هناك تسع ملاحظات سريعة سجلتها على عجل بعد سماعي لخطاب الرئيس وبعد اطلاعي على أبرز نتائج "الحوار الوطني الشامل"، وهذه الملاحظات التسع سأقدمها لكم بشكل مبعثر ودون أي ترتيب.
(1)
لقد وُفق الرئيس كثيرا في تعهده العلني بعدم المساس بالمواد المحصنة من الدستور، وهذه نقطة تحسب للرئيس، ولقد كان اختيار التوقيت ذكيا، ولقد كان الأسلوب الصريح الذي استخدمه الرئيس في تعهده هذا هو الأسلوب الأنسب والأمثل.
(2)
في اعتقادي بأن هناك أمورا كثيرة دفعت الرئيس لأن يكون صريحا وحاسما في هذه المرة، ومن هذه الأمور المسيرة التي يخطط لها المنتدى، ومنها الحراك الشبابي المتصاعد لحماية المواد المحصنة من الدستور، ومنها هذا الاستياء الشعبي العارم من تمديد المأموريات والذي يمكن أن نتلمسه من خلال أحاديث الناس في الصالونات وفي الشوارع، ومنها أيضا التذمر داخل بعض صفوف الموالاة والذي عبر عنه بعض الشيوخ، ويمكن أن نضيف إلى كل ذلك بعض التقارير الاستخباراتية التي يمكن أن تكون قد وصلت إلى الرئيس في الفترة الأخيرة. وجود هذه التقارير يمكن أن نتلمسه من خلال حديث الرئيس عن القلاقل والفتن التي قال بأن البعض يحاول أن يثيرها من خلال المأموريات، كما أنه يمكننا أن نتوقع في هذا المقام وصول بعض التحذيرات إلى الرئيس من طرف بعض الدول الغربية.
(3)
هناك أخطاء شنيعة في الخطاب منها حديث الرئيس بضمير المفرد، وقوله بأنه قد ألغى الدستور في مناسبات سابقة، ومنها وصفه للدستور الحالي بالدستور الماضي، وكأن هذا الدستور قد تم إلغاؤه أو تعديله من خلال استفتاء شعبي.
(4)
إن الإصرار على تغيير النشيد و العلم كان خطأ كبيرا، فليس من الحكمة أن يغير العلم والنشيد دون إجماع وتوافق. فماذا لو أصر من لم يشارك في الحوار الحالي على الاحتفاظ بالعلم القديم؟ وما هي المكاسب التي سنحققها من تعدد الأعلام في هذه البلاد؟
(5)
إن رئيس حزب التحالف الشعبي كان هو الخاسر الأكبر في هذا الحوار، فحزب التحالف الشعبي التقدمي لم يحظ بشرف المقاطعة ولا بغنائم المشاركة، وقد تحدث الرئيس عزيز في خطابه بشكل ضمني عن الرئيس مسعود وعن بحثه عن مكاسب خاصة من خلال الحوار تتعلق بزيادة سن الترشح للرئاسة. في هذه النقطة يمكننا أن نسجل بأن حزب التحالف يسير منذ مدة في منحدر سياسي خطير، وإذا لم يراجع زعيم الحزب نهجه فإن الحزب سيصبح من بين الأحزاب المهددة بالاختفاء كليا من المشهد السياسي.
(6)
من الطريف جدا أن يتم الحديث عن حوار بين المعارضة والموالاة، وأن يوقع عن العارضة الرئيس" بيجل"، والذي لا يمكن أن نصنفه بالمعارض. ثم إنه من الطريف جدا أن يصف الرئيس المعارضة المقاطعة بأنها جزء من الأنظمة السابقة، وذلك في وقت يكون فيه التوقيع على البيان الختامي للحوار قد تم من طرف عثمان ولد الشيخ أحمد أبي المعالي عن" الأغلبية" وبيجل ولد هميد عن المعارضة.
(7)
هناك ظاهرة سيئة تنامت في العهد الحالي، وتتمثل في التمكين للمهرجين ومنحهم الصفوف الأمامية في كل الأنشطة التي كان من المفترض بها أن تكون أنشطة خاصة بالنخب. لقد تم إطلاق عبارات مقرفة ومقززة خلال حفل الاختتام وخلال خطاب الرئيس.
(8)
إن كل أولئك الذين نادوا بالمأمورية الثالثة يثيرون الآن الشفقة، ومن المؤسف بأن هؤلاء لن يأخذوا درسا من هذه الواقعة، فهم قد جبلوا على التطبيل والتصفيق والتزمير، وهذه الصفعة التي وجهت لهم اليوم من قصر المؤتمرات لن تزيدهم في المستقبل إلا تصفيقا وتطبيلا وتزميرا .
(9)
بالمجمل يمكن القول بأن الرئيس محمد ولد عبد العزيز قد حقق من الناحية التكتيكية نصرا مبينا على المعارضة، وذلك بإعلانه عن عدم ترشحه لمأمورية ثالثة أياما قبل مسيرة المنتدى، ولكن من الناحية الإستراتيجية فإنه يمكن القول بأن المعارضة قد حققت نصرا هاما وذلك لأنها قد استطاعت أن تجبر الرئيس على أن يتعهد علنا بأنه لن يترشح لمأمورية ثالثة، ولعلكم تتذكرون بأن الرئيس كان يكرر ـ وإلى وقت قريب ـ بأنه لن يجيب على سؤال المأموريات إلا في العام 2019.
حفظ الله موريتانيا..
محمد الأمين ولد الفاضل