يحق للفرنسي زين الدين زيدان، مدرب ريال مدريد الأسباني، أن يفخر بتحقيق إنجاز غاب طوال السنوات الأخيرة عن الفريق، وهو التحول من الاعتماد الكامل على الهجمات المرتدة إلى أسلوب اللعب من لمسة واحدة.
وظلت جماهير ريال مدريد خلال حقبة من الزمن تبغض أسلوب اللعب من لمسة واحدة، وتحديدا خلال فترة تولي المدرب الأسباني جوسيب غوارديولا المهمة الفنية لبرشلونة، الذي أذهل الكرة العالمية بأسلوبه الذي يعتمد على السيطرة والاستحواذ على الكرة «تيكي تاكا». وقال المدرب التشيلي مانويل بيلغريني، المدرب الأسبق لريال مدريد ذات مرة: «هذا الأسلوب في كرة القدم لا يمكن أن يفلح في ريال مدريد». بيد أنه مع مرور الوقت انتهى الأمر بدحض هذا الادعاء، بعدما أثبت الريال قدرته على العمل بهذا الأسلوب بنجاح. وأسس المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو في الفترة بين عامي 2010 و2013، أثناء قيادته الريال، فريقا يعتمد على القوة البدنية الكبيرة وعلى الهجمات المرتدة بطبيعة الحال. وحاول مورينيو مجابهة برشلونة خلال حقبة غوارديولا بأسلحة تكتيكية مختلفة، ولكنه لم يحقق نجاحا كبيرا، أو على الأقل نجاحا يليق بتاريخ فريق مثل ريال مدريد. وبعد رحيل مورينيو جاء الإيطالي كارلو أنشيلوتي الذي أحدث تطورا بسيطا، وجعل الفريق يهتم بعض الشيء بامتلاك الكرة، ولكن في النهاية لم يصل الأمر، في ما يخص السمات العامة للفريق، إلى حد التطور الشامل. لكن زيدان، الذي كان مساعدا للمدرب الإيطالي في تلك الفترة، اتخذ بكل تأكيد خطوات أكثر جرأة في ما يخص مستقبل النادي الملكي. وكان التعاقد مع المدرب الأسباني رافايل بنيتيز في 2015 بمثابة تراجع خطوة للخلف في مشوار هذا النادي، فقد كان الاتيان به يمثل عودة لحقبة مورينيو. إلا أن مشوار بنيتيز لم يدم طويلا مع الريال، حيث تمت إقالته في الرابع من كانون الثاني/ يناير 2016 ليتم تعيين زيدان مدرباً للنادي المدريدي. وفي البداية لم يكن لدى المدرب الفرنسي فكرة كاملة وشاملة عما يتعين عليه فعله، فقد قرر الإبقاء على طريقة 4/3/3 معتمدا على الخط الهجومي الشهير المكون من كريم بنزيمه وغاريث بيل وكريستيانو رونالدو (بي بي سي). وآثر زيدان الاهتمام بشكل أكبر بالأداء الدفاعي واللياقة البدنية للفريق ليمر الموسم الأول له بدون تحقيق نتائج كبيرة ولكن متوسطة. وكان الموسم الثاني هو الذي بدأ فيه زيدان وضع خطة تطوير جديدة للريال. وكانت إصابة بيل التي أبعدت اللاعب وقتا طويلا عن الملاعب أحد العوامل التي ساعدت زيدان في عمله بشكل مؤثر للغاية. وتعرض اللاعب الويلزي لإصابة في الركبة في الثلث الأخير من الموسم الماضي، ليقوم زيدان بتغيير خطة الفريق ويدفع بأربعة لاعبين في وسط الملعب واثنين فقط في الهجوم، وهما رونالدو وبنزيمه. وتحول الريال إلى فريق يجيد السيطرة على مجريات اللعب بعد قيام زيدان بإشراك اسكو في وسط الميدان، وهو ما أثار إعجاب أنصار الفريق، الذين أعربوا عن رضاهم عن هذا التغيير المثمر.
وجاء التغيير الأكبر في خطة زيدان الفنية مع انطلاق الموسم الجاري، عندما اختار هذه المرة اللعب بطريقة 4/4/2. وشكلت مباراة العودة لبطولة كأس سوبر أسبانيا الأخيرة علامة فارقة في التاريخ الحديث لمباريات الكلاسيكو بين ريال مدريد وبرشلونة. وللمرة الأولى منذ 32 مباراة يتمكن الريال في التفوق على غريمه التاريخي في الاستحواذ، الذي وصل نسبة 53 بالمئة لصالح النادي الملكي في تلك المباراة التي فاز فيها الأخير بهدفين نظيفين. وشهد ذلك اللقاء تفاعلا كبيرا من جماهير الريال مع لاعبيها الذين نالوا إشادتهم وتصفيقهم الحار طوال المباراة، التي وصفتها الصحافة الأسبانية بـ«الرقصة». وقدمت المباراة الأولى للريال في بطولة الدوري الأسباني هذا الموسم أمام ديبورتيفو لاكورونيا، وفاز بها 3/صفر، لمحة جديدة عن طريقة لعب زيدان، فقد جاء الهدف الثاني للنادي المدريدي في ذلك اللقاء بعد رقم قياسي من التمريرات (44 تمريرة). وكان صاحب التمريرة الحاسمة في هذا الهدف لاعبا يشغل مركز الظهير الأيسر (مارسيلو)، فيما كان كارلوس كاسيميرو، وهو لاعب دفاعي بحت، صاحب اللمسة الأخيرة التي جاء منها الهدف. وقال زيدان عقب المباراة: «سنحاول أن نلعب هكذا، ندرك أن لدينا لاعبين قادرين على القيام بهذا، الهدف الثاني هو ما نرغب في التركيز على التدرب عليه، نشعر بالرضا جميعا».