نشرت صحيفة "الكونفيدنسيال" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن لحم الدجاج الذي يتناوله الأشخاص في مختلف أنحاء العالم بنسب عالية؛ لأنه في متناول الجميع ويوفر كمية كبيرة من البروتينات. في المقابل، بات لحم الدجاج يشكل خطرا على صحة الإنسان، نظرا لتغير طرق تربية الدجاج.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في ثلاثينيات القرن الماضي لم يكن الدجاج وجبة مألوفة لدى الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة، في حين كان استهلاكه يقتصر على المناسبات. فضلا عن ذلك، كان الهدف الأساسي من تربية الدواجن يتمثل في إنتاج البيض، وليس الحصول على لحم الدجاج. ولكن تغييرا جذريا طرأ على هذه الصناعة، ألا وهو اعتماد المضادات الحيوية.
والجدير بالذكر أن توماس جوكس، الذي كان يعمل لصالح شركة لتصنيع الأدوية، كان أول من شرع في استعمال المضادات الحيوية في مجال تربية الدواجن، وذلك في سنة 1948. في الأثناء، عمد جوكس إلى تقديم كمية محددة من المضادات الحيوية للدجاج، مما ساهم في نموه بشكل أسرع من المعتاد بمرتين ونصف، لينتشر الخبر بين مربي الدواجن. وبعد سنوات قليلة، أصبح المزارعون الأمريكيون يستعملون الدواء الأعجوبة ضمن الغذاء الذي يقدمونه لحيواناتهم.
وأوضحت الصحيفة أن صناعة الدواجن ارتكزت بالأساس على استخدام المضادات الحيوية، بهدف تعزيز حجم أرباحها ونشاطها على غرار زيادة حجم الدواجن. ومن خلال زيارة إحدى الضيعات المنتجة للدجاج، يتبين أن هدفها الرئيسي يتمثل في إنتاج أكبر كمية ممكنة من اللحوم. ونتيجة لذلك، أصبح الدجاج يتحرك ببطء شديد بفعل جرعات الدواء التي تقدم له، في حين تحول إلى كتلة صلبة من البروتينات.
وأشارت الصحيفة إلى أن توظيف هذه الأدوية في مجال الصناعات الغذائية، قد غير معالم هذه الصناعات بشكل جذري، علما أنه يتم استخدام أكثر من 60 ألف طن من المضادات الحيوية كجزء أساسي ضمن الغذاء المقدم للحيوانات في جميع أنحاء العالم. في الواقع، يكمن الخطر الحقيقي في هذا الصدد، في أن الإكثار من هذا الدواء الذي من شأنه أن يتسبب في تكون بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية.
من جهتها، حذر العديد من منظمات الصحة، على غرار منظمة الصحة العالمية التي أشارت إلى أن الإفراط في استخدام هذه المضادات قد يترتب عليه ظهور أمراض وآفات تخلصت منها البشرية منذ زمن. في الواقع، يتسبب استخدام المضادات الحيوية في مجال الأغذية الحيوانية في وفاة 700 ألف شخص في العالم سنويا. وفي ظل تكاثر البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، يعتبر هذا الرقم مرشحا للارتفاع وبلوغ 10 ملايين حالة وفاة سنويا بحلول سنة 2050، علما أن هذا الرقم يتجاوز ضحايا السرطان.
وتطرقت الصحيفة إلى تضافر جهود العديد من المنظمات للحد من استخدام المضادات الحيوية، وبالتالي الحد من تفشي البكتيريا المقاومة لدى الحيوانات. في حين يبدو الموضوع بسيطا في الظاهر، إلا أنه ليس كذلك، إذ إنه أشبه بمشكل تغير المناخ والاحتباس الحراري. في المقابل، تواجه هذه المنظمات العديد من العقبات من أهمها تضارب المصالح وتباين مراكز القوى في مجال صناعة الدواجن وغيرها.
وأوردت الصحيفة أن الهدف من تقليص المضادات الحيوية ليس العودة إلى الطريقة التقليدية لتربية الدواجن وباقي الحيوانات، كما يتخيل البعض. فعلى سبيل المثال، عمد العديد من المزارعين الكبار الذين ينتجون كمية كبيرة من الدواجن إلى تغيير نظامها الغذائي، فضلا عن السماح لها بالتحرك أكثر في ضوء النهار، علما أن هذه الطريقة تمثل الحل الأمثل لإنتاج دواجن ذات لحوم سليمة.
وبينت الصحيفة أن جملة من التجارب أثبتت أنه يمكن الاستغناء عن المضادات الحيوية مع مواصلة تربية وإنتاج الدواجن وفقا للنسق الصناعي ذاته. ففي أوروبا، وتحديدا في هولندا، التزم المزارعون بالتخلي عن الأدوية، أي المضادات الحيوية، ولم يحدث ذلك أي ضرر على مستوى نشاطهم.
وفي الختام، أكدت الصحيفة أن الكثيرين أعربوا عن تفاؤلهم إزاء إعلان شركة "ماكدونالدز" عزمها على الحد من استخدام المضادات الحيوية في منتجاتها من الدجاج بداية من سنة 2018. وتؤكد هذه المعطيات على التوجه إلى استعمال أقل للأدوية في إنتاج الدواجن والسمك والأبقار. وعلى العموم، ينبغي أن يقتصر اعتماد الأدوية على جانب المداواة، وليس للزيادة في أوزان وأحجام الدجاج.
الصحيفة: الكونفدينسيال
الكاتب: ميغيل سولا