(1) "وأقسم بالله العلي العظيم أن لا أتخذ أو أدعم بصورة مباشرة أو غير مباشرة أية مبادرة من شأنها أن تؤدي إلى مراجعة الأحكام الدستورية المتعلقة بمدة مأمورية رئيس الجمهورية وشروط تجديدها الواردة في المادتين 26 و28 من هذا الدستور".
من قسم الرئيس محمد ولد عبد العزيز في يوم 2 أغسطس 2014 خلال حفل تنصيبه لمأمورية ثانية.
نص المادة 28 من الدستور الموريتاني: " يمكن إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمرة واحدة".
(2) "وجددنا له في نفس الوقت المطالبة بمواصلة المسيرة والترشح مرة أخرى حتى يكمل ما بدأه لصالح الشعب الموريتاني".
الأمين العام لرابطة العلماء الموريتانيين حمدا ولد التاه متحدثا باسم الهيئات والروابط الإسلامية في موريتانيا بعد لقاء مع الرئيس في يوم 09 ـ 05ـ 2018.
(3)
لقد جئت في الفقرة الأولي بمقطع من قسم الرئيس خلال حفل تنصيبه لمأمورية ثانية، وبنص المادة 28 من الدستور الموريتاني، وجئت في الفقرة الثانية بمقطع من تصريح الأمين العام لرابطة العلماء الموريتانيين، وذلك لأسال علماء موريتانيا (حمدا كان يتحدث باسم رابطة العلماء الموريتانيين وباسم كل الهيئات والروابط الإسلامية المعترف بها رسميا في موريتانيا) : لماذا تطلبون من الرئيس أن يحنث وأن لا يبر بقسمه؟ ولماذا ترضون لأنفسكم يا علماء موريتانيا الأجلاء بأن تنافسوا صاحب مبادرة مليون توقيع لمأمورية ثالثة، وصاحب فكرة التهديد بالانتحار إذا لم يترشح الرئيس لمأمورية ثالثة، وغيرهم من دعاة المأمورية الثالثة، ولا أريد أن أذكر في هذا المقام المهرج زيدان، لماذا ـ يا علماءنا الأجلاء ـ تنافسون هؤلاء في الدعوة إلى مأمورية ثالثة؟
ألم تكن هناك مطالب أولى وأكثر إلحاحا من المطلب المتعلق بترشح الرئيس لمأمورية ثالثة؟
ألم يكن المرضى الذين ازدادت معاناتهم بسبب إضراب الأطباء أولى بأن تتذكروهم خلال لقائكم بالرئيس؟ ألم تكن المطالبة بتوفير العلف في عام القحط هذا أولى من المطالبة بالمأمورية الثالثة؟ ألم يكن تجديد المطالبة بتنفيذ حكم شرع الله في كاتب المقال المسيء، خاصة وأن لقاءكم تصادف مع مرور ستة أشهر على النطق بالحكم المسيء، ألم يكن ذلك أولى من مطالبة الرئيس بالترشح لمأمورية ثالثة؟
رحم الله العلامة بداه ولد البصيري، فهذا مقام يجب أن نتذكره فيه.
وإذا كان لابد لكم ـ يا علماءنا الأجلاء ـ من أن تتحدثوا في السياسة، ألم يكن الأولى بكم وأنتم تمثلون كل الروابط والهيئات الإسلامية في موريتانيا، أن تشجعوا الرئيس على الحوار، وإلى تهيئة الظروف المناسبة لتناوب آمن على السلطة بدلا من تشجيعه على عدم الوفاء بقسمه، الشيء الذي سيدخل البلاد ـ إن هو لم يف بقسمه ـ في أفق مسدود، وقد يؤدي بها ـ لا قدر الله ـ إلى أن تتحول إلى دولة فاشلة، وإن لكم في بلاد اليمن الشقيق لعبرة.
في العام 2005 أعلن الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح بأنه لن يترشح مجددا للرئاسة، وفي يوم 24 يونيو 2006 أعلن عن تراجعه عن ذلك التعهد بحجة الضغوط الشعبية وضغوط نخب البلاد.
في الثالث من يونيو من العام 2011 أصيب الرئيس اليمني إصابات بليغة خلال هجوم مسلح استهدفه وهو في مسجد القصر الرئاسي. لم يتعظ الرئيس اليمني وأصر على مواصلة نهجه والتشبث بالبقاء في السلطة بأية وسيلة إلى أن تم قتله بتلك الطريقة البشعة التي شاهدتموها جميعا في يوم 4 ـ 12 ـ 2017. وكان اليمن من قبل ذلك ومن بعده قد تحول إلى دولة فاشلة ودخل في نفق مظلم لا أحد يعلم كيف سيتم الخروج منه.
