدل 5% وتتحسن معدلات الأجور فقد زدنا الأجور بنسبة 50%.
لاحظنا تقدماً كبيراً لدور المرأة الموريتانية في جميع الأصعدة ؟
مشاركة المرأة مهمة وإستراتيجية في بلدنا وأنا راض عن مشاركة النساء في العمل الحكومي فقد أصبحت المرأة تحتل مناصب مهمة في موريتانيا فلدينا تسع وزيرات ومديرة للتلفزيون العمومي، ونحن راضون عن أدائهن والتزامهن فالمرأة الموريتانية تمثل 51% من مجمل الشعب الموريتاني ونتائج مشاركة المرأة في العمل العام مبشرة ومرضية.
الأهرام المصرية