اقتصر ظهوره على جلسة متواضعة مع رئيس النادي، مصافحة عادية، وابتسامات للكاميرات، وانتهى المشهد، هناك كانت قلوب عشاق برشلونة تخفق بشدة، نظرا لقدوم مدرب جديد من أبناء البيت الكتالوني، الذي خرّج جملة من الأبناء البارين بهذا النادي العريق.
ملامحه هادئة لدرجة غريبة، وابتسامته لا تفارق وجهه، ولعل في ذلك خروج عن قواعد الصرامة، ونوع من الخوف الذي بدأ يتسرب إلى نفوس البرشلونيين، بعد أن جلس ارنستو فالفيردي على كرسي القيادة في النادي العظيم.
لا ندري هل هو الحظ السيئ أم القدر الذي قاد فالفيردي إلى مواجهة لم تكن في وقتها مع الغريم التقليدي ريال مدريد في كاس السوبر الإسباني، حيث بدا وكأنه يحبو في عالم التدريب وهو يتلقى الصفعة تلو الأخرى من زيدان صاحب الوجه المتجهم والقسمات القاسية، الذي لم يرحم ملعب وجمهور خصمه فهزمه بثلاثية نظيفة، وأكمل عليه في البيرنابيو الذي شهد التتويج بالكأس للنادي الملكي.
الانطباع الأول، كان في غاية السوء لجمهور الكتالوني الذي ضرب كفّا بكف، وظن أنه سيدخل في دوامة عقد جديد من الانهيار والتصدع، خاصة مع رحيل نيمار، وشعور ميسي بالوحدة مع تراجع مرعب بمستوى سواريز.
ميركاتو باهت
الجميع كان يننتظر ردة فعل إدارة البارسا على مهزلة السوبر، وطالبوا بصفقة كبيرة، ضغطت على إدارة النادي الذي اندفع بمفاوضاته مع ليفربول، لاستقطاب كوتينيو بعد الإشارات التي أرسلها برغبته بالرحيل لإسبانيا.
ورغم المحاولات العديدة، طبع الفشل المفاوضات، لتذهب الصفقة أدراج الرياح، ليكون البديل مفاجئا/باولينيو، ذلك البرازيلي الذي يلعب في أقصى الشرق، في دوري متواضع بالصين، لتبدأ حلقة من الاستهزاء بهذا الشاب الأسمر، والتساؤل حول الدور الذي يمكن أن يقوم به في دوري العمالقة.
تدعيم باهت
المفاجآت لم تنته، فنجحت الإدارة بالتوقيع مع الفرنسي الشاب عثمان ديمبلي، لكنه سقط في اختباره الأول في مصيدة الإصابة، ليقرر الأطباء إبعاده طويلا، الأمر الذي زاد الضغط على إدارة بارتوميو، لدرجة البدء بحملة توقيعات لسحب الثقة منه.
القادم السعيد
عملية الترميم في صفوف فريق مهلهل، بدأت ولم تتوقف، حيث تم استقطاب الظهير الأيمن سيميدو، وتحرير سيرجي روبيرتو من قيد الدفاع، لتبدأ عجلة التغيير بالدوران، ويدخل البارسا في عصر ذهبي جديد، نجح خلاله ببدء سباق الليجا بقوة، وخلّص ثأثره من صفعتي ريال مدريد بأخرى أقوى بثلاثية في البرنابيو، كانت قاصمة لآمال الملكي بالمنافسة على لقبه، وتصدر البارسا مجموعته في دوري الأبطال، ونجح في الوصول إلى نصف نهائي كاس الملك.
لم يكتف برشلونة بسحره الذي خطف به قلوب عشاق الكرة في جميع أرجاء المعمورة، بل أصر على استكمال بناء فريقه العظيم، بانتزاع كوتينيو من ليفربول، ورغم غيابه 3 اسابيع بسبب إصابة قديمة، إلا أن الدقائق القليلة التي لعبها في مباراة الرد مع إسبانيول، كانت كفيلة بالحكم على موهبة هذا النجم البرازيلي الرائع، ودخوله سريعا في منظومة البارسا، التي تؤمن بالحيازة، والسيطرة على تحركات الخصم، وإيقاع أشد الأذى بمرماه.
قيادة لاتينية لتشكيلة تاريخية
برشلونة بات يمتلك حاليا واحدا من أقوى فرق الكرة بالعالم، وكأنه يعود بنا إلى نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي، عندما امتلك ميلان أقوى تشكيلة في التاريخ باعتراف الفيفا، بوجود الثلاثي الهولندي خوليت وريكارد وفان باستن، ومعهم نخبة من نجوم إيطاليا مثل فرانكو باريزي وكارلو أنشيلوتي وباولو مالديني.
وعلى خريطة الملعب، يمثل الرباعي اللاتيني مصدر خطر هجومي مرعب، يقوده ليونيل ميسي، مع الأوروجواياني لويس سواريز، والبرازيليان كوتينيو وباولينيو، ما يقرب الفريق من الكمال، بشكل يجعل من لاعبين آخرين مثل ديمبلي والكاسير يدورون في فلكهم.
ويدعم ذلك خطوط متماسكة، بدءا من الحارس تير شتيجن، مرورا بخط الدفاع (بيكيه، أومتيتي، ألبا، سيميدو، فيدال، دينيس، لوكاس، ياري مينا، فيرمايلين) وخط الوسط المتكدس بالنجوم بقيادة إنييستا، وحضور بوسكيتس، راكيتيتش، سيرجي روبيرتو.
برشلونة بنى فريقه القوي، ولكنه لم يشبع بعد، فتوجهاته شرقا وغربا من أجل تدعيم الفريق بالمواهب الشابة، التي تضمن استمرار السيطرة لسنوات قادمة، مستمرة، ويبدو أنها لن تتوقف.