المجلس يقرر إطلاقه بالمادة 50 والنيابة تعتبره متلبسا بالمادة 46
ازدادت الأزمة بين النظام الحاكم في موريتانيا ومجلس الشيوخ الموريتاني أمس تعقيداً بعد أن أحالت النيابة العامة، عكساً لقرار المجلس، السيناتور محمد ولد غده إلى السجن ضمن إجراءات التعامل القانوني مع قضيته التي بدأت قبل أيام إثر دهسه خطأ لأسرة على قارعة الطريق ومقتل سيدة وطفل في ذلك الحادث.
وخصص مجلس الشيوخ مساء الإثنين جلسة أكمل خلالها إجراءات تفعيل أحكام المادة 50 من الدستور التي تنص على أنه «لا يرخص في متابعة عضو من أعضاء البرلمان ولا في البحث عنه ولا في توقيفه ولا في اعتقاله ولا في محاكمته بسبب ما يدلي به من رأي أو تصويت أثناء ممارسة مهامه، كما لا يرخص في متابعة أو توقيف عضو من أعضاء البرلمان أثناء دوراته لأسباب جنائية أو جنحية ما عدا التلبس بالجريمة، إلا بإذن من الغرفة التي ينتمي إليها».
وتنص المادة خمسون كذلك على «أنه لا يرخص في توقيف عضو من أعضاء البرلمان خارج دوراته إلا بإذن من مكتب الغرفة التي ينتمي إليها سوى في حالة التلبس بالجريمة والمتابعات المرخص فيها أو حكم نهائي بشأنه».
وكان سيدي محمد ولد مولاي أحمد وكيل النيابة في مدينة روصو (جنوب موريتانيا)، قد أحال السيناتور محمد ولد غده للسجن المدني بعد مثوله أمامه ظهر الإثنين مستبقاً بذلك، حسب تصريح لأحد الشيوخ، قرار مجلس الشيوخ القاضي بتفعيل المادة 50 التي تعلق إجراءات توقيف السيناتور ولد غده.
وأكد الشيخ المشار إليه «أن قرار إحالة السيناتور غده إلى السجن يعقد تنفيذ مقتضيات تفعيل أحكام المادة 50 من الدستور، حيث أنه يمدد فترة الاجراءات الى 30 يوماً أي ضعف الفترة التي يجب أن يستغرقها توقيف السناتور غده.
وكانت النيابة قد أكدت في بيان أصدرته أمس «أن حادث السير الذي وقع يوم الجمعة الماضي، يتعلق بسيارة يملكها شيخ مقاطعة تفرغ زينه محمد أحمد غده وهو من كان يقودها وقت الحادث، حيث كانت تسير بسرعة وأثناء محاولة السائق تفادي حيوان على الطريق فقد السيطرة على السيارة فخرجت عن الطريق ودخلت عريشاً ودهست مجموعة من الأشخاص داخله مما أدى إلى وفاة طفل وامرأة في حمل متقدم وجرح ثلاثة آخرين من بينهم امرأة حامل جروحها خطيرة». «وعند تفحص أوراق السيارة، تضيف النيابة، تبين أن تأمين السيارة قد انتهت صلاحيته يوم الخامس من نيسان/إبريل 2017».
وأضافت «وإثر معاينة حالة تلبس عضو مجلس الشيوخ بالوقائع طبقاً للمادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية، وفقده للحصانة تبعا لذلك، تم وضعه قيد الحراسة النظرية، وبعد اكتمال المحضر مثل عضو مجلس الشيوخ محمد احمد غده أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة ولاية الترارزه الاثنين الموافق 155 2017 الذي وجه له تهم القتل والجرح خطأً والسياقة بدون تأمين طبقاً للمواد 295 و296 من القانون الجنائي و1 و4 من القانون رقم 02076 المتعلق بإلزامية تأمين المركبات البرية ذات المحرك وأودعه السجن المدني، في انتظار تقديمه في أول جلسة للمحكمة المختصة، وقد تم كل ذلك طبقاً للمادة 64 من قانون الإجراءات الجنائية». وأكدت النيابة «أنه طيلة فترة الحراسة النظرية وأثناء مثوله أمام وكيل الجمهورية استفاد المتهم من جميع الحقوق التي يكفلها له القانون بما في ذلك اتصاله بذويه وتمكين محاميه من مواكبة المسطرة، وقد تمت إجراءات التوقيف والمتابعة طبقاً للفقرة الثانية من المادة 50 من الدستور التي تنص على أنه «لا يرخص في متابعة أو توقيف عضو من أعضاء البرلمان أثناء دوراته لأسباب جنائية أو جنحية ما عدا التلبس بالجريمة …» والفقرة الأولى من المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أنه «تكون الجناية أو الجنحة متلبساً بها إذا ضبط الفاعل أثناء ارتكاب الجريمة أو على إثر ارتكابها ..».
وشددت النيابة العامة على «أنها حريصة على احترام الحقوق والإجراءات المنصوصة، كما هي حريصة على تطبيق القانون على جميع المخالفين دون تمييز». وكان السيناتور الموقوف في هذه الحادثة قد أكد في تدوينة له أمس «ألمه الشديد لموت طفل بريء بسبعة أشهر وانفطار قلب أمه عليه وألمه أكثر لموت امرأة شريفة حامل تكسب قوتها بعرق جبينها». وقال «أخضع لمشيئة الله أن جعلني طرفاً من أطراف هذا الحادث الأليم، وسأعوض الضحايا كافة طبقاً للقانون والشرع وأزيد، وسأتكفل بدراسة الأطفال الخمسة لعشر سنوات كما كانت ستفعل أمهم الشريفة، وأنا لست مجرماً ولن أسرق المال العام ولن أستغل النفوذ ولن أتخلى في هذا المقام عن حصانتي وشرفي وشرف الغرفة التي أنتمي إليها ولن أطلب الحرية المؤقتة ولو مت سجناً، فإما أن تعاد حصانتي وشرفي أو لا شيء».
وتأتي حادثة توقيف السيناتور محمد ولد غده في خضم أزمة شديدة مستعصية بين الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وغرفة الشيوخ بسبب تصويت هذه الغرفة ضد تعديلات دستورية يسعى الرئيس لتمريرها. وهذا ما جعل أعضاء المجلس المناوئين للنظام وأحزاب المعارضة يعتبرون أن قرار النيابة المتعلق بتوقيف السيناتور محمد ولد غده، مشوب بالتسييس ومحاولة من النظام لاستغلال هذه القضية للانتقام من السيناتور غده الذي هو من أشرس معارضي نظام الرئيس ولد عبد العزيز.
نواكشوط – «القدس العربي»