يقول المثل: الرائد لا يكذب أهله.
أولت بعض المواقع الالكترونية و شبكات التواصل الاجتماعي هذه الأيام بلدية الغايرة عناية خاصة إذ تناولتها بصورة مكثفة أعادتها إلى واجهة سالف تناقضاتها المقيتة حيث أقدم معظمها على وسم هذه المدينة الجميلة وسوما تتباين في ظاهرها وتتنوع في مضامينها ولكن تتوحد في مراميها وحسبنا منها أنها أماطت النقاب عن تمثلات تلخص ما يحز في نفوس بعض الحانقين عليها, وتكمن المفارقة في أن بعض هؤلاء قد يكون هذه اللحظات يحتمي بأسوارها الحصينة و يستظل سقوف دورها الدافئة والظليلة ذات الأبواب المشرعة أبدا أمام الضعيف وصاحب الحاجة وعابر السبيل.......... و ما ذاك إلا غيض من فيض فالغايرة بلدة مباركة قد اختصها الله بموقعها الجغرافي الأخاذ والمميزالذي كساها على مر العصور مهابة وجمالا كما حباها بتنوع ديموغرافي نادر وفريد يجسده مجتمع مسالم وديع ومتسامح مجتمع يؤدي واجباته بإتقان و تفان وإخلاص و تتعايش مختلف مكوناته في جو ملؤه التراحم و التناغم والانسجام....... ذلكم التنوع الذي شكل يوما قوة دفع اذكت في نفوس أبنائها جذوة التنافس البناء والمثمر كما شجعت نكران الذات ونبذ الحزازات النفسية الضيقة والمقيتة آذنا بإطلاق مسيرة الإعمار التي شهدتها المدينة مع بدايات الألفية الثالثة معتمدة في ذلك على سواعد أبنائها و مؤكدا الدور التاريخي الذي ماانفكت المدينة تلعبه كحلقة وصل بين فضاءات الوطن الرحبة والجوار الجغرافي المباشر تكانت وآفطوط ولعصابة التي شكلت باستمرار أثافي ترتكز عليها المدينة الحالمة و تتعاطى معها بود وسخاء و خصوصا في المجالات الفكرية والاقتصادية والاجتماعية منذ تأسيسها حتى اليوم فهذا الواقع وتلكم الخطى الواثقة التي تتقدم بها المدينة على طريق النماء والتحضر ولدت لدى ابنائها طموحا جامحا ولكنه مستحق فقد بررته النجاحات المتواصلة التي حققوها في فترة وجيزة وعلى مستويات عديدة وقد عبرت المدينة مرارا عن هذا الطموح بثقة وأسلوب مدني واع وراق نابع من الاعتبارات الفكرية والحضارية لهذا المجتمع ومراعيا واقع المدينة الاجتماعي المتداخل ومناخها السياسي المتقلب فتلكم هي الغايرة وذلكم أبناؤها تجمعهم وشائج القرابة وأواصر المحبة والتعايش في كنف جوار تطبعه المحبة و التسامح يوقر فيه الصغير الكبير ويحترم الكبير الصغير وهي روابط تتأصل يوما بعد يوم وتتأكد جيلا بعد جيل.
إن هذه الميزات والخصال التي قل أن تتوافر في مدينة هي التي أهلت بلدية الغايرة لأن تكون دوما مقصد الإعلام و محج أنظار الرأي المستنير وخصوصا في مواسم الرهانات الوطنية الكبرى وهي حقا أهلا لتلك العناية بل تستحق أكثر وأكثر غير أنها ومع الأسف الشديد لم تجلب إليها سوى عيون الحاسدين و حقد المتزلفة الحانقين.
اليوم يطل علينا موسم التناقضات والسباق المحموم والتنافس على كراسي المناصب الانتخابية وهو ظرف موات وفرصة لن يفوتها بعض الطامحين دون أن يتحرشوا بالغائرة علنا آو يراودوها سرا إن تعذر الجهر تبا لهم ولما يسومون أين كان هؤلاء سنة 2013 فقد ينخدع الرأي العام الوطني ويتبادر إليه أنهم جدد على مضامير السياسة في الغايرة ولكن أأكد لكم أنهم عاشوا بقضهم وقضيضهم تفاصيل انتخابات 2013 حملة وتصويتا وصالوا فيها وجالوا وأقاموا الدنيا وأقعدوها دون جدوى فقد ذهبت جهودهم سدى وتهاوت لوائحهم لائحة تلو الأخرى وخرجت أحزابهم صفر اليدين من تلك الاستحقاقات فأنصفوهم فإن طبيعة ارتباطاتهم السياسية وتقديراتهم لمقتضيات الظرف تملي عليهم بدأ المساومات في هذا التوقيت بالذات فهم أقوام تسيرهم الأحداث وإن عمدوا إلى استفزاز ساكنة المدينة وإرباك ساحتها السياسية بتصريحات جوفاء لا تخدم سوى مآربهم الشخصية الضيقة فهذا متوقع منهم أصلا ولا يدعو للقلق فالغايرة قد خبرت فلتات الألسن وزلاتها وطائش الكلام وأشكال الملاسنات وأنواع الاحتكاكات فلا تعيروا الأمر أي أهمام من فضلكم.