كان على علمائنا الأجلاء وهم يمثلون روابط وهيئات إسلامية تابعة للدولة الموريتانية، ومن المفترض أنها تمثل جميع الموريتانيين مهما كان توجههم السياسي، كان عليهم أن يتحدثوا بلغة رفيعة وحكيمة وراشدة تترفع عن التجاذبات السياسية الآنية، وتدعو إلى التهدئة وإلى الحوار وإلى تهيئة ظروف توافقية تحصن البلاد من المنزلقات الخطيرة التي تأتي نتيجة للانفراد بالسلطة، وغياب صوت العقل والحكمة.
كان على الهيئات والروابط الإسلامية أن تتحدث بخطاب جامع إذا كانت تمثل كل الموريتانيين، أو أن تعلن بلغة فصيحة وصريحة بأنها هيئات لم تعد تتبع للدولة الموريتانية، وإنما أصبحت تتبع للحزب الحاكم، فساعتها قد نقبل منها التخندق السياسي، وإن كنا لن نرضى لها ـ حتى في هذه الحالة ـ أن تنزل إلى قاع الموالاة، وأن تتبنى خطاب أصحاب المبادرات الداعية إلى عدم الوفاء بالقسم وخرق الدستور. ففي الموالاة يوجد عقلاء لم ينزلوا إلى هذا المستوى، وأولى بعلمائنا الأجلاء أن يلتحقوا بهذه الطائفة من الموالاة إن هم قرروا أن يجعلوا من الروابط والهيئات الإسلامية مجرد هيئات تابعة للحزب الحاكم، وقد فعلوا ذلك خلال الانتخابات التشريعية والبلدية التي تم تنظيمها في 23 نوفمبر 2013. خلال تلك الانتخابات طالبت رابطة العلماء الموريتانيين بالتصويت لمرشحي الحزب الحاكم، وهو الشيء الذي سيخالفه فيما بعد الأمين العام للرابطة الذي قرر أن يدعم مرشح حزب الحراك الشبابي في مقاطعة المذرذرة، ففي مهرجان للحراك تم تنظيمه في المذرذرة مساء الثلاثاء الموافق 19-11-2013، قال الأمين العام لرابطة العلماء الموريتانيين حسب ما نشره موقع المذرذرة اليوم :"إن ذاكرتي قوية وإنني سوف أعتبر بذاكرتي ومن ورائي جماعة معنا الليلة لتسجل من هو معنا ومن ليس معنا، فكل من ليس معنا ليس معنا، اسمحوا لي أن أرفض أنصاف الحلول. مرة أخرى، اسمحوا لي أن أرفض النفاق السياسي، اسمحوا لي أن أرفض الوجوه الملونة، أريد صديقا مخلصا معنا في التصويت في المهرجانات".
"عبد الوهاب مطروح في الميدان، فقولوا نعم لعبد الوهاب، صوتوا لعبد الوهاب، قولوا نعم لعبد الوهاب، إنني اتجه إلى الله تبارك وتعالى في هذا المكان لأرفع هذه الدعوات وأرجو أن تؤمنوا".
"اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، يا مولانا زوج امرأة نصرتنا وارزقها الولد، ورجلا نصرنا فربحه، يا مولانا من تخلى عنا فتخلي عنه، يا مولانا نطلبك من هذا المحل وطلبناك واستجبت لنا قبل عشر سنين، أن تنصر عبد الوهاب وتنجح عبد الوهاب".
(4)
يُعَرِّف الموقع الرسمي لرابطة علماء موريتانيا الرابطة بأنها "منظمة غير حكومية أنشئت بموجب القرار رقم: 0124 الصادر من وزارة الداخلية والبريد والمواصلات في 11 ابريل 2000 وهي هيئة تطوعية غير سياسية".
من هذا التعريف المختصر يمكننا أن نخرج بثلاث صفات أو خصائص يجب أن تتوفر في هذه الرابطة:
1 ـ أن هذه الرابطة ليست إدارة حكومية، وإنما هي منظمة غير حكومية، وبذلك فهي لا تتبع للحكومة ولا للحزب الحاكم.
2 ـ أن هذه الرابطة هي هيئة تطوعية، أي أن كل ما تقوم به من أعمال هو لوجه الله تعالى، ولا تريد منه أي عائد مادي، ولا تريد منه جزاءً ولا شكورا، ولا غرابة في ذلك فالرابطة هي منظمة تطوعية وتمتاز بأن عضويتها خاصة بالعلماء.
3 ـ أن هذه الرابطة هي هيئة غير سياسية، وهو ما يعني بأنها لا تمارس عملا سياسيا، ولا شأن لها بالصراعات والتجاذبات القائمة بين الأطراف السياسية، ولا يحق لها كهيئة أن تنحاز لهذا الطرف السياسي أو لذاك.
ويبقى سؤال أخير إلى علمائنا الأجلاء : أين رابطتكم من هذه المبادئ الثلاثة؟
حفظ الله موريتانيا..