اعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم (الاثنين) عن خيبة امله لان مجلس الامن الدولي اخفق بالقيام بعمل ردا على هجوم بالأسلحة الكيميائية وقع في بلدة خان شيخون في سورية، كما طالب المجلس اثناء حفل غداء مع سفراء دول أعضاء فيه بضرورة فرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية التي اعتبر تجاربها النووية وتطوير صواريخ باليستية، مشكلة عالمية كبرى يجب حلها.
لنترك كوريا الشمالية جانبا في الوقت الراهن، ونركز على سورية، وجريمة الأسلحة الكيميائية التي باتت موضع جدل حاليا بسبب عدم اجراء أي تحقيقات دولية محايدة لتحديد الجهة المسؤولة عنها.
بداية لا نعرف ماذا يريد الرئيس ترامب من مجلس الامن الدولي ان يفعل للرد على هذه الجريمة، خاصة بعد ان اتخذ اجراء احادي الجانب وقصف قاعدة الشعيران السورية الجوية بأكثر من 59 صاروخ توماهوك، ودون الحصول على أي تفويض من المجلس، او انتظار صدور قرار عنه يجرم الجهة المسؤولة بعد تحديد هويتها.
***
كلام ترامب هذا يثير القلق، لانه يعيد الى اذهاننا ما قالته مندوبته في الأمم المتحدة السيدة نيكي هيلي من ان بلادها قد توجه ضربات أخرى في سورية اذا لم يقم مجلس الامن بمسؤولياته.
وما يدفعنا الى هذا الاعتقاد وجود مخاوف مشابهة لدى القيادة الروسية، فقد ابدى ميخائيل اوليانوف، مدير قسم عدم الانتشار والرقابة على التسلح في وزارة الخارجية الروسية عدم استبعاده “حدوث تمثيليات جديدة من هذا النوع (استخدام أسلحة كيميائية) في ريف دمشق، او أماكن أخرى في سورية، وفي القريب العاجل”، واكد انه “لا توجد أي ادلة تثبت ان السلطات السورية خبأت ولو كيلوغراما واحدا من المواد الكيميائية بعد اتلاف ترسانتها تحت اشراف خبراء دوليين.
سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي قال “ان بلاده ما زالت تأمل بإرسال منظمة حظر الأسلحة الكيميائية خبراء ولجنة تحقيق محايدة الى خان شيخون، والى مطار الشعيرات العسكري، لبدء تحقيقاتها وضمان تمثيل جغرافي واسع للخبراء، “، والجيش السوري مستعد لوقف العمليات العسكرية لتسهيل مهمتها.
الرئيس ترامب لا يستطيع توجيه ضربات صاروخية الى كوريا الشمالية، التي هددت قيادتها بتوجيه ضربة استباقية لتدمير حاملة الطائرات الامريكية “كارل فينسون” التي ما زالت تبحر للوصول الى مياهها الإقليمية مع مجموعة من السفن الحربية، وضرب كوريا الجنوبية بأسلحة نووية في حال تعرض بلاده لعدوان، ولكنه قد “يستأسد” على سورية، ويوجه عشرات الصواريخ مجددا لضرب اهداف عسكرية فيها، لادراكه مسبقا ان احتمالات الرد السوري ضعيفة، ان لم تكن معدومة.
***
لا نستبعد ان يكون الموقف مختلفا في المرة المقبلة، أي اذا حاول الرئيس الأمريكي تكرار الضربة الصاروخية، فقد أفادت تقارير عسكرية عديدة الى عدم وصول حوالي 36 صاروخا الى أهدافها في مطار الشعيرات الذي استأنف العمل في اليوم التالي، وجرى طرح احتمالات التصدي لها من قبل صواريخ روسية او سورية من طراز “اس 300″.
وربما يجادل البعض بأن القصف الصاروخي لقاعدة الشعيرات الجوية في محافظة حمص، بأنها ربما لم تحقق خسائر مادية كبيرة، ولكنها حققت أهدافا سياسية حيت اكدت تراجع أمريكا عن أي شراكة مع الرئيس السوري وحكومته، سواء ضد “الدولة الإسلامية” او قوى أخرى، وأنهت التفاهمات مع الروس في سورية، ولكن هذه الأهداف السياسية ربما تعطي نتائج عكسية تماما، وتجعل القيادة الروسية في حل من أي تنسيق مع نظيرتها الامريكية في سورية، سياسيا وعسكريا.
القيادة الكورية الشمالية تحدت الرئيس ترامب، واظهرت تردده، وتهديداته الجوفاء، من خلال استعدادها للانتقال من الدفاع الى الهجوم، والتهديد بالرد بالقدر نفسه على أي ضربة أمريكية نووية او تقليدية، وعلينا ان لا ننسى ان الصين وروسيا هم ابرز حلفائها، واذا كانت روسيا لا تستطيع، او لا تريد الرد على الصواريخ الامريكية في سورية، فانها ربما تركت هذا الرد للحليف الكوري الشمالي اذا لزم الامر.. والله اعلم.