يظهر ناديا ريال مدريد وبرشلونة في هذه الآونة حالة من انعدام الثقة والتوازن رغم امكانياتهما الفنية والمادية الكبيرة، ويبدوان كما لو كانا عملاقين علقت أقدامهما في الوحل، فقد أثار الفريقان، اللذان يعانيان من مشاكل واضحة، تكهنات كبيرة عن تمخض حالة من الإثارة والتشويق في الدوري الأسباني “الليجا”، ومعاناة كبيرة في مشوارهما ببطولة دوري أبطال أوروبا.
وتعطي نتائج الفريقين في المرحلة الماضية من الدوري الأسباني ملخصا واضحا لحقيقة ما يحدث هذا الموسم مع الناديين الكبيرين، فبينما سقط ريال مدريد في فخ التعادل 1 / 1 على ملعبه أمام جاره أتلتيكو مدريد أول أمس السبت، رفض برشلونة هدية غريمه التاريخي وتجرع هزيمة غير منطقية أمام ملقة المتواضع.
وقست الصحافة الأسبانية بشكل كبير على كلا الفريقين في تحليلها لمباراتيهما الأخيرتين، وخلصت إلى أن كلاهما لا يلعب بشكل جيد، ولكن الأسباب وراء ذلك مختلفة بالنسبة لكل ناد.
ومنذ وقت طويل أصبحت الشكوك تحيط بالمدرب الفرنسي زين الدين زيدان، المدير الفني لريال مدريد، لتمسكه الواضح وإخلاصه الكبير لثلاثي خطه الهجومي المكون من كريم بنزيمة وجاريث بيل وكريستيانو رونالدو، بالإضافة إلى معاناته في قراءة المباريات، وهو ما يظهر جليا في التغييرات، التي يجريها.
وبرز العاملان السابقان بشكل واضح لا يرقى إليه أي شك في مباراة النادي الملكي أمام أتلتيكو مدريد.
ونجح الأرجنتيني دييجو سيميوني، المدير الفني لأتلتيكو مدريد، بفرض حصار على منافسه، بالدفع بلاعب الوسط أنخيل كوريا على حساب المهاجم فيرناندو توريس.
ويبدو للوهلة الأولى أن المغزى من هذا التغيير هو رغبة سيميوني في أن يلعب بطريقة دفاعية، بيد أن مجريات اللعب كانت تشير إلى حقيقة مغايرة تماما.
ودفع أتلتيكو مدريد بخمسة لاعبين في وسط الملعب حتى يتمكن من السيطرة على مجريات المباراة والتفوق على منافسه وحرمانه من الاستحواذ على الكرة، وهو ما أدى في النهاية إلى إدراكه التعادل.
وجاء رد فعل زيدان على خطة سيميوني غريبا بعض الشيء، حيث قام بإشراك اسكو بدلا من توني كروس مع الإبقاء على الثلاثي الهجومي في الملعب.
ووصفت صحيفة “ماركا” الأسبانية التغيير، الذي قام به زيدان بـ “الضار”، فيما قالت صحيفة “أ س″: “يبدو معقدا بعض الشيء فهم المغزى من وراء تغيير كروس، أفضل اللاعبين في وسط الملعب (دقة تمريراته بلغت 95 بالمئة، كما استعاد الكرة ست مرات)، وإشراك اسكو.
وأوضحت الصحف الأسبانية أن جماهير النادي الملكي طالبت باستبدال لاعب من الخط الهجومي بلاعب آخر في وسط الملعب.
واعتادت جماهير ريال مدريد ألا تمر عليها لحظات أي مباراة لفريقها في هدوء، نظرا لأن الفريق لا يبسط سيطرته على المباريات، وهو لا يقوم بهذا لأن لاعب وسطه الكرواتي لوكا مودريتش ليس في كامل لياقته الفنية، كما أن ثلاثي الخط الهجومي يجد صعوبة كبيرة في تسجيل الأهداف، بل ويعاني أيضا في إيجاد صيغة للتناغم، كما صرح مدافع الفريق الملكي سيرخيو راموس.
والعجيب في هذا الصدد، أنه كلما قام زيدان بإشراك اللاعبين البدلاء بشكل منطقي دون اللجوء إلى المغامرات يصبح الفريق أكثر فاعلية، مما يضع تشكيل الفريق في محل جدل دائم.
وعلى الجانب الأخر، يعاني برشلونة أيضا من غياب الفاعلية ولكن لأسباب أخرى، تتجلى في أن لاعبي الصف الثاني مثل اندريه جوميش ولوكاس ديني ودينيس سواريز وجيرمي ماثيو أو باكو الكاسير، لا يلبون تطلعات المدير الفني للنادي الكتالوني، لويس انريكي، عندما يقرر الاستعانة بهم لتجديد دماء الفريق.
هذا بالإضافة إلى أن الثلاثي الهجومي للفريق المكون من ميسي ونيمار وسواريز، لا يفلح في حسم المباريات دائما.
وأثارت الهزيمة أمام ملقة موجة من الانتقادات اللاذعة، وأشارت أصابع الاتهام إلى لويس انريكي، بسبب تغييراته الواسعة، التي يدخلها على الفريق.
وقالت صحيفة “سبورت” الأسبانية في هذا الصدد: “تغييرات لويس انريكي محيرة للغاية، حيث أنها جاءت في الوقت، الذي كاد الفريق الأساسي يصل فيه إلى قمة مستواه الفني”.
وخسر برشلونة 24 نقطة في هذه النسخة من مسابقة الدوري الأسباني، الذي شهدت سقوطه أمام فرق متواضعة مثل سيلتا فيجو وديبورتيفو لا كرونيا وملقة.
وتنبئ التقلبات، التي تعتري مسار ريال مدريد وبرشلونة، بختام مثير للدوري الأسباني، حيث أن كل شيء جائز الحدوث.
وها هما الفريقان يتبادلان الأدوار وبات أحدهما يرد الهدايا، التي يقدمها له الطرف الآخر في غضون ساعات قليلة، كما حدث أول أمس السبت.
ويلتقي الفريقان في مباراة الكلاسيكو الأشهر في العالم في 23 نيسان/أبريل الجاري، في لقاء قد يكون حاسما بشكل كبير في مصير مسابقة الدوري الأسباني هذا الموسم.
وعلى النقيض، تتحول الإثارة، التي خلقها الناديان في الدوري الأسباني، إلى حالة خطيرة من عدم اليقين بالنسبة لمشوارهما في بطولة دوري أبطال أوروبا.
ويواجه برشلونة غدا الثلاثاء ضيفه يوفنتوس الإيطالي، فيما يحل ريال مدريد ضيفا بعد غد الأربعاء على بطل الدوري الألماني بايرن ميونخ، وهما الفريقان اللذان يملكان كافة الإمكانيات والأدوات لمعاقبة عملاقي الليجا الأسبانية إذا ما أظهرا أي تراخي أو ضعف,