إجازتها من طرف الغرفتين منفصلتين ثم مجتمعتين في مؤتمر
تعد الحكومة الموريتانية حالياً، حسب مصادرها، لتمرير تعديلات الدستور التي تمخض عنها حوار أكتوبر / تشرين الاول الماضي، عبر البرلمان وذلك على مرحلتين أولاهما من خلال دورتين طارئتين لكل من الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ قد تعقدان يوم الاثنين المقبل، والثانية عبر مؤتمر برلماني مشترك للغرفتين.
وبحسم هذه القضية، تكون الحكومة قد تخلت نهائيا عن إقرار هذه التعديلات عبر الاستفتاء الشعبي كما ورد في البيان الختامي للحوار السياسي الذي نظم ما بين 29 سبتمبر / أيلول و20 أكتوبر من العام الماضي والذي قاطعته المعارضة الجادة.
وسيكون على النواب والشيوخ خلال دورة مقررة الاثنين المقبل، حسب مصادر مطلعة، أن يدرسوا نظامية التعديلات ليقرروا بعد ذلك مسار إجازتها إما عبر مؤتمر برلماني كما تقترح الحكومة أو عبر استفتاء شعبي كما تأمل المعارضة المشاركة.
وينص الدستور الموريتاني على أن الدستور لا يمكن تعديله إلا بثلثي أصوات المؤتمر البرلماني الجامع لغرفتي النواب والشيوخ أو عبر لاستفتاء.
وتشكّك أوساط عدة في شرعية المؤتمر البرلماني لكون مجلس الشيوخ قد تجاوز بمدة طويلة الآجال المحددة لتجديد مجموعة أعضائه الثلاثة.وتتوقع أوساط عدة أن يعترض نواب وشيوخ المعارضة المحاورة على إقرار تعديلات الدستور عبر البرلمان بدل الاستفتاء، وأن يطالبوا الحكومة خلال الدورة البرلمانية المنتظرة، باحترام مخرجات الحوار التي نصت على إجازة تعديلات الدستور عبر الاستفتاء الشعبي.
واحتجت أطراف مشاركة في الحوار بينها التحالف الشعبي التقدمي بزعامة مسعود ولد بلخير، على التخلي عن إقرار التعديلات عبر المؤتمر البرلماني وطالبت بإقرارها عبر الاستفتاء الشعبي لإعطائها مصداقية أكبر.
وتبذل الحكومة التي تتوفر على أغلبية في البرلمان، جهوداً قوية لتمرير التعديلات المثيرة عبر الإجماع داخل المؤتمر البرلماني، ولتفادي أي مفاجأة تسقط التعديلات خلال الاقتراع السري للنواب والشيوخ.
وتخشى المعارضة من اعتراض الشيوخ على هذه التعديلات لكونها تتضمن إلغاء غرفتهم واستبدالها بمجالس محلية في الولايات.
وينتظر أن يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز النواب والشيوخ بصفة فردية لتأمين إجازة التعديلات الدستورية عبر المؤتمر البرلماني دون أي اعتراض.
وكانت القيادة السياسية لحزب التحالف الشعبي التقدمي المشارك في الحوار قد أكدت في بيان أخير عارضت فيه بقوة إجازة تعديلات الدستور عبر البرلمان «أن إجازة التعديلات خارج الاستفتاء «سيكون لاغياً ولا مفعول له، وأحادياً، لا شرعياً متناقضاً تناقضاً صريحاً مع مقتضيات الوثيقة الختامية للحوار المنقضي قبل أشهر، فليس لرئيس الجمهورية أي سلطة في تجاوز الاتفاقيات الموقعة من قبل المتعاقدين مهما كانت مبرراته»، حسب تعبير البيان.
«كما أن إقرار التعديلات عبر البرلمان، تضيف القيادة السياسية لحزب التحالف، يعتبر تعطيلاً لحجة الحوار الوحيدة الصريحة التي يواجه بها المشاركون فيه خصومهم في ما يتعلق بمقترحات تعديل الدستور موضوع الجدل، وعليه فإن اقتصار الاقتراع الشعبي آلياً على غالبية سياسية (موالية بل ومتعددة الولاءات الحزبية) برهان ساطع على ضعف الاهتمام الذي يوليه النظام لرأي الشعب، وللأكثرية الصامتة غير المسيسة التي تشكل أغلبية ساحقة محتملة من الناخبين، وحتى إن أطرتها الأحزاب».
ووجهت القيادة السياسية لحزب التحالف الشعبي التقدمي في اختتام بيانها الدعوة لكافة الإرادات الوطنية الخيرة مهما كانت انتماءاتها، في المعارضة وفي الغالبية للتوحد لإيقاف ما ينذر بانحراف استبدادي جديد حتمي للديمقراطية وللمكتسبات الجمهورية في موريتانيا.
وفيما تتجه هذه الوجهة يشاع منذ أيام أن جهودا تحركها أطراف خارجية، تبذل لتنظيم حوار جديد يلغي الحوار السابق وتشارك فيه المعارضة المقاطعة.
وانتقد تقرير مؤسسة المعارضة الديموقراطية لعام 2016 والذي نشر أمس الأول تعامل الحكومة مع المشهد السياسي المتأزم.
وأكد التقرير «أن القطيعة السياسية ظلت السمة الأبرز للمشهد السياسي الوطني، رغم محاولات تنظيم الحوارات المتعددة التي لم تنه القطيعة ولم تحل الأزمة السياسية، نتيجة مقاطعة أطراف من الطيف المعارض لمختلف الحوارات استشعارا منها لعدم الجدية وغياب الضمانات المطلوبة والتنازلات المطمئنة، وحتى الحوار الذي شاركت فيه أطراف سياسية معارضة أظهرت ظروفه وأجواؤه والمراحل التي سبقت تحضيره وتلكؤ النظام في تطبيق العديد من مخرجاته، عن حالة من الارتباك السياسي والتنكر لروح الشراكة الوطنية التي يجب أن يتسم بها الفعل السياسي لأي سلطة».
القدس العربي