كشفت جهات مقربة من التحقيق الجارى مع المعتقلين الأربعة بتهمة السطو على أحد البنوك بالعاصمة نواكشوط عن تفاصيل العملية الأخيرة، والخيوط التى قادت إلى توقيف المشتبه بهم، والاعترافات التى أدلوا بها للمحقيقين بعد الاعتقال.
وتقول المصادر إن التحقيق مر بعدة مراحل، وإن حالة لتخبط الأولى نجمت عن معلومات غير دقيقة تم تزويد قادة الأجهزة الأمنية بها، وكادت تعصف بتناغم كبار الضباط، بل إن البعض أحس بالاستهداف من خلالها، والسعى لدى بعض الممسكين بزمام الأمور من أجل توريط مقربين منه.
غير أن عودة الرئيس محمد ولد عبد العزيز فكت الإشكال الحاصل بين معاونيه، وأعادت توجيه البوصلة عبر تكليف أحد أقدم ضباط الشرطة بملف التحقيق، ومنحه كامل الصلاحيات من أجل استعادة الثقة فى المؤسسة الأمنية وإلقاء القبض على الضالعين فى أخطر عملية تنفذ منذ فترة.
فترة تخبط مرهقة بنواكشوط
وتقول المعطيات إن لجنة التحقيق المشكلة من أربع ضباط فى البداية عاشت أسوء لحظاتها بفعل الارتباك وسوء التسيير، وكانت الأنظار موجهة بالأساس إلى سجناء الحق العام بموريتانيا، من خلال توقيف كافة السجناء الخارجين للتو من السجن المركزى، أو المتهمين الحاصلين على حرية مؤقتة، وقد انتقل التحقيق إلى ولاية لبراكنه ( السجن المركزى)، ثم تطور الأمر إلى توجيه الاتهام لبعض عناصر التيار السلفى، وإشراك جهاز أمن الدولة فى المرحلة الثانية من التحقيق المرتبك.
وبعد مراجعة سجل المفرج عنهم والمختفين المحتملين، تبين أن العناصر المتهمين ينشطون فى التنقيب عن الذهب منذ فترة، وأن مظاهر الثراء والسطو لامكان لها فى قاموس هؤلاء.
عودة للبنك المختلس واستدعاء أهل الخبرة
الإدارة العامة للأمن وفى المرحلة الثالثة من التحقيق عادت لمدير البنك وطالبته بالتعاون أكثر، وطلبت معلومات كافة الزبناء الموجودين لديه خلال الفترة الأخيرة ( مدة شهر).
وبعد جرد المعلومات المتوفرة تبينت الإدارة أن اثنين من الزبناء راجعوا البنك أكثر من 20 مرة خلال الفترة الأخيرة، وان مبالغ السحب والإيداع شبه المنتظمة لاتتجاوز 20 إلى 30 ألف أوقية.
سلوك أثار انتباه أحد الضباط الكبار، فأمر بوضع الشابين تحت المراقبة الأمنية.
وقد كان أحد المتهمين القاطنين بلكصر أكثر المراقبين فى البداية من قبل عناصر البحث " ديدي/ توتا)، وهو ما أثمر فى النهاية رأس الخيط الذى قاد لفك أبرز لغز واجهه الأمن فى الفترة الأخيرة.
كانت يوميات الشاب منحصرة – حسب التحقيق- بين النوم فى منزل ذويه بلكصر فى وقت متأخر إلى غاية العاشرة، المرور بمفوضية القصر من أجل أخذ أخبار التحقيق، مع ادعائه بأن زميل له تم توقيفه بتهمة الضلوع فى شجار مع قاصر بالمنطقة، التحول إلى مطعم راقى بمقاطعة تفرغ زينه لتناول الغذاء، اصطحاب فتاة إلى ممنتزه يقع على طريق نواذيبو (25) والسهر فيه إلى وقت متأخر.
بعد ثلاثة أيام من المراقبة تعززت الشكوك بفعل العلاقة بشاب آخر ينحدر من ولاية إينشيرى، وكانت ملامح وجهه تشير إلى العلامة التى كادت توجه التحقيق أول يوم ( إصابة فى الوجه أو إصابته بحروق)، وكانت علاقات الشبان بالفتيات تزداد كل ليلة، ومستوى الإنفاق داخل المطعم يتضاعف كلما خف الحديث عن البنك ومطاردة الأمن لعصابة "كوفندا" وبعض أبناء النافذين الآخرين.
مساء الجمعة قامت قوات البحث بتوقيف الشاب، وكان السؤال عن رفاقه هو أول سؤال يوجه إليه، حاول التملص من عناصر الأمن، لكن أحد المكلفين بالعملية نصحه بالإقرار قبل مواجهة سلوك آخر.
أنهار الشاب بسرعة، وأقر بضلوع رفاقه فعلا فى العملية، وأقنعوه بالاتصال بزميله الآخر الذى كان يتردد معه على البنك، وهو ماتم، حيث تم اعتقاله فى لكصر، قبل بداية مشواره المسائى المعتاد.
ومع المغرب تم اعتقال العنصر الثالث فى بوحديده، ولايزال البحث مستمر لتوقيف الرابع بعد تحديده.
وقد تم وضع اليد على كل خيوط العملية والوسائل المستخدمة فيها وتم العثور على بعض الأموال المسروقة من البنك.
المصدر: زهرة شنقيط