مناقشته متواصلة في البرلمان وحقوقيون يعتبرونه ضد حرية الاعتقاد
عادت الساحة الموريتانية من جديد للجدل حول عقوبة المرتد في القانون الجنائي الموريتاني وذلك بعد أن بدأ البرلمان أمس مناقشة تعديل المادة 306 من هذا القانون التي أجازها مجلس الوزراء الموريتاني في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي والتي تنص على تطبيق حد الإعدام في المرتد وساب الرسول وتارك الصلاة.
وتنص المادة 306 من الأمر القانوني رقم 83.162 الصادر بتاريخ 09 يوليو/تموز 1983، على استتابة من يسب الرسول الكريم ومعاقبته بالسجن من ثلاثة أشهر إلى سنتين إذا صحت توبته، وسيجري تعديلها لتنص على «أن التوبة لا تسقط عن الساب عقوبة الإعدام».
وجاء في نص المادة 306 أن «كل مسلم ذكراً كان أو أنثى استهزأ أو سبّ الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو ملائكته أو كتبه أو أحد أنبيائه يقتل ولا يستتاب وإن تاب لا يسقط عنه حد القتل، وكل شخص يظهر الإسلام ويسر الكفر يعتبر زنديقا يقتل متى عثر عليه بدون استتابة ولا تقبل توبته، وكل مسلم امتنع من أداء الصلاة مع اعترافه بوجوبها يؤمر بها وينتظر به آخر ركعة من الوقت الضروري للأداء فإن تمادى في الامتناع قتل حداً».
ويأتي تعديل هذه المادة في خضم الحكم الذي صدر قبل أشهر بحق المدون ولد أمخيطير الذي سبّ النبي محمداً عليه السلام ناصاً على قبول توبته، وهو ما أثار احتجاج وسخط الوسط الديني الموريتاني واضطرت الحكومة لتعديل المادة 306 بحث تنص على حكم الإعدام بدل قبول التوبة.
ويبقى الاستشكال المطروح في الجدل الحالي هو ما إذا كان التعديل الجديد سيطبق، بصورة رجعية، على المدون ولد أمخيطير عبر استئناف الحكم الذي صدر بحقه وإصدار حكم بديل بإعدامه باعتبار أن التوبة في هذه الحالة، لا تسقط حد القتل.
ودافع الباحث القانوني المختص الدكتور سعيد ولد مبارك وهو من صف الموالاة، عن تعديل القانون، مؤكداً «أن تعديل المادة 306، يعتبر مطلبا مهما، واليوم أصبح واقعا، ومن شأنه أن يوفر حماية كبيرة للمجتمع ضد موضة الاساءة والإلحاد، على اعتبار أن المشروع الجديد جاء بأعلى عقوبة وهي القتل دون أن يستتاب مرتكب الجرم، ولو تاب لا يسقط عنه الحد».
وحول إمكانية تطبيق التعديل الجديد على قضية المدون ولد أمخيطير ساب الرسول، أكد الخبير القانوني «أن المبدأ في القانون الجنائي الوضعي هو عدم رجعية القاعدة القانونية، إلا إذا كانت أصلح للمتهم، ولكنه يرى أن ذلك لا وجود له في الشريعة الاسلامية، وبالتالي مادام القانون الجنائي الموريتاني مستمد من الشريعة الاسلامية، فإن ذلك المبدأ لا تأثير له على سريان التعديل الجديد على القضية، والأمر في النهاية يعود إلى الغرف المجمعة في المحكمة العليا»
كما أكد «أن النص الجديد للمادة 306 لا يتعارض أبداً مع الاتفاقيات التي وقعت عليها موريتانيا، على اعتبار أن موريتانيا دائما توقع بعبارة” تتحفظ الجمهورية الإسلامية الموريتانية على كل ما يخالف الشريعة الإسلامية».
واحتجت سارة ليا ويتسن مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة «هيومن رايتس ووتش» على التعديل الجاري إقراره للقانون الجنائي الموريتاني، وقالت «بدل إلغاء تجريم الردة، كما تنص على ذلك المعاهدات الدولية التي وقعت عليها موريتانيا، باتت السلطات الموريتانية تسير في الاتجاه المعاكس بإلغاء أي بدائل عن عقوبة الإعدام».
وأضافت «مشروع القانون الموريتاني الجديد بشأن الردة وفشل السلطات في الإفراج الفوري عن أمخيطير، وإبطال التهم الموجهة إليه بسبب تعبيره السلمي كلها انتهاكات لضمانات القانون الدولي التي تحمي حرية التعبير، مثل تلك المكرسة في «العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية»، الذي وقعت عليه موريتانيا عام 2004».
وانتقد المحامي محمد ولد أمين وهو محامي المدون ولد أمخيطير تعديل المادة 306، وأضاف في تدوينة له أمس «ما سيصوت عليه برلمان عزيز يوم غد مناقض لكلام الله في كتابه الحكيم، إنه قانون كفري والعياذ بالله…فشرع الله كفل حرية المعتقد في آيات جلية واضحة».
وأضاف «عندما قال الله عز وجل: لا إكراه في الدين، أغلق باب النقاش في هذه المسألة وإلى الأبد، غير ذلك كله كفر وهرطقة، غداً سينحرف برلمان موريتانيا والعياذ بالله عن المحجة البيضاء».
وأكد المحامي محمد ألمامي ولد مولاي اعل «أن مصادقة البرلمان الموريتاني على مشروع قانون يضيف عقوبة الإعدام حداً، يجب أن يكون مصحوبا بقدر من الشجاعة يمكن الحكومة من تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في الحدود، بدل الإصرار على تعطيلها، وإلا فإن النص سيبقى مجرد نوع من العبث البارد، وقلم المشرع يجب أن يصان عن العبث».
القدس العربي