أكدت المعارضة الموريتانية أمس «أن أي اقتراع يجري في الظروف، التي تمر بها موريتانيا حاليًا، بدون مراجعة جدية للملف الانتخابي وإعداد لائحة انتخابية مكتملة، اقتراع يفتقد المصداقية ولا يعكس إرادة المواطنين».
جاء ذلك في بيان وزعته المعارضة أمس خلال نقطة صحافية، أعلنت المعارضة أثناءها، عن إطلاق حملة سياسية وإعلامية في العاصمة نواكشوط، مضادة لأجندة الاستفتاء.
وطالبت المعارضة في بيانها «بمراجعة شفافة وتوافقية وعاجلة للملف الانتخابي، وإعداد قائمة انتخابية متكاملة بمشاركة جميع القوى السياسية والاجتماعية، حتى يتسنى للموريتانيين ممارسة حقهم في التعبير عن إرادتهم في الاستحقاقات المقبلة»؛ داعية «جميع القوى الوطنية وكافة المواطنين إلى فرض هذا الحق الأساسي، الذي بدونه سيبقى كل اقتراع ناقصاً المشروعية وفاقداً للمصداقية «.
ودعت المعارضة المنضوية بأحزابها ونقاباتها وشخصياتها المرجعية في المنتدى الوطني للديمقراطية «من تتوفر فيهم شروط التسجيل على القائمة الانتخابية الحالية للمبادرة بالتسجيل عليها، ضماناً لحقهم في المقاطعة أو التصويت».
وجددت المعارضة «رفضها القوي للمسار الذي تتمادى السلطة في محاولة فرضه من أجل تغليب رغبات فرد واحد على أحكام الدستور وسلطة المؤسسات وإرادة الغالبية العظمى من الشعب».
وأضافت «أن النظام يواصل فصول مهزلة ما يسمى بالاستفتاء، مصراً على انتهاك الدستور والقوانين، وتبديد المليارات التي كان من الأجدر أن تساهم في التخفيف من معاناة الناس، وحشر المواطنين في أشهر الصيف الصعبة، واحتكار وسائل الإعلام العمومية لتكريس القبلية والجهوية ومختلف النعرات التي تفرق الشعب، كل ذلك من أجل فرض رغبات فرد ضد السلطة الشرعية للمؤسسات الدستورية التي أسقطت تعديلاته طبقا لمقتضيات الدستور، وضد إرادة الشعب الذي عبر في أكثر من مناسبة عن رفضه لهذه التعديلات، التي لا تحل أيًا من المشاكل الملحة التي يعاني منها الوطن والمواطنون، بل تفاقم الأزمة السياسية وتزيد الشعب اختلافاً وفرقة في الوقت الذي هو أحوج ما يكون لما يجمع كلمته ويعزز لحمته ويوطد وحدته».
«فصل جديد من هذه المهزلة، تضيف المعارضة، يطالعنا به النظام اليوم من خلال فتح ما سماه «إحصاءً تكميلياً ذا طابع انتخابي»، ونحن نؤكد على حقائق منها أنه من الناحية المبدئية، لا يمكن اليوم تنظيم أي اقتراع ذي مصداقية في موريتانيا على أساس القائمة الانتخابية الحالية، قبل مراجعة شاملة جدية للملف الانتخابي، الذي لم يشهد أي تحديث منذ سنوات عدة».
«إن القائمة الانتخابية الحالية، تقول المعارضة الموريتانية، لا تحتوي إلا على حوالي مليون وثلاثمائة ناخب، بينما يفترض، حسب هرم الأعمار، ألا تقل اليوم عن حوالي مليونين وخمسمائة ناخب؛ فهل يمكن إجراء اقتراع ذي مصداقية في غياب حوالي نصف الناخبين؟
وتساءلت المعارضة قائلة «من الناحية العملية، هل يمكن تعويض هذا النقص المخل خلال عشرين يوماً، لن تتوفر فيها أبسط الشروط لتسجيل عشرات الآلاف أو بالأحرى مئات الآلاف من الناخبين، وبخاصة في هذا الوقت الذي يهجر فيه المزارعون قراهم نحو المدن بحثاً عن عمل، بحثاً عن الكلأ، ويحرم فيه العديد من المواطنين، خصوصاً من بعض المكونات والمستويات الاجتماعية، من أوراقهم الثبوتية بسبب العراقيل المتعددة الأسباب والأغراض التي تضعها أمامهم هيئة الحالة المدني؟».
«إن الوضعية المخلة التي يوجد فيها الملف الانتخابي الحالي، تقول المعارضة، ناتجة عن أسباب متعددة وجوهرية، لا يمكن القفز عليها من خلال الإحصاء التكميلي الحالي، والذي لا يختلف في هدفه وشكله عن غيره من الإجراءات العبثية التي تميز مسار هذا «الاستفتاء، فقد حرم المواطنون من الحق الذي يكفله لهم القانون، والمتمثل في وجوب فتح مراجعة شاملة للقوائم الانتخابية لمدة ثلاثة أشهر متتالية كل سنة، واكتفى النظام، طيلة السنوات الماضية، بفتح إحصاءات «تكميلية» خاطفة بمناسبة الانتخابات الأحادية التي نظمها خلال السنوات الماضية، ومن المعروف، أن الإحصاء التكميلي الانتخابي غير وارد ولا محل له إلا في حال مراجعة الملف الانتخابي بصورة منتظمة واحترام الترتيبات التي تفرض المراجعة السنوية للائحة الانتخابية، وهو الأمر الذي حرم منه الموريتانيون خلال السنوات الماضية».
وخلصت المعارضة للتأكيد بأنه «لا يختلف اثنان على استحالة إعداد ملف انتخابي ذي مصداقية ولا قائمة انتخابية مكتملة في ظل الممارسات التي تتبعها وكالة الحالة المدنية، والمتمثلة في التعتيم وعدم الشفافية، وتعقيد الإجراءات وتكاليفها، وبُعد مراكز التسجيل من المواطنين، سواء في الداخل أو الخارج، وتعمد حرمان قطاعات واسعة من المواطنين من حقهم في الحصول على وثائقهم المدنية».
وتعيد هذه الانتقادات التي وجهتها المعارضة الموريتانية أمس لنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، إلى الواجهة من جديد، أجواء التأزم التي غابت عن المشهد السياسي أياماً عدة، بسبب وفاة الرئيس الموريتاني الأسبق علي ولد محمد فال.
وتقابل الحكومة بأذن صماء بيانات المعارضة وتصريحاتها ماضية في حملة سياسية شاملة تحضيراً للاستفتاء المقرر منتصف تموز/ يوليو المقبل.
وعكساً لما يتوقعه المراقبون بخصوص احتمال التراجع عن الاستفتاء، تتابع بعثات حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم التي يقودها الوزراء، جولاتها التحسيسية في مدن وأحياء الداخل داعية لمناصرة الاستفتاء.
عبد الله مولود
نواكشوط – «القدس العربي»