ولا يفاجئكم إن حاول سدنة النظام أو أساطين المعارضة أو رادة المجتمع المدني أو الطامحون عناق المدينة من جديد ولا تستبعدوا أن يعاودوا الكرة مرات عديدة فإما أن تنصاع راغمة لنزواتهم السياسية أو يسومونها الخراب ويدفعون بها إلى أتون الفتنة التي قد تأتي على الأخضر واليابس وكأنهم ليسوا معنيين بمآلات ما قد يترتب على تلك التصرفات الطائشة ألا ساء ما يسومون. جنب الله الغايرة وساكنيها ومحبيهما كل شر ومكروه.
فهؤلاء قد تدربوا جيدا على تقنيات الطوبرة و نظريات فرق تسد الإصطفافية المعاصرة و كل شئ في منطقهم قابل للطوبرة فهم يرجحونها على غيرها ونحن نتفهم تشبثهم بها دون سواها فهي أيسر الأسباب وأخفها للتحايل على أصوات الجماهير وسرقتها فلا تستلزم أكثر من إحياء النعرات وإيقاظ العصبيات وركوب أمواج التناقضات الموسمية العابرة وهو سلوك سياسي تافه لا يعدو نوعا من العهر السياسي المذموم يدعى عندنا ب "متن العين "يمارس علنا في الأغلبية الرئاسية دون وازع ويتعاطاه غيرهم في المعارضة أحيانا باستحياء.
ألم يدرك هؤلاء بعد أن الغائرة ليست لقمة سائغة وأنها اتخذت من قلوب أبنائها متكأ لا يضاهيه إلا منزلة الواسطة من العقد وأنها لن تنصاع تحت أي ظرف لرغباتهم ولا فحشهم السياسي أم أن عندهم ضعف في الذاكرة فلم يعودوا يذكرون ما حاق بهم وبمن ساوموها قبل على كبريائها وشموخها الأصيل.
فهل ستقدم الأغلبية على تكرار غلطة الماضي وتزج من جديد بأبطال 2013 في استحقاقات 2018 فقد سبق أن راهنت على جهودهم في حسم الانتخابات آنذاك و لم يوفقوا حينها بالقيام بالمهمة التي أسندت إليهم أمام خصم وحيد فكيف بهم وهذه المرة يواجهون خصوما متعددين لقد فشلوا آنذاك في توحيد صفوف ناخبي أحزاب الأغلبية لان صدورهم لا تتسع أصلا لفكرة التوحيد ولأنهم قد تعودوا شرذمة القواعد وتفريق الصفوف نهجا لإدراك مآربهم والوصول إلى مبتغاهم فحسب.
دعونا نستعيد ولو قليلا لحظات الحسم في انتخابات 2013 لنقيم من جديد قدرتنا على معالجة المسائل الحسابية وقراءة الجداول واستنطاق الأرقام حتى نتهيأ لفهم نتائج انتخابات 2018 القادمة فهما سليما و نؤسس لإرساء آلية سياسية تجنب الوقوع في إحراجات مغالطة بعض اللاعبين وسلوكياتهم المضللة.
في استحقاقات 2013 تنافست لوائح عديدة في الغايره على المجلس البلدي والجدولان التاليان يلخصان أهم نتائج الشوط الأول:
الجدول (1 ): يبين كيف توزعت الأصوات على اللوائح المتنافسة على البلديات في لشوط الأول
البلديات تنافس الحراك ا الاتحاد وتواصل
النتائج الاحزاب على التوالي 41,4 % 28,55 % 30,05 %
الجدول (2): يبين كيف توزعت أصوات القوى الناخبة بين أحزاب الأغلبية والمعارضة في الشوط الأول:
لائحة البلدية: الأغلبية المعارضة و الفارق في الاصوات
القوة الناخبة: النتائج على التوالي 69,95 % 30,05 % 39,90 %
فإذا تعقبنا آثار الناخبين الذين يناهزون الألف و صوتوا في الشوط الأول لصالح القائمة التي رشح الاتحاد من أجل الجمهورية لبلدية الغايرة (الجدول 1) فسنتفاجأ إذ لن نلمس لهم أثرا مقنعا ضمن من صوتوا في الشوط الثاني للوائح الأغلبية فالفارق في الأصوات في النواب بين حزب الاتحاد وتواصل على مستوى دائرة الغايره تجاوز 800 صوتا لصالح الأخير
وفي لائحة البلدية بين الحراك وتواصل تجاوز الفارق 200 صوتا لصالح الأخير أيضا ويبقى السؤال مطروحا أين تخفى ناخبو الاتحاد ولمن صوتوا يا ترى فقد كانت لوائح الأغلبية تعول عليهم في حسم نