«القدس العربي»: حمّلت المعارضة الموريتانية على لسان رئيسها الدوري محمد ولد مولود أمس «نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز المسؤولية الكاملة عن فشل التفاوض الذي تواصل بصورة سرية بين ممثلين للنظام الحاكم ومندوبين عن المنتدى المعارض، خلال الأسبوعين الأخيرين من أجل التوافق على ظروف مقبولة لتنظيم الانتخابات المقبلة».
وكان سيدي محمد ولد محم رئيس حزب الاتحاد الحاكم قد حمّل المعارضة المسؤولية عن توقف هذا التفاوض الذي ينشغل الرأي العام المحلي والدولي بمتابعته، وقال في تدوينة أخيرة له «بعد أن اتفقنا ودخلنا في إجراءات التوقيع على الاتفاق قامت جهات في المنتدى بنشر بعض بنوده بشكل مشوّه مما دفع وفد المنتدى للتراجع».
وأضاف «الثالثة فجر اليوم انتهى آخر اجتماع سري بين الغالبية والمنتدى، وتم وقف مسار التفاوض».
وحذر الرئيس الدوري لمنتدى المعارضة في توضيحات قدمها أمس في ندوة سياسية نظمتها «منصة 2019» التي يسيرها المدونون المعارضون «من أن يقود هذا الفشل في التفاوض بين أطراف الساحة، إلى وضع خطير هو تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة منتصف عام 2019، في أجواء خلافية»، وهو ما أكد ولد مولود على أنه «قد يعصف باستقرار البلد كما وقع في عدة دول إفريقية».
وأكد «أن التفاوض بين المعارضة والنظام الذي كشف عنه قبل يومين، والذي تواصل بشكل سري خلال الفترة الأخيرة، جاء بطلب من وفد كلفه الرئيس محمد ولد عبد العزيز بالاتصال بالمعارضة والتحاور معها»، مبرزاً «أن منتدى المعارضة تجاوب مع هذا الطلب ليستكشف نيات السلطات وليطلع على مقترحاتها، وليرى ما إذا كانت السلطات جادة في دعوتها للتحاور، وذلك قبل أن يعرض نتائج ذلك على مجموعة الثمانية التي تضم جميع أطياف المعارضة المتشددة».
وأوضح ولد مولود «أن الوفد الحكومي طالب بترك التفاوض خارج التداول الإعلامي والسياسي، وهو ما وافق عليه المنتدى المعارض أملاً في التوصل لاتفاق ينهى الأزمة السياسية المستمرة التي تهدد مستقبل البلد».
وأكد «أن السلطات تكتمت على التفاوض بحكم المشاكل الداخلية، وبسبب وجود عناصر داخل النظام ترفض الحوار، وتعمل من أجل إجهاض أي محاولة لتقريب وجهات النظر بين القوى السياسية داخل البلد».
وأوضح محمد ولد مولود «أن ممثلي الغالبية رفضوا خلال تفاوضهم مع ممثلي المعارضة النقطة المتعلقة بتشكيل حكومة محايدة أو حكومة متفق عليها، للإشراف على الانتخابات، وهي قضية تحرص عليها المعارضة، حسب قوله، لأن الحكومة الحالية هي التي تولت عمليات التزوير الشهيرة في استفتاء أغسطس 2017 حول تعديلات الدستور».
وأكد «أن طرف الغالبية لم يبلغ المعارضة حتى الآن برده على شرط قدمته المعارضة خلال التفاوض، يتعلق بقيام السلطات على شكل بادرة حسن نية، بإطلاق سراح السجناء ووقف الملاحقة القانونية بحق المعارضين داخل البلد وخارجه».
وفي تحليل لمستقبل العملية السياسية قال ولد مولودك «إن الكرة حالياً توجد في مرمى الغالبية لأن المعارضة قدمت ردودها كتابيا على المقترح الذي تقدم به طرف السلطات، ومازالت تنتظر الرد النهائي».
وانتقد ولد مولود التغريدة التي كتبها قبل يومين، سيدي محمد ولد محم رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وأعلن فيها عن توقف التفاوض وهاجم فيها المعارضة، ووصفها بأنها «غير لائقة ومستفزة وبأنها غير مسؤولة ولا يمكن اعتبارها جوابا رسميا على مجريات التفاوض».
وأكد «حرص المعارضة الموريتانية على بذل كافة الجهود وتقديم جميع التنازلات الممكنة من أجل أن يجري التناوب في انتخابات 2019 بطريقة سلمية وهادئة لا تعصف بالبلد»، لكنه استدرك ليؤكد «بأن المعارضة لن تقبل بتنظيم انتخابات بطريقة غير شفافة وغير حرة، كما أنها لن تقبل بتنظيم الانتخابات في ظل اعتقال سجناء سياسيين معارضين»
وعن المشاركة في الانتخابات قال ولد مولود «إن حزبه حزب اتحاد التقدم، يرى ضرورة أن يشارك الجميع في الانتخابات المقبلة مهما كانت ظروف تنظيمها على أن يناضل من داخل المشاركة لفرض شفافية وحرية الاقتراع».
وتناول المدونون والكتّاب في معالجاتهم بالتحليل والنقد مجريات هذا التجاذب، كما استكشفوا الآفاق التي تقبل عليها موريتانيا حاليا.
وفي هذا السياق، كتب المدون البارز محمد الأمين الفاضل «أن موريتانيا لا تختلف تحت قيادة الرئيس محمد ولد العزيز، عن الحافلة التي يقودها سائق متهور، ولذا فقد وجب طرح السؤال: ماذا أعددنا من خطط لضمان تخليص الحافلة من السائق المتهور من قبل وصولها إلى المنعرج الأكثر خطورة، أي منعرج 2019؟».
وأضاف «لقد اقتربت الحافلة كثيراً من منعرج 2019، ولا يزال السائق المتهور يتشبث بالقيادة، وما تزال المعارضة عاجزة عن إعداد الخطة اللازمة لإحداث تناوب سلمي على السلطة في منتصف العام 2019».
«تلكم، يضيف المدون، هي الصورة الآن»، وهنا استدرك المدون ليقول «آه، نسيت أن أقول لكم بأن هناك من المعارضين من يرى استحالة حدوث تناوب سلمي على قيادة الحافلة، وبالنسبة لهؤلاء فإنهم ينتظرون انقلاباً داخل قمرة القيادة، يأتي بسائق جديد لن يكون بأحسن حال من سلفه».