بدأت الدبلوماسية المغربية في نقل الوصفة التي طبقتها مع إسبانيا بشأن إرساء حوار واستقرار طيلة السنوات الماضية الى العلاقات مع موريتانيا التي كانت متأزمة وعادت لتسجل نوعاً من الانفراج مؤخراً بعدما تبين مدى التأثير الذي قد تمارسه نواكشوط على علاقات المغرب بالاتحاد الأفريقي.
وكانت العلاقات المغربية – الإسبانية تشهد توترات كبيرة بسبب الاختلاف في ملفات ومنها الهجرة والصحراء وسبتة ومليلية المحتلتان خاصة بعد الأزمة التي وقعت صيف 2002 حول جزيرة ثورة في مضيق جبل طارق. وكان وزير الخارجية الإسباني السابق مانويل مارغايو قد قال علانية في لقاء في مدريد سنة 2013 مع الوزير المنتدب في الخارجية المغربية وقتها يوسف العمراني إنه «إذا كان المغرب يريد علاقات مستقرة عليه الكف عن المطالبة بسبتة ومليلية».
وعملياً، استجاب المغرب لهذا المطلب وغابت سبتة ومليلية من خطابات الملك محمد السادس وبرامج الأحزاب، حيث لم يعد يقوى أي حزب سياسي على توجيه أسئلة الى الحكومة في البرلمان حول هذا الملف. وفي المقابل، مالت إسبانيا نسبياً الى تهدئة موقفها في نزاع الصحراء، ولم تغير من دفاعها عن تقرير المصير بل عملت على معارضة تكليف قوات المينورسو مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية. كما أصبحت من المدافعين عن مصالح المغرب وسط الاتحاد الأوروبي علاوة على أنها بوابته الرئيسية نحو هذا الاتحاد.
وخلال الأسبوعين الأخيرين، كل المؤشرات تدل على أن الدولة المغربية سائرة في تطبيق السيناريو نفسه مع موريتانيا بعدما أظهرت نواكشوط أنها قد تلعب دوراً حاسماً في عودة المغرب من عدمه إلى الاتحاد الإفريقي وكل هذا يتوقف على انضمامها الى محور الجزائر أو تبني الحياد. وكانت العلاقات بين الرباط ونواكشوط متأزمة بشكل لم يحدث منذ مدة طويلة. فرفضت نواكشوط تعيين سفير لها في الرباط ورفضت الحديث عن أزمة الكركرات بحجة أن ما يجري هو شأن يخص المغرب والبوليساريو، وفي المقابل شنت وسائل الاعلام ومنها الرسمية حملة ضد موريتانيا متهمة إياها بدعم البوليساريو والسقوط في المحور الذي تقوده الجزائر.
وشهدت العلاقات انفراجاً بعد معالجة تصريحات زعيم حزب الاستقلال حميد شباط التي قال فيها منذ أسبوعين تقريباً إن موريتانيا كانت جزءاً من المغرب. فبادر الملك محمد السادس الى الاتصال برئيس موريتانيا محمد ولد عبد العزيز بعد سنوات من الجفاء للتخفيف من الأزمة المفترضة، وانتقل رئيس الحكومة عبد الاله بن كيران نفسه الى نواكشوط للحديث مع الرئيس الموريتاني حول الموضوع.
وتتجلى الوصفة المغربية الجديدة في العلاقات مع موريتانيا بصمت المغرب على لكويرة بعدما ضمتها موريتانيا سراً الى أراضيها، ثم عدم تحميل سلطات نواكشوط مسؤولية تحركات البوليساريو في الكركرات بما فيه وصول مسلحي هذه الحركة التي تنازل المغرب عن السيادة على الصحراء، الى المحيط الأطلسي.
ويجري كل هذا بعدما أظهرت موريتانيا أنها تمتلك جزءاً من القرار في عودة المغرب من عدمه الى الاتحاد الإفريقي، خاصة بعدما اعتبر بيان وزارة الخارجية في رده على شباط أن انتقاد موريتانيا الآن هو جعل عودة المغرب الى الاتحاد عملية صعبة.
حسين مجدوبي/مدريد – «القدس العربي»: