تسبب النقص الحاد في الأمطار هذه السنة في قلق عدد من المنمين والمزارعين حول الظروف التي وجدو فيها أنفسهم بفعل الجفاف الحاد الذي تعيشه موريتانيا بسبب قلة الأمطار, والخسائر المحتملة التي قد تحدث إذا لم تتدخل الدولة بالشكل المطلوب وفي الوقت المناسب, ويعتبر المنمون أكثر المتضررين من نقص الأمطار, إذ تهدد مواشيهم قلة المراعي وانتشار الأمراض المصاحبة لنقصها.
وتقدر الإحصات الرسمية للحكومة الموريتانية الثروة الحيوانية في البلاد بنحو 16.4 مليون رأس من الضأن والماعز و1.4 مليون رأس من الأبقار و1.4 مليون رأس من الإبل، وتساهم هذه الثروة بشكل كبير في الاقتصاد الوطني ,وتعيش آلاف الأسر فيها,كما توفر فرص عمل لمئات الشباب الموريتانيين من غير المتعلمين.
ويعتبر بعض المنمين والاقتصاديين أن خسارة هذه الثروة ,تعتبر خسارة كبيرة للاقتصاد الوطني,وبالتالي يعتبرون أنه من الضروري التدخل قبل فوات الأوان.
جهود الحكومة للتصدي للجفاف:
الحكومة الموريتانية من جانبها أعلنت عن خطة من أجل التعامل مع النقص الحاد في الأمطار,فقد كشف رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز,خلال خطابه الذي ألقاه بمناسبة الذكرى السابعة والخمسين لعيد الاستقلال الوطني,عن تخصيص الحكومة مبلغ 41 مليار اوقية من ميزانية الدولة لسنة2018 للبرنامج الاستعجالي أي بزيادة 10 مليارات اوقية مقارنة بسنة2017 ,وذلك من أجل ما أسماه تعزيز برنامج امل وتوسيعه وتوفير كميات كافية من الاعلاف المدعومة بالاضافة إلى تخصيص موارد هامة للاستثمارات ذات الطابع الاستعجالي .
انطلاقة العملية
بدورها مفوضية الأمن الغذائي قامت يوم الخميس 28- دجمبر- 2017 بإرسال عدد من الشاحنات إلى الداخل محملة بالأعلاف,وقالت مفوضة الأمن الغذائي نجوى بنت الكتاب,خلال إشرافها على انطلاق الشاحنات,إن الدولة أطلقت برنامجا لتوفير الأعلاف المدعومة من الدولة,والتي قالت إنه سيتم بيع هذه الأعلاف بأسعار مخفضة في حوانيت أمل البالغ عددها 1400 دكانا والمنتشرة في كل المدن والقرى الموريتانية حسب قولها.
تجارب المنمين مع تدخلات الحكومة
لايهتم المنمون كثيرا بوعود الحكومة وتدخلاتها في هذا المجال, فهم يعتبرون أن تدخل الدولة في الجفاف الذي ضرب البلاد سنة 2011 و أدى إلى نفوق آلاف المواشي, كان ضعيفا وأن الكميات التي وفرتها الدولة من الأعلاف في تلك السنة ,كانت رديئة,ويعبر بعضهم عن سخطه على تدخلات الدولة في مثل هذه الأزمات.
آراء بعض المنمين
يحي أحمد,منمي في ولاية الترارزة, فعندما سأله ,مراسل الحرية,عن رأيه حول برنامج دعم المنمين الذي أعلنت الحكومة عن إطلاقه, اعتبرأن كل التدخلات التي تقوم بها الدولة تطبعها الزبونية,وأنها لايستفيد منها إلا أصحاب النفوذ مضيفا, أن تجربة المنمين مع تدخل الدولة في جفاف 2011 غير مشجعة, فالأعلاف التي تم توفيرها في تلك السنة كانت فاسدة,وقد لوحظ عزوف الحيوان عن أكلها ,مضيفا أن الدولة تسند مهمة توفير الأعلاف إلى تجار, ولا تقوم بالرقابة اللازمة عليهم,حيث يقوم التجار بتوفير الأعلاف الفاسدة للمنمين,والتي تتسب هي الأخرى حسب قوله في نفوق المواشي.
أما محمد الشيخ أحد منمي ولاية البراكنة, ففي حديثه معنا صب جام غضبه على الحكومة معتبرا أنها لاتقاسم المنمين معاناتهم,وأنها لاتدرك خطورة الجفاف هذه السنة,وأكد أن عدد كبيرا من المنمين قام ببيع ثروته الحيوانية بأسعار زهيدة في السنغال,وذلك خوفا من نفوقها أمام عينيه.
آراء التجار
بدوره الشيخ احمد “تاجرأعلاف” في العاصمة نواكشوط,فقد أكد لنا أنهم لاحظوا في الأيام الماضية إقبالا من المنمين على شراء الأعلاف,مضيفا أن سعر 1خنشة من علف “ركل” 5000 بدل 4000أوقية ,وذلك بفعل الإقبال الكبير عليها.
عبد الله ولد محمد تاجر في مقاطعة لكصر, أكد لنا أن الألبان المحلية أصبحت غير متوفرة بالشكل المطلوب بفعل قلة الأمطار هذه السنة,مؤكدا أن اسعارها ارتفعت منذ ثلاثة أيام.
ردود فعل المعارضة الموريتانية
أحزاب معارضة موريتانية أصدرت عدة بيانات في الأسابيع الماضية منددة بما اعتبرته تقصيرا من الحكومة في التعامل ما أسمته الجفاف الذي يضرب البلاد,معلنة تضامنها مع المنمين ومناشدة المنظمات الدولية للمساعدة في التخفيف من معانات المنمين,فقد أصدر المنتدى الوطني للديقمراطية والوحدة,بيانا عبر في عن تضامنه مع المنمين مطالبا الحكومة بتحمل مسؤولياتها.
بدوره حزب التكتل القوى الديمقراطية ناشد المنظمات الدولية بالتدخل لمساعدة موريتانيا في التخفيف من ما اعتبره جفافا يضرب البلاد,مستنكرا ما قال إنه تجاهل الحكومة لمعانات المتضررين من نقص الأمطار.
الهروب نحو دول الجوار
يهرع المنمين في الولايات الشرقية الموريتانية إلى جمهورية مالي,كلما خفت خصوبة أراضيهم, ونفس الأمر يحدث للمنمين في الولايات الجنوبية الموريتانية,مع الجارة الجنوبية السنغال.
ومنذ شعور المنمين هذه السنة بنقص الأمطار في مناطقهم, غادرو إلى كل من مالي والسنغال,من أجل المحافظة على ثروتهم الحيوانية.
وتعتبر الثروة الحيوانية أحد أهم مكونات الاقتصاد المحلي,وتشكل مصدر رزق لمئات آلاف الموريتانيين.
فهل ستنقذها جهود الحكومة الموريتانية من جفاف 2018؟
محمد فال ولد حرمة, وكالة الحرية نت