تنشط المعارضة الموريتانية المتحدة بأحزابها ونقاباتها وشخصياتها المرجعية في منتدى الديمقراطية والوحدة، خلال ندوة صحافية مقررة اليوم حملتها السياسية المضادة لتعديلات في الدستور تسعى الحكومة الموريتانية هذه الأيام لتمريرها عبر دورة خاصة لمؤتمر البرلمان بعد أن تخلت السلطات عن تمريرها عبر الاستفتاء الشعبي لأسباب مالية.
وتنضاف الندوة الصحافية المخصصة، حسب بيان وزعته المعارضة أمس، لإبراز مخاطر تعديل الدستور خارج الإجماع، لنشاطات عدة تقوم بها المعارضة هذه الأيام بينها سلسلة مهرجانات سياسية متواصلة في ولايات العاصمة نواكشوط، وتنوي المعارضة نقلها يوم الرابع من شباط/فبراير المقبل نحو مدينة نواذيبو العاصمة الاقتصادية.
وسربت أوساط المعارضة، ضمن هذا الحراك، عبر مواقع التواصل، أغنية يلحنها فنانون معارضون، تحذر كلماتها الموزونة باللهجة المحلية، من تغيير النشيد الوطني ومن المساس بالدستور، ومن إلغاء غرفة مجلس الشيوخ، مؤكدة أنها كلها محظورات يجب على السلطات تجنبها، ومعلنة في الوقت نفسه عن وجود من هو مستعد لحماية الدستور بدمه.
وضمن هذه التفاعلات أكدت المعارضة الموريتانية في بيان وزعته أمس أن»قادتها أكدوا في تجمع شعبي رفضهم لتعديلات الدستور المرفوضة من قبل الشعب لأنها لا تحمل أي حل لا للأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد ولا للمشاكل الجمة التي يعاني منها المواطنون في حياتهم اليومية».
وأكد البيان «أن تعديلات الدستور مرفوضة لكونها تأتي في ظروف تزداد فيها أسباب الخلاف وتتعمق فيها الأزمة السياسية».
«لقد حاول النظام، يضيف البيان، تمرير هذه التعديلات عبر استفتاء شعبي إلا أنه رأى أن الشعب يرفضها بقوة، وذلك ما برهنت عليه المسيرة الحاشدة التي نظمها المنتدى في 29 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وها هو يحاول اليوم تمريرها من خلال مؤتمر برلماني وهذه الطريقة غير شرعية لأن إحدى غرف البرلمان وهي مجلس الشيوخ، قد تعدى فترة صلاحيته بسنوات عديدة ولم يعد هو نفسه شرعياً، أحرى أن يشرع تعديلات دستورية».
وفي سياق متصل، أكد القيادي المعارض محمد المصطفى ولد بدر الدين الأمين العام لحزب اتحاد قوى التقدم أمس في حشد شعبي نظمته المعارضة «أن نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، كان يريد تمرير تعديلات الدستور عبر استفتاء شعبي للتغطية على فشل حواره المجتزأ، لكن مسيرة الـ 29 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي التي نظمتها المعارضة، أقنعته بأن الشعب يرفض هذه التعديلات، ما جعله يلجأ لمحاولة تمريرها عبر مؤتمر برلماني للتغطية على فشله في تمريرها عبر الاستفتاء، لكن هذه المحاولة ارتطمت أيضاً بمعضلة أخرى تتمثل في انتهاء مأمورية مجلس الشيوخ ولم يعد بإمكانه التشريع لأنه بكل بساطة لم يعد شرعياً وفاقد الشيء لا يعطيه»، حسب تعبيره.
وضمن الاهتمام المنصب حالياً حول تعديل الدستور، ناقشت ندوة علمية دلالات ومآلات الرهانات السياسية والتعديلات الدستورية في موريتانيا، بتنظيم من المركز الموريتاني للبحوث والدراسات الإنسانية.
وأكد الدكتور سيد محمد ولد سيد أب أستاذ للقانون بجامعة نواكشوط في عرض قدمه خلال الندوة «أن تعديل الدستور عن طريق البرلمان أمر يلزم العدول عنه»، مضيفاً «أن الاستفتاء هو الحل الأنسب لتعديل الدستور»، حسب رأيه.
وقال «إن بعض الأطراف السياسية تشكك في الطريقة التي انتخب بها البرلمان القائم في موريتانيا حالياً، وهو ما يقود حتماً لضرورة تقديم التعديل الدستوري لاستفتاء شعبي، لأن تغييره عن طريق برلمان محل شك يقود للتشكيك في الدستور مستقبلاً وهو ما يلزم تجنبه لأن الدستور يجب أن يكون محل إجماع واحترام من الجميع». هذا وحدد القيادي الموريتاني المعارض محمد الأمين الفاظل في تحليل سياسي نشره أمس تحت عنوان «فخ التعديلات الدستورية»، جملة من الصعوبات سيواجهها مؤتمر البرلمان الخاص بتعديلات الدستور منها صعوبات قبل تنظيم المؤتمر يتقدمها رفض المعارضة المحاورة لتمرير التعديلات الدستورية عن طريق مؤتمر برلماني، ومن هذه الصعوبات ما يتمثل في أن الرأي العام لن يكون من السهل إقناعه بتغيير بعض رموز الوطن (العلم الوطني) من خلال مجلس شيوخ مشكوك في شرعيته، وتجاوز عمره الافتراضي بأربع سنوات، أو من خلال جمعية وطنية تغيب عنها أحزاب معارضة وازنة».
ومن الصعوبات التي تحدث عنها الكاتب «كون الموالاة ليست على قلب رجل واحد، وصراعاتها التي لا تتوقف أبداً ستربك التحضير الجيد للمؤتمر البرلماني، ولذلك فقد سارع الوزير الأول إلى تنظيم مأدبة عشاء لنواب الموالاة ولشيوخها ليقول لهم بأن الحكومة قررت تنظيم مؤتمر برلماني بدلاً من الاستفتاء الشعبي، قال لهم ذلك من قبل أن تتفق عليه لجنة متابعة الحوار، وكأنه بذلك قد أراد أن يقول للمعارضة المحاورة بأن رأيها غير مهم، وبأن موافقتها غير ضرورية، وبأن الحكومة هي من يحدد طريقة الاستفتاء، وبأنه على الجميع أن ينصاع لقرارات الحكومة». ورجح الكاتب في تحليله «أن التصويت لن يكون لصالح تلك التعديلات، فهناك الشيوخ الذين لن يقبلوا بسهولة بأن يتم إلغاء مجلسهم، وهناك بعض النواب الموالين الذين يعارضون تعديلات دستورية في مثل هذا الوقت، وهناك من يعارض بشكل قوي وسري تغيير العلم الوطني».
وتوصل الكاتب والمدون السياسي البارز في آخر تحليله لخلاصة مفادها «أن الاستفتاء على التعديلات الدستورية سيوقع الرئيس ولد عبد العزيز في ورطة حقيقية، إن لم يكن قد وقع بالفعل في تلك الورطة، قبل أن يبدأ الاستفتاء على تلك التعديلات».
عبد الله مولود
نواكشوط – «القدس العربي»