صحيح أن موريتانيا للجميع وأن رموزها ليست ملكيات أسرية أو قبلية أو جهوية سواء في ذلك علمها أو نشيدها أو عملتها...
هذا ما قامت عليه الجمهورية الأولى .. فرغم محاولة النظام الحالي اختزالها في شخص المختار رحمه الله واختزال رموزها في جهته وربما قبيلته إلا أن المنصفين من الذين عاصروا النشأة وبعضهم مازال حيا كتبوا كيف كانت جميع جهات موريتانيا حاضرة في النشأة ومشاركة في تثبيت دعائم هذا الوطن الذي تناهشته الأطماع من كل الجهات..
وبالعودة إلى الحكومات التي عرفتها البلاد في جمهوريتها الأولى سنجد أبناء الشرق والشمال والوسط والجنوب والغرب وزراء ومديرين وولاة وإداريين..
اذن من الذي أوصلنا لكل هذا الاستقطاب والذي جعلنا نترك التنمية جانبا ونتفرغ لإنشاء مليشيات جهوية وقبيلة همها الوحيد تسجيل نقاط وكيل أكبر قدر من البذاءة للطرف الآخر.
هل حدث هذا مع الأنظمة التي سبقت النظام الحالي؟
لا ابدا ...
النظام الحالي هو من اختار أن يعود بالموريتانيين إلى الوراء من خلال بث العداوة بين بعضهم البعض وبدأ وكأنه فاتح ينتمي لجهة ويريد استعادة الوطن لها والقضاء على جهة أخرى كانت محتلة ومسيطرة.
هذا النظام هو الجهوي والقبلي والعرقي.. واذا كان هناك من يقول إن ولد عبد العزيز لم يعرف عنه مثل هذه الانتماءات بحكم النشأة بعيدا عن هذه البيئة وبحكم تنشئته العسكرية فإن جماعة محيطة به استطاعت أن تحوله إلى أداة لتفجير الانسجام الاجتماعي فعملت على أن تكون كل تصرفاته وتصريحاته عبارة عن تشجيع الانقسام وتحميل جزء من الوطن وبعض أبنائه بعض الأخطاء غير الصحيحة والتي تمت قراءتها بخبث وعن قصد ...
إن ربط النشيد والعلم وغيرهما بجهة معينة هو من فعل هذا النظام ومخابراته في الواقع وفي العوالم الافتراضية.. فهم من دشن منذ سنتين حملة للي عتق التاريخ واسقاط الاحترام عن كل ما يمت لجهة معينة بصلة وأضحى الهجوم على بعض الأعلام جهادا وانتصار وبطولة وأصبحنا امام جهتين في وطن واحد ...
ترى لماذا لم يفعلها ولد محمد السالك أو هيدالة أو معاوية ?....
ألم يكونوا قادة عاصروا الجمهورية الاولى وعاشوا حربها وسلمها?
إن كون نظام يتوقف عن الانجازات وعن صيانة ما انجز ليثبت عمالة فلان وخيانة فلان وكونه هو من الملائكة هو نظام فتح الباب على مصراعيه لمن يأتي بعده ليقوم بمحوه ومحو ما فرضه على الناس.
لم يكن الموريتانيون بمثل هذا الشرخ الداخلي يوما .. لم يكونوا أعداء بعضهم كما هم اليوم ...
كانوا قبائل وكانوا معتزين بقبائلهم وجهاتهم ولكنهم كانوا يحترمون الدولة ويعتبرونها اكبر من الجميع ودورها ليس التخندق إلى جانب طرف وإنما التحكيم وتوزيع الرفاهية والعدل.
العلم والنشيد وغيرهما ملك للدولة الموريتانية .. ومن يرى غير هذا فهو لا يقل فهما عن النظام الحالي الذي زرع في أذهان البعض أنهما لجماعة أو جهة أو قبيلة ثم طفق يتهم الآخرين بالجهوية والقبلية.
ان اعتراضنا على تغيير الرموز لا يعني أنه لا يمكن أن تتغير ولا يمكن أن يقرر الموريتانيون تغييرها يوما ... نحن نعترض على المناخ الذي هيأه النظام لذلك وكونه ضحى بانسجام الشعب من أجل نزوة لن تدوم... اعتراضنا أيضا على الآلية غير التوافقية ....
هذه التعديلات فرضت على الموريتانيين بالقوة والقمع والتزوير.. ولو انه تم الاجماع عليها لما اعترض عاقل أو مواطن مسؤول.
الآن فتح هذا النظام الباب لسلسال من التغييرات سيكون أولها العودة لرموز ومؤسسات ما قبل استفتاء الأموات... وثانيها إعادة الدولة إلى وضعها إطارا يحمي الجميع وليس أداة شقاق وطرف اصطفاف.
ختاما : اهلا بكل تغيير في الرموز والمؤسسات ومرحى بكل اعتبار يمنح لمن يستحقه .. مرحى بكل ذلك إذا تم باتفاق الموريتانيين وليس رغما عن انوف عماتهم.
مرحى بدولة كل الموريتانيين وليس دولة جهة على حساب أخرى.
من صفحة الدكتور الشيخ سيدي عبد الله على الفيس بوك