لم تكد دموع ذرفتها النائبة البرلمانية ميمونة بنت التقي لتجف أمس حتى أصدر الرئيس الموريتاني مرسوماً بتعيينها وزيرة لشؤون المرأة، أما دموع محمد ولد جبريل فقد جفت منذ زمن، لكنها لم تنس قط حيث أوصله تباكيه في مهرجان سياسي سابق، على ما يبدو، لتولي حقيبة وزارة الشباب والرياضة في تعديل وزاري جزئي دخل أمس حيز التنفيذ.
هذه الدموع المرقية المستوزرة، شغلت الكتاب والمدونين الموريتانيين عن كل شيء حتى عن إعدام الشاب المسيء للنبي، فطفقوا يعلقون عليها بتدوينات استغراب وسخرية وانتقاد. فقد خصص الكاتب حنفي دهاه افتتاحية صحيفته الآنية «تقدمي» لهذا المبكى السياسي الذي تواصل الانشغال به طيلة يوم أمس، حيث كتب تحت عنوان «دموع بنت التقي» ساخراً من تعيينها بعد الإجهاش بالبكاء، «تباكت النائبة الذائبة في موالاتها المطلقة ميمونه بنت التقي فتم تعيينها وزيرة .. رغم أنها لم تذرف دمعاً وإنما علت صوتَها حزونةٌ كاذبة، فلو أنها سفحت دمعاً لتم «تعيينها» سيدة أولى، لا وزيرة أولى».
«بكاء ميمونه بنت التقي الرديء من الناحية الفنية، كان أسرع في مفعوله من بكاء محمد ولد جبريل، حيث آتي بكاؤها أُكله في أقل من أسبوع، أما دموع ولد جبريل التي يبُزّ محكم فَتْلها الدراماتيكي مبلغ جهد داستن هوفمان، فلم يؤت أكله إلا بعد حول من مواصلة العدو في شأو النفاق والتملق».
«أعتقد أنه ما دامت الدموع تقوم في التعيين الوزاري مقام الكفاءات العلمية، يقول الكاتب، فإن كل مواطن موريتاني مؤهل له، حيث أن الوضع المعيشي سيحمله يوماً ما على البكاء إن سراً أو جهراً.. فالموريتاني لا يفتأ يذرف دمعه منذ أن حكمته هذه الطغمة العسكرية الفاسدة بكاءً وبكىً».
وأضاف «في هذه الفترة التي يباشر فيها محمد عليون (الرئيس الموريتاني)، ترتيباته لتغيير الدستور يرسل من خلال هذه التعيين «البكائي» المضحك المبكي، رسالة أن المرحلة لا تجدي فيها حصافة ولا سداد رأي، وإنما الابتكار في التصفيق و الوقوف ببابه، و التذلل لجنابه.. و مقارعة المعارضة حجة بحجة، وبذاءة ببذاءة وبكاءً ببكاء». وتساءل الصحافي مأمون مختار «ما ذا تنتظرون من وزراء تم تعيينهم مكافأة على بكائهم حمية للنظام؟».
أما القيادية المعارضة منى بنت الدي فدونت من باب آخر معلنة قولها «أنا من جانبي أبكي على وطن يتخطفه اللصوص والمنافقون والبكاؤون، على وطن يهوي إلى الحضيض، لا أمل فيه لرجل أو امرأة في نيل حقوقه أو الترقي في مراتب وظائفه إلا بالتنازل عن الكرامة والتحلل من القيم والأخلاق وكل اعتبارات الإنسانية والاحترام».
وعلق المدون البارز حبيب الله ولد أحمد على التعديل الحكومي قائلاً «هذه الحكومة يستحق فعلاً «مالك الحزين» رئاستها حكومة مآتم ومآس، دموع..دموع دائم..دموع، إن التعيين في هذه الحكومة لا يحتاج في هذه المرحلة لأكثر من بكاء «بدموع تماسيح» لا أهمية للعلم والخبرة والكفاءة والشهادة، لا أهمية حتى لأن يكون الشخص المعين موريتاني الجنسية، يكفي فقط أن ترضي دموعه صاحب «حائط المبكى».
وقال «توقعوا نوبات بكاء جماعية في أوساط المنتخبين والأطر ومنتسبي الحزب الحاكم وشبيحته..ببكائك تحصل على وزارة فاحذر أن تجف مآقيك». وعلق عبد الدائم ولد النون المدون والناشط السياسي الشبابي في الحزب الحاكم ساخراً بقوله «إني أبكي… أبكي ..أغرق في الدموع»..
وكتب المدون مولاي امحمد ولد الذهبي «وعينت بعد بكائها …وكم من محروم بكى جوعاً ولم يلق العناية، وكم من عاطل بكى على سنوات التحصيل والبذل ولم يجد حقه في التعيين والاهتمام». وطلب المدون المعارض المختار حبيب من متابعيه تصريف فعل «بكى» في الحاضر، معلناً عن منح جائزة للــــفائز».
هكذا حول الموريتانيون المتسيسون بطبيعتهم، تعيين الرئيس العادي لاثنين من أنصاره كانا قد بكيا لحظة من لحظات تقديسهما للرئيس، إلى مسخرة مضحكة ومبكية في آن واحد.
نواكشوط ـ «القدس العربي»