حذر مراقبون في موريتانيا من تنامي الديون العامة بعدما باتت تتساوى مع إجمالي الناتج المحلي، وذلك لأن فوائد الديون تلتهم حصة كبيرة من المخصصات العامة في دولة تحتاج إلى مضاعفة موازناتها لتحسين خدمات الصحة والتعليم والبنية التحتية.
وأظهر تقرير للبنك الدولي الأسبوع الماضي، أن الديون الموريتانية سجلت بنهاية عام 2016 قرابة 100% من إجمالي الناتج المحلي، مقابل 80% في عام 2014، وهو مستوى تاريخي لم يسبق لهذه الديون أن وصلت إليه حسب البيانات.
وأوضح تقرير البنك الدولي، الذي يقيس نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، أن الدول الأفريقية جنوب الصحراء عموما زادت فيها نسبة الدين العام بـ10 نقاط بين 2014 و2016، وفي 6 دول، من بينها موريتانيا، زادت نسبة الدين بحدود 20%.
والدول التي تجاوزت مديونيتها حاجز 100% هي: موريتانيا، إريتريا، الرأس الأخضر، موزمبيق وغامبيا.
وحذرت تقارير من ارتفاع المديونية بسبب انخفاض أسعار خام الحديد الذي تمثل عائداته ثلث الميزانية العامة، ما ضغط على إيرادات الخزانة العامة، وبالتالي أدى لاتساع العجز المالي.
ويقول الخبير الاقتصادي محمد محمود ولد محمد الأمين، لـ"العربي الجديد"، إنه في ظل غياب قطاعات صناعية قادرة على سد العجز إضافة إلى تراجع عائدات الحديد والنفط واستثمارات شركات التعدين الدولية، تبقى الدولة رهينة سياسة الاستدانة من الخارج.
وأضاف أن الدول التي تستدين أكثر مما تجني تعتبر الأكثر تورطاً في الديون، حيث يؤثر ارتفاع ديونها على تباطؤ الاستثمار، بسبب تخصيص الإيرادات العامة لصالح تسديد أقساط وفوائد الدين الخارجي، ما يستنزف التدفقات المالية بالعملة الصعبة في خدمة الدين.
وأشار إلى أن مخاوف الاقتصاديين بشأن ثقل الديون في موريتانيا في محلها بسبب ارتفاع نسبة الديون مقارنة مع الناتج المحلي، وعجز السلطات عن سداد بعضها بعد إنهاء فترة السماح، حيث تجري حاليا مفاوضات لتأجيل سداد بعض الأقساط، ما يعرض البلاد لمخاطر خفض التصنيف الائتماني.
ويشمل إجمالي الدين العام الديون الطويلة والقصيرة الأجل من الجهات الرسمية والخاصة، وتسهيلات صندوق النقد الدولي.
وتتوزع خريطة الدين الخارجي ما بين الدين المستحق للدائنين الثنائيين والدائنين العرب وديون نادي باريس وديون الصين. ومن بين الديون التي تُثقل كاهل خزانة موريتانيا تلك التي تستحقها الكويت وليبيا والصين.
وكانت موريتانيا تعوّل على الاستفادة من الإعفاءات الدورية التي تقوم بها المؤسسات الدولية، وتستفيد منها الدول الأكثر فقراً في العالم، لكن موريتانيا لم تستفد منها لأن غالبية هذه القروض تم توجيهها إلى قطاعات البنية التحتية، فيما تفرض معايير الإعفاءات أن توجه هذه القروض إلى قطاعات الصحة والتعليم.
وقال الباحث الاقتصادي محمد ولد عبد الله، لـ"العربي الجديد"، إن انتشار الفساد وسوء التسيير أوصل البلاد إلى هذا المستوى من المديونية، مضيفا أن الاستدانة دون مراعاة حجم وطبيعة مشكلة المديونية ومستويات النمو الاقتصادي تجعل الدولة أسيرة بيد الممولين.
ودعا الباحث إلى التحكم في الديون قبل أن تقع البلاد في أزمة مالية كبيرة والتوصل إلى صيغة تخفف من وطأة تسديد أقساطها بعد أن لجأت الدولة إلى رفع الضرائب واستهلاك مدخرات صندوق عائدات النفط لتغطية عجز الميزانية وتسديد الديون، ما قد يعرض الاقتصاد الموريتاني لمزيد من المخاطر.
واعتبر أن محاربة الفساد وتمويل مشاريع البنيات الاقتصادية والاجتماعية ذاتيا والاستدانة فقط وقت الحاجة الملحة، حلول كفيلة بخفض نسبة الدين الخارجي بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي.
وبعد التطورات السياسية التي عرفتها موريتانيا وإجراء انتخابات نزيهة فاز فيها أول رئيس مدني، استفادت البلاد عام 2007، من إعفاء لديونها الخارجية، ما جعل المسؤولين يقبلون على القروض الخارجية.
وتضاعفت مديونية البلاد من الخارج من 2.6 مليار دولار عام 2008 إلى 4.25 مليارات دولار عام 2014، حسب بيانات رسمية، وهو ما يقارب 74% من إجمالي الناتج المحلي للدولة.
واستمر الدين الحكومي في الزيادة حيث بلغ نسبة 84.27% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2015.
وبفعل ارتفاع نسبة الدين زادت نسبة خدمته، فبعد أن كان الدين الخارجي يلتهم نسبة 10% من الموازنة العامة عام 2013، ارتفعت هذه النسبة في عام 2015 إلى 15% من الموازنة، ما يهدد بتقليص نفقات قطاعات مهمة تعاني نقصا في المشروعات.
العربي الجديد