أسدل الستار ظهر أمس الجمعة 05 – 05 - 2017 على حياة الرئيس الموريتاني الأسبق العقيد اعل ولد محمد فال، وهو الرئيس الموريتاني الوحيد الذي صنع الاستثناء بين رؤسائها وغادر السلطة طواعية وسلمها لرئيس منتخب بعد قيادة مرحلة انتقالية لم تتجاوز 19 شهرا.
وشكل ولد محمد فال استثناء من بين 6 رؤساء حكموا البلاد منذ استقلالها عن فرنسا 1960، حيث تمت إزاحتهم من الحكم عبر انقلابات عسكرية، كان أولها يوم 10 يوليو 1978، وأزاح رئيس البلاد المؤسس المختار ولد داداه، بعد 18 سنة من حكم البلاد.
وتوفي ولد محمد فال (67 سنة) بشكل مفاجئ في بادية تبعد حوالي 100 كلم عن مدينة الزويرات عاصمة ولاية تيرس الزمور، وتم نقل جثمانه عبر طائرة عسكرية إلى نواكشوط، فيما رابط آلاف الموريتانيين في محيط منزله، ومحيط مسجد ابن عباس انتظارا لأداء صلاة الجنازة عليه، ومواراته الثرى في مقبرة لكصر بنواكشوط.
ولد العقيد اعل ولد محمد فال في العام 1950 وموريتانيا، ونال شهادة ختم الدروس الابتدائية بتفوق، في العام 1966 حيث أهله ذلك للحصول على منحة إلى فرنسا.
خضع ولد محمد فال لتكوين عسكري بداية عقد السبعينات بدأه في فرنسا وأكمله في المغرب، ووجه مباشرة بعد تخرجه 1976 إلى ساحة الحرب على الحدود الشمالية للبلاد في مواجهة قوات البوليزاريو التي كانت في حرب مفتوحة مع موريتانيا.
يعتبر ولد محمد فال من بين قلة من العسكريين الموريتانيين الحاصلين على تعليم جامعي، حيث حصل بالتوازي مع دراسته العسكرية على شهادة "ليصانص" في الحقوق.
20 سنة من الأمن
كان ولد محمد فال أصغر الضباط المنفذين للانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد خونه ولد هيداله يوم 12 – 12 – 1984، وتولى بموجبه الحكم الرئيس معاوية ولد الطايع، وخولته شخصيته العسكرية ومستواه التعليمي لتولي العديد من المناصب منافسا لقادة أعلى رتبا عسكرية منه.
وفي العام 1985 أسندت له إدارة الأمن الوطني، وهو المنصب الذي ظل فيه لحين قيادته لانقلاب عسكري أطاح بولد الطايع بعد 21 سنة من حكم البلاد، وكان البلاد حينها في وضع سياسي وحقوقي محتقن، كما تعرض أمنها لهزات بفعل المحاولات الانقلابية المتتالية.
توافق وانتقال..
نجح ولد محمد فال في إيجاد توافق سياسي بين الموريتانيين، وقاد مرحلة انتقالية من 19 شهرا (03 أغسطس 2005 إلى إبريل 2007) انتخب خلالها الموريتانيون البرلمان الأكثر تعددية في تاريخهم، كما عرفت إجراء انتخابات رئاسية تنافس فيها 19 مرشحا، وحسمت في الشوط الثاني بين متنافسين مدنيين بنسبة 52%.
وفي 19 إبريل 2007 سلم ولد محمد فال السلطة للرئيس المدني المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، وسط حفاوة وطنية ودولية كبيرة بالحدث الاستثنائي في العام العربي.
كما عرفت فترة حكمه قفزة في مجال الحريات الإعلامية، انتقلت بموجبها الوصاية على الإعلام من وزارة الداخلية إلى القضاء، ودشنت انطلاقة مسار تحرير الفضاء السمعي البصري في البلاد.
وكان للموظفين مكاسبهم من فترة حكم الرجل القصيرة حيث عرفت رواتب الموظفين زيادة وصلت ضعف ما كانت عليه قبل ذلك.
عودة للسياسية
وقد أخذ ولد محمد فال مسافة من الفعل السياسي في بلاده، قبل أن يعود للنشاط مع الانقلاب على ولد الشيخ عبد الله 06 – 08 – 2008، واصفا الانقلاب بأنه "تمرد شخصي أدى لإلغاء مكاسب كبيرة للشعب الموريتاني".
وظل ولد محمد فال على موقفه المناوئ لقائد الانقلاب ورئيس البلاد الحالي محمد ولد عبد العزيز – رغم القرابة النسبية الماسة التي تربطهما – وحليفا قويا لكل الساعين لمواجهته من المعارضة داخليا وخارجيا، حتى رحيله ظهر الجمعة الخامس من مايو 2017.
وخلفت وفاته حالة حزن في الشارع الموريتاني، كما أعلنت الحكومة الحداد عليه لمدة ثلاثة أيام.
وكالة الاخبار