أعلنت المعارضة الموريتانية أمس عن كامل تضامنها مع مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية ( إيـرا) الناشطة في مجال محاربة الرق، بمناسبة ما تعرض له أنصارها من قمع على يد قوات الأمن.
وتنشط مبادرة انبعاث حركة (إيـرا) في مجال مكافحة العبودية وهي حركة حقوقية موريتانية معارضة وغير مرخص لها، وتتبنى منذ تأسيسها خطاباً يوصف بالتطرف الشديد تجاه عرب موريتانيا الذين تعتبرهم ممارسين للرق.
وحيت المعارضة النبرة التصالحية التي تضمنها خطاب ألقاه بيرام ولد الداه رئيس الحركة بمناسبة عودته قبل أيام من جولة سياسية في الخارج. وأكد ولد الداه في ذلك الخطاب أنه «يجدد مد يد التسامح والأخوة والتكاتف لكل الموريتانيين وبخاصة أولئك الإخوة في الوطن والدين والتضحية الذين سعت دعاية السلطة جاهدة إلى الوقيعة بينه وبينهم، وسربت معطيات مغلوطة تشي بأنه يحمل لهم غلاً أو ينوي لهم إساءة».
ويتنبى ولد الداه المتحدر من مجموعة الأرقاء السابقين منذ تأسيس حركته الحقوقية «مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية»، خطاباً يوصف بالتطرف الشديد وبالعنصرية تجاه عرب موريتانيا «البيظان». وينشط في هذه الحركة عشرات من متطرفي شباب مجموعة «الحراطين» وهم الأرقاء السابقون.
وأكدت المعارضة الموريتانية في بيان وزعته أمس «أن السلطات الموريتانية أقدمت على قمع تجمعات سلمية نظمها مناضلو «إيرا» لاستقبال زعيم حركتهم الذي كان يقوم بجولة في عدد من البلدان الأجنبية» .»إننا في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، يضيف البيان، ندين بشدة هذا التصرف غير المبرر والمرفوض، والذي يدخل في إطار السياسات القمعية التي ينتهجها النظام من أجل التضييق على الحريات وانتهاك الحقوق التي يضمنها الدستور وتكفلها القوانين.» وأكدت المعارضة الموريتانية «أنها تسجل بارتياح الخطاب التصالحي الذي وجهه السيد بيرام الداه عبيد والذي دعا فيه للتآخي والتلاحم والتضامن بين كافة مكونات الشعب الموريتاني، خاصة أن البلاد أحوج ما تكون اليوم إلى الوقوف في وجه التطرف والنعرات الفئوية والعرقية والقبلية والدينية التي يعمل النظام على إذكائها من أجل إحكام قبضته على السلطة في البلاد». وفي بيان آخر حول الموضوع، أعلن التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (إخوان موريتانيا)، أنه «تابع ما تعرض له نشطاء حركة «إيرا» من قمع ومضايقة وهم يتظاهرون سلمياً لاستقبال رئيسهم العائد من الخارج.» وأكد الحزب «رفضه لكافة أشكال التضييق على الحريات العامة، وبخاصة حرية التعبير وحرية التجمع والتظاهر»، مجدداً «تنديده بما تعرض له نشطاء حركة «إيرا» ورئيسها من قمع ومضايقة واستهداف». ورحب حزب التجمع «بالخطاب التصالحي السلمي الذي وجهه رئيس «إيرا» عند عودته واعتبره خطوة مهمة في سبيل التضامن المجتمعي». وأكد حزب التجمع «أن التعاطي الإيجابي والمستوعب لكافة القوى المجتمعية هو الوسيلة الأمثل للحفاظ على أمن ووحدة وتماسك المجتمع، وأن أساليب العنف والمنع والإقصاء لا تلد إلا تطرفاً وعنفاً مضاداً».
وكانت حركة «إيرا» المثيرة للجدل قد اشتكت في بيان وزعته أمس من قيام السلطات الأمنية بقمع نشطائها أثناء تجمعهم لاستقبال رئيس الحركة. وأكدت «أن أي استفزاز لن يرد مناضلي الحركة المحاربين للرق وللعنصرية عن نضالهم السلمي». ودعت الحركة في بيانها «المجتمع المدني الموريتاني إلى مناصرتها والوقوف معها في نضالها الذي يتماشى ومصالح الشعب الموريتاني كله». وطالبت الحركة «المجموعة الدولية بتسجيل هذا التصعيد الذي قامت به السلطات الموريتانية والذي يعتبر مسا بحرية التجمع». وتنفي السلطات الأمنية الموريتانية استهدافها لهذه الحركة وتؤكد أن القانون يمنع حركة «إيرا» من القيام بنشاطات سياسية لكونها غير مرخص لها، كما أن السلطان الأمنية تعتبر أن نشاطات أعضاء الحركة ذات الطابع الجانح للعنف، مهددة للأمن والسكينة العامة.
هذا ونددت حركة «إيرا» في بيان آخر وزعته أمس «بقيام السلطات بفصل نائبة رئيسها كومبا دادا كان من عملها في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بدون مبرر قانوني». وأعادت الحركة للأذهان «أن السلطات سبق أن قامت بقطع راتب رئيسها بيرام ولد الداه في شهر كانون الثاني/يناير 2011 دون سبب إداري أو قانوني».
وأكدت الحركة «أن هذه المضايقات لن تزيدها إلا إصراراً على الكفاح والنضال من أجل إقامة نظام عادل في موريتانيا».
وتسعى مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية «إيرا» التي يرأسها ولد الداه، حسبما يستشفه خصومها من خطابها، لفصل مجموعة «الحراطين» الذين يدعون بأنهم يشكلون غالبية في المجتمع الموريتاني عن عرب موريتانيا أو «البيضان» كما يسمون، وإحداث مواجهة بينهم على أساس أن العرب مسترقون وأن «الحراطون» ضحايا الاسترقاق وهو ما يرى البعض أنه قد يقود موريتانيا لحرب أهلية.
وتخوض حركة «إيرا» نضالاً يستغربه الكثيرون لكونه بدأ بحرق كتب المذهب المالكي، بحجة أنها تتضمن نصوصاً فقهية استرقاقية، وانتهى بسب علماء البلد ووصفهم بمشرّعي الاسترقاق. وكان بيرام ولد الداه رئيس حركة «إيرا»، قد حصل على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لعام 2013، كما احتل الرتبة الثانية بعد الرئيس ولد عبد العزيز في الانتخابات الرئاسية التي جرت منتصف العام قبل الماضي.
القدس العربي