الأخبار – وصف منمون في المنطقة الحدودية بين ولايتي الحوضين الشرقي والغربي البرنامج الاستعجالي الذي أعلنته الحكومة الموريتانية بهدف توفير الأعلاف لهم بأنه "فخ"، مؤكدين أن من سقطوا فيه يحاولون الآن – ربما بعد فوات الأوان – تلافي الأمر، وإنقاذ ما بقي من أملاكهم التي تواجه الموت جوعا بفعل انعدام أي أثر للبرنامج، وعجزهم عن توفير الأعلاف على حسابهم الخاص.
واتفق منمون تحدثوا للأخبار من قرى بالحوض الغربي، ومن اعوينات الزبل بالحوض الشرقي على أن العديد منهم علقوا آمالا كبيرة على البرنامج عن الإعلان عنه، وتفاءلوا خيرا بسرعة الإعلان عنه، وحجم المبلغ المخصص له، غير أنهم يتخوفون أن يأتي الجفاف على قطعانهم وتنفق بينهم أيديهم قبل أن تصلهم الأعلاف عبر برنامج الدعم الحكومي.
وقال المامي ولد جغدان – وهو أحد سكان قرية دار السلام – إن إعلان الحكومة جعلهم في ورطة، حيث لم يتخلصوا من القطعان ببيعها حين كانت لها قيمة، كما لم يغاروا بها خارج البلاد إلى الأراضي المالية أيام كانت قادرة على ذلك، ومع تأخر البرنامج كان عليهم أن يواجهوا مصيرا لا يعرفون نهايته إلى الآن.
برنامج الخنشة الوحيدة
منمون في قريتي بدر ودار السلام شرقي مدينة العيون وصفوا البرنامج الاستعجالي ذي السقف المالي البالغ 41 مليار أوقية بـ"برنامج الخنشة الواحدة"، مؤكدين أن أوفرهم حظا من حصل على خنشة وحيدة بعد طابور طويل، في حين أن العديد منهم لم ينل منه حبة قمح واحدة إلى اليوم.
وتساءل سيدي ولد أحمد – وهو أحد المنمين في قرية بدر التابعة لمقاطعة العيون قائلا – ماذا تجدي خنشة واحدة بالنسبة لمن يملك رؤوسا قليلة من البقر، فكيف بمن يملك العشرات أو المئات، واصفا الأمر بأنه أقرب للسخرية من المنمين، واحتقارهم، والسعي لإفقارهم.
وأشار سيدي في حديثه للأخبار – وهو يتابع حركة القطعان في محيط المنزل بعد أن غدى إبقاؤها حبيسة المراح أكثر جدوائية – إلى أن المنطقة التي يوجد فيها كانت وجهة للملاك القطعان خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي حيث كانت من آخر المناطق التي يوجد مرعى، مردفا أن العديد منهم غادروا إلى مناطق أخرى بحثا عن المرعى غير أن مئات الرؤوس من الأبقار ما تزال في المنطقة، وهي معرضة للموت بفعل الجفاف في أي لحظة.
رحم الله برنامج معاوية
ولا يخفي منمون في مدينة اعوينات الزبل صدمتهم من الطريقة التي ظهر بها البرنامج الاستعجالي، مؤكدين أن كمياته كانت قليلة لدرجة غير متصورة، وآليات توزيعه كانت غير شفافة، ولا نزيهة.
ويقول المنمي اببي ولد محمد المختار إن المقارنة بين البرنامج الحالي والبرنامج الذي أعلنه الرئيس معاوية ولد الطايع 2003 غير واردة، لا من حيث الكميات المتوفرة، ولا توقيت توفيرها، ولا من حيث آليات التوزيع.
وأردف: "في 2003 تم توفير الأعلاف بكميات هائلة حتى فاضت عن حاجة المنمين، وأصبحت تقدم للحمير، أما البرنامج الحالي فالكميات التي وصلت منه قليلة ومتأخرة، وآليات توزيعها غير واضحة ولا شفافة".
منم آخر اعتبر أن البرنامج الاستعجالي كان سببا في إثارة الخلافات والنعرات بين المنمين بسبب صراعهم على الحصول على كميات منه، مردفا أن الكميات المقدمة للمستفيدين منه جد ضئيلة.
وقال: "أنا لدي أكثر من سبعين رأسا من البقر، ماذا تجدي فيه خنشة أو خنشتان من العلف، هذا أقرب للسخرية منه لأي شيء آخر:.
قبل فوات الأوان
المنمون أجمعوا على دعوة الحكومة لتدارك الوضع قبل فوات الأوان، معتبرين أنها إذا لم تستخدم كل طاقاتها وقدرتها لتوفير الأعلاف خلال أيام وبكيات كبيرة فإن النتيجة ستكون وخيمة على جزء معتبر من الثروة الوطنية.
وشدد المنمون في المنطقة الحدودية بين الحوضين على أن الأسبوعين المتبقيين من شهر إبريل، وكذا شهر مايو القادم، هما الفترة المحورية في مصير قطعانهم، مردفين أنه في حال اتخذت الحكومة إجراءات سريعة وفعالة وشفافة فسيتم تدارك الوضع، وإلا فإن ما وصفوه بـ"الكارثة" واقع لا محالة.
دفعتان بعد تضارب
ووصلت المناطق الشرقية البلاد دفعتان من دفعات توفير الأعلاف بأسعار مدعومة للمنمين، وكانت الأولى في شهر فبراير الماضي، فيما وصلت الثانية قبل أيام قليلة.
وانتقد المنمون الكميتين بسبب حجمهما، حيث لا تزيد حصة المنمي منها عن خنشة واحدة، وهو ما يصفه هؤلاء بالعبثي، وبتضييع الوقت فيما لا طائل من ورائه.
وتضاربت تصريحات الحكومة الموريتانية حول البرنامج، فبينما أعلنت مفوضية الأمن الغذائي – وهو جهة الوصاية – عن إطلاق البرنامج يوم 28 ديسمبر الماضي، قال وزير الاقتصاد والمالية في خطاب أمام السفير الياباني يوم 12 يناير الماضي إن البرنامج بدأ تنفيذه قبل أيام.
وفي اليوم ذاته قالت وزيرة البيطرة فاطم فال بنت اصوينع خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع الحكومة إن البرنامج الاستعجالي لن يبدأ تنفيذه قبل نهاية شهر يناير، أو بداية شهر فبراير.