أثار تعيين الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز الثلاثاء للجنة مستقلة ستتولى الإشراف على الانتخابات المقبلة احتجاجات واستياء واسعا في الأوساط السياسية المعارضة ة، وعلى صفحات المدونين.
وتركزت الاحتجاجات التي تواصلت أمس على انتقاد الإسراع في تعيين اللجنة وفي أدائها القسم، وعلى إقصاء المعارضة الراديكالية منها، كما انتقد تعيين أشخاصها من أقرباء متنفذين في أحزاب الأغلبية وأحزاب المعارضة المحاورة.
وواصلت المعارضة الموريتانية أمس لليوم الثاني مشاوراتها المكثفة حول هذا المعطى الجديد الذي أقصاها من الهيئات المشرفة على الانتخابات المقبلة، وذلك لتحديد موقف محدد من هذا التطور ومن المشاركة في الاستحقاقات النيابية والرئاسية المنتظرة.
وكان زعيم مؤسسة المعارضة الديمقراطية الحسن ولد محمد أول المحتجين على تشكيلة اللجنة المستقلة للانتخابات، حيث وصفها في تدوينة له أمس بأنها «غير قانونية، وأنهم على مستوى مؤسسة المعارضة، سيطعنون في شأنها لدى الجهات المختصة».
وقال «كنت قد نبهت وذكرت الحكومة بمحتوى القوانين التي تمنح مؤسسة المعارضة حق تمثيل المعارضة في المؤسسات الجمهورية، وبضرورة أن تكون هي من يرشح ممثلي المعارضة في اللجنة المستقلة للانتخابات، لكنهم تجاهلوا ذلك فيما يبدو وضربوا بالقانون عرض الحائط كعادتهم، وشكلوا لجنة غير قانونية سنطعن فيها لدى الجهات المختصة بحول الله».
وطالب زعيم مؤسسة المعارضة في رسالة سابقة للوزارة الأولى «بتمكين المؤسسة من ممارسة حقها القانوني في المشاركة في اقتراح واختيار أعضاء اللجنة المستقلة للانتخابات المزمع تشكليلها في الأفق المنظور».
وأكد «أن قانون مؤسسة المعارضة يكرس حقها في تمثيل المعارضة في اقتراح أعضاء اللجنة المستقلة للانتخابات »، حسب قوله.
واحتج حزب الجماهير الموريتاني وهو من أحزاب المعارضة المحاورة على تشكيل لجنة الانتخابات المستقلة، مؤكدا في بيان وزعه أمس «أن المراقبين والشركاء السياسيين داخل الأغلبية الداعمة والمعارضة، فوجئوا بأن تشكيلة اللجنة لا ترقى لمستوى طموح النخب السياسية الداعمة والمعارضة ولا لأغلبية الناخبين ذلك أن المعايير التي اتبعتها اللجنة الممثلة للأحزاب المحاورة (معارضة وأغلبية) لم تكن معايير فنية ولا سياسية بقدر ما كانت معايير اجتماعية قبلية بل وعائلية في تحد صارخ وواضح لكل الأعراف السياسية المتبعة.»
«إننا، يضيف حزب الكتل، بحكم أننا شركاء في الوطن وفي الحوار ونتائجه المنبثقة عنه نسجل هنا امتعاضنا، ندعو كافة الطيف السياسي وأحزاب المعارضة المحاورة (المغرر بها) خاصة، إلى اتخاذ قرار عام وحازم يصب في مصلحة العملية الانتخابية القادمة وليس في مصلحة جهات بعينها».
وانتقد المدون البارز محمد الأمين سيدي مولود تشكيلة اللجنة من أقرباء الرئيس ورؤساء الأحزاب، وقال «هذه اللجنة ستشرف على أمر وطني شامل، وليست مجرد موظفين عاديين أو اشخاص في إطار خاص لهم حق التواصل وتبادل المنافع مع قراباتهم».
وأضاف المدون سيدي مولود «ستكشف الأيام علاقات القرابة أو المصاهرات التي أتت بهذه اللجنة بعيدا عن معايير وطنية شاملة تجعل الأمر جديا ومقنعا، فهل هذا هو انعكاس التشاور الواسع، والبحث عن إقناع الشركاء السياسيين وعن المصداقية؟؛ وهل نحن أمام ميراث عائلي دولة بين بعض الشبكات الاجتماعية والعوائل المحددة، أم طموح لدولة تسعنا جميعا ولعمل يقرب بعضنا إلى بعض ويخفف صراعاتنا وخلافاتنا في وقت تنهار فيه الدول القوية بين عشية وضحاها؟!».
وانتقد الإعلامي المعارض محمد محمود بكار تشكيلة اللجنة مؤكدا على اشتمال توليفها بهذه الصورة، على رسائل منها « أن المطلوب ليس ترقية العمل السياسي ولا البحث عن نتائج مرضية بل هو الاستمرار في عملية شكلية تخدم بقاء طغمة عسكرية دائما في الحكم؛ ومن هذه الرسائل، يضيف بكار، أن تطلعات الشعب نحو التناوب ليست مهمة وليست رهان بالنسبة للحاكم، بل هي عبث سياسي لا أهمية له في تفكير العسكر».
وقال «طريقة اختيار وتعيين لجنة الحكماء، أو ضحت درجة من الضحالة السياسية مخجلة لا تراعي أي مضمون لا سياسي ولا أخلاقي بل انجرفت في سياق الصدام والصراع والاستعداد للاستمرار في نظام غير شرعي ينتج باستمرار مؤسسات غير مكتملة المشروعية بل شرعيات بالية غير قادرةً على تجنيب بلدنا مأزق الانفجار».
ويضيف إن «هذه اللجنة ، بطريقتها الحالية تكرس سيطرة طرف السلطة الذي يملك طموح غير نزيه بالنسبة للتناوب، وستساعده هذه اللجنة بما لا يدع مجالا للشك في إرساء أجندته التي أعدت مسبقا؛ وهذه اللجنة لن تخلق أي ثقة في أعمالها بل زادت من تقسيم الساحة وتفتيتها، والتشبث بتغييب المعارضة عن المشاورات وعن التمثيل من أجل ألا تذهب للمشاركة في الانتخابات في وجه طموح السلطة لبسط نفوذها على النتائج والوصول للهدف المنشود في تخليف الرئيس عزيز بشخص من إنتاجه ويخدمه، إذ لا يمكن نجاح ذلك الخلف في عملية منافسة مفتوحة».
وانتقد الكاتب ما سماه « عدم الاهتمام بالإجماع أو التوافق الوطني في هذا الوقت بالذات، وعدم الاكتراث بوضعية الانسداد التي يعيشها البلد، وتبديد آمال النجاح في خوض غمار التناوب بهذه الطريقة الصادمة لتطلعات وطموح طيف واسع للمشاركة في الاستحقاقات المقبلة وبخاصة من المعارضة التي أعلنت نيتها في المشاركة، وهو ما يبعث للقاق بشأن نزاهة ووضوح شروط وظروف تلك الانتخابات، ويغلق باب التناوب لمدة أطول ويجعل البلد يسير في نهج الصدام».
نواكشوط – «القدس العربي»: