منذ عام 1978 حينما أطاحت مجموعة من القادة العسكريين حينها بأول رئيس للبلاد من يوم استقلت في ال28 من نوفمرب عام 1960، والموريتانيون يواكبون الذكرى بقليل من الاهتمام إذا استثنينا نماذج كتابية أو إيحاءات شخصية، ولأن الموضوع قضى أولى سنوات ذكراه من المنكرات والحديث عنه يعرض للعقوبة لأن الفاعل لا زال نفسه الحاكم، تنفس الموريتانيون وأصبح التعبير انقلاب العاشر من يوليو حدث يروى كباقي الأحداث الأخرى.
اليوم تمر هذه الذكرى وهي على شفا بلوغ سن رشدها، ما يطرح تساؤلات عدة بخصوص ما تحقق حين أطيح بالرئيس المؤسس المختار ولد داداه ولأنه لم يعد مرغوب فيه من طرف حماة الديار، ولم يعد قادرا على تسيير الشأن العام، فالجفاف والحروب أنهكا الدولة الفتية، وكان لزاما أن يوجد مخرج، فكان التخلص من رأس النظام حينها الوسيلة الأنجع بتقدير العسكريين في ذلك الوقت والذين نفذوا خطتهم، وتمت الإطاحة بولد داداه ليعاد السؤال بعد 39 عاما هل فعلا كان الأجدر أن يزاح الرئيس ولد داداه ولو عن طريق انقلاب حينما تعذر عقد انتخابات يغير على أساسها النظام، أم إن خطأ ارتكب ولو كان تلبية لحاجة في نفس يعقوب؟.
عايشت موريتانيا منذ أن أطيح بحكم ولد داداه أنظمة ذات طابع عسكري كان أبرزها نظام المقدم محمد خونه ولد هيداله والذي وصل السلطة في 4 يناير 1980، وانقلاب معاوية ولد الطايع عليه في 12 من ديسمبر 1984، والذي ظل في الحكم لحين إزاحه القادة في المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية، والذين سلموا السلطة للمدنيين في أول انتخابات رئاسية توصف بأنها شفافة ونزيهة، وبعدها بفترة عاد العسكر بطريقة أخرى ليزيحوا الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله، في حركة تصحيحية اعترف بها زعيم المعارضة حينها أحمد ولد داداه، ليتم تسليم الرئاسة لمجلس الشيوخ بعد ذلك ومن ثم يتم تنظيم انتخابات رئاسية ساهم في مراقبتها ممثلون أربيون وآخرون من منظمات دولية وإقليمية وانتهت بفوز الرئيس الحالي للبلاد محمد ولد عبد العزيز.
على مدى تسعة وثلاثين عاما عرفت موريتانيا محطات تنموية متعددة، ولكن كثيرين يعتبرون أن مستوى تقدم مؤشر التنمية أيام الرئيس الراحل والمنقلب عليه المختار ولد داداه كان أسرع وأنجع مما هو عليه في عديد فترات الأحكام التي تلته.
وتبقى موريتانيا وفية لمسيرتها التنموية رغم كل التحديات تترقب أن يكون المستقبل أكثر نصاعة وأقل صراعا خصوصا إذا تعلق الأمر بالسياسة والحكم، فلا تنمية بدون استقرار.
الحريةنت