بينما التراجع عن الاستفتاء مستبعد والتحضير له متواصل
نواكشوط ـ «القدس العربي»: حذر القيادي الإسلامي محمد جميل منصور الرئيس الدوري للمعارضة الموريتانية أمس «من توظيف الجيش الموريتاني في معارك السياسة».
وأكد في خطاب أمام تجمع سياسي للمعارضة أمس «أن الجيش أهم وأكبر قيمة من أن يوظف في تنظيم المبادرات السياسية»، معتبراً «أن السياسة تفسد وحدة الجيش».
وحث الرئيس الدوري للمعارضة الموريتانية «المواطنين على التسجيل في القوائم الانتخابية»، و»على التعبير المعلن عن رفضهم التعديلات الدستورية ولجميع مظاهر الظلم الممارس عليهم مع التأكيد على أن الاستفتاء ليس في صالح البلد».
وتنفذ كل من الحكومة والمعارضة حالياً خططاً سياسية وإعلامية منصبة، على الاستفتاء حول مراجعة الدستور الذي حددت الحكومة الموريتانية منتصف تموز/يوليو المقبل موعداً لإجرائه، وذلك بالدعوة لإنجاحه هنا والحث على إفشاله هناك.
واستغرب ولد منصور «انخراط كبار الضباط في المبادرات القبلية والجهوية في وقت تعاني فيه العاصمة وكبريات المدن من انهيار الأمن وارتفاع الجريمة».
وذكّر «بالمشاكل التي يعاني منها عمال المؤسسات الحكومية وبمشاكل العطش في مجمل مناطق البلد وارتفاع البطالة وانهيار التعليم والصحة». وقال «إن الموقف التاريخي لمجلس الشيوخ الرافض لتعديل الدستور، هو الذي أزعج الرئيس محمد ولد عبد العزيز ودفعه لاتخاذ بعض المواقف غير القانونية من أجل محاصرة الشيوخ المنحازين للشعب»، مطالباً «أنصار حزبه بدعم الشيوخ والعمل من أجل تعزيز الديمقراطية».
ودعا ولد منصور «إلى رفض الاستفتاء لأن الأموال المخصصة له تحتاج إليها البنية التحتية والصحة والتعليم وفرض الأمن والمدن المحتاجة للماء والكهرباء».
وأوضح أمام المئات من أنصار المعارضة «أن نظام ولد عبد العزيز عاجز عن تدبير شئون البلد بدليل أن منحنى المشاكل في تصاعد وأن دائرتها تتوسع لتشمل جميع المناطق وكل الفئات». وفي نفس التجمع، أكد الدكتور محمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم والقيادي البارز في المعارضة «أن غياب الأمن وانتشار الجريمة في البلاد، راجع إلى تغاضي السلطات عن انتشار المخدرات بين الشباب والأطفال».
وطالب الرئيس ولد مولود «الحكومة بوضع استراتيجية وطنية جادة ومحكمة لمكافحة المخدرات».
واعتبر «أن فترة 20 يوماً التي حددتها الحكومة لتحيين قائمة الناخبين، غير كافية لتجديدها»، مشيراً «إلى أن العدد المسجل حتى الآن لا يتجاوز 1.4 مليون ناخب في حين أن من يحق لهم الانتخاب يتجاوز عددهم 2.4 مليون»، حسب قوله.
وركز صالح ولد حننه القيادي في المعارضة في كلمة أخرى على «معاناة المواطن من الضرائب، مبرزاً «أنها تتفاقم وأن موريتانيا هي البلد الوحيد الذي تتجاوز فيه الضرائب نسبة مائة في المائة وضرب مثلاً بالبنزين الذي قال إن الحكومة تحصل منه على نسبة 150 المئة».
وتتواصل في المدن الداخلية تجمعات المعارضة المناهضة لتعديل الدستور، حيث نظم حزب التجمع الوطني للإصلاح (محسوب على الإخوان)، أمس تجمعاً في مدينة نواذيبو العاصمة الاقتصادية الموريتانية، أكد خلاله الشيخ الكبير ولد بوسيف نائب رئيس المنظمة الشبابية للحزب أنه «يوجه أربع رسائل بينها رسالة للنظام ومفادها أن هذا الانقلاب الفاضح على الدستور سيسقط قبل التصويت عليه والمؤشرات بدأت بالظهور والأحسن للنظام فتح حوار جاد مع الأطياف كافة لرأب الصدع»، والرسالة الأخرى سيرسلها الشعب الموريتاني لنظام ولد عبد العزيز إذا هو أقدم على تنظيم الاستفتاء». وعلى مستوى الموالاة، تواصل الأحزاب السياسية المنتظمة في الأغلبية مهرجانات الدعوة لإنجاح الاستفتاء والدفاع عن التعديلات الدستورية المقررة.
وأكد محمد ولد ابيليل رئيس الجمعية الوطنية في خطاب الدورة البرلمانية الحالية «أن الاستفتاء الشعبي حول التعديلات الدستورية المقدمة من قبل الرئيس محمد ولد عبد العزيز والذي بدأت عملية تحضيره، سيمكن الشعب الموريتاني من قول كلمته حيال التحسينات المقترحة لنظامنا المؤسسي والتي تشمل من بين أمور أخرى: إعادة النظر في نظام الغرفتين وصولاً لبرلمان أكثر ملاءمة لواقعنا، إضافة لتقريب الإدارة وخدماتها من المواطن والتوزيع العادل للتنمية بين جهات الوطن عن طريق استحداث نظام جديد للامركزية».
ودعا رئيس البرلمان النواب «للاضطلاع بالدور الرئيسي في توعية المواطنين بأهمية هذا الاستحقاق وفي حث الجميع على تقييد أسمائهم على اللائحة الانتخابية والمشاركة الفاعلة فيه، لنكون مطمئنين بأن النجاحات التنموية الكبرى التي حققناها في السنوات الماضية والحضور الدولي والإقليمي لبلدنا والذي أصبح محل إشادة من الجميع، سيستمران بالوتيرة نفسها أو بشكل أسرع بعون الله».
وبالتوازي مع هذا التجييش السياسي، تواصل هيئات اللجنة المستقلة للانتخابات عملية الإحصاء الإداري التكميلي ذي الطابع الانتخابي على مستوى جميع البلديات.
وأكدت اللجنة «أن عملية تحيين القائمة الانتخابية ستسمر 20 يوماً موجهة نحو فئتين من المجتمع الأولى تمثل البالغين لسن 18 سنة غير المسجلين، والثانية تتعلق بالمواطنين الراغبين في تحويل تسجيلهم على لائحة الإحصاء الإداري من مكان لآخر».
وكانت مصادر مقربة من اللجنة، قد أكدت أن اللجنة طالبت الحكومة بتأجيل موعد إجراء الاستفتاء المقرر منتصف تموز/يوليو المقبل بأسبوعين إضافيين، لتتمكن اللجنة من استكمال أهبتها الفنية واللوجستية للاستفتاء، لكن الحكومة لم تصدر لحد أمس أي قرار بتأجيل هذه الاستشارة الشعبية المثيرة للجدل.
وحددت الحكومة الموريتانية، يوم الخامس عشر من تموز/يوليو المقبل موعداً لاستفتاء شعبي، ستعرض فيه تعديلات دستورية، من أبرزها إلغاء مجلس الشيوخ الغرفة الثانية للبرلمان، وإدخال إصلاحات على العلم والنشيد، وإلغاء محكمة العدل السامية.
وأكدت الحكومة «أن الاقتراع سينظم على أساس اللائحة الانتخابية، التي استخدمت في الانتخابات الرئاسية لعام 2014 والتي ستتم مراجعتها من أجل الاستفتاء المقبل، وذلك في إطار إحصاء إداري ذي طابع انتخابي تكميلي».
وخصص مجلس النواب الموريتاني في شباط/فبراير 2017 دورة طارئة «لمراجعة دستور 20 يوليو/تموز 1991 والنصوص المعدلة له»، تقضي بإدخال مجموعة من التعديلات الدستورية بدعوة من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، عقب «الحوار الوطني الشامل» الذي عقدته الأغلبية الحاكمة وبعض قوى المعارضة ومن بينها حزبا التحالف الشعبي التقدمي بزعامة مسعود ولد بلخير والوئام الديمقراطي في أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر 2016.
وتثير التعديلات الدستورية المقترحة خلافاً بين النظام الموريتاني والمعارضة، حيث ترفضها الأطراف المعارضة، وعلى رأسها تكتل كبير يضم نحو 15 حزباً معارضاً ونقابات عدة وعدداً كبيراً من الشخصيات المرجعية.
ويؤكد هذا التكتل السياسي الكبير أن «السلطات تصر على تمرير تلك التعديلات ضد إرادة الأغلبية الساحقة من الشعب والطبقة السياسية»، بينما ترى الموالاة «أن التعديلات ضرورة سياسية وتنموية لا غنى عنها لتطور البلد وانسجام مؤسساته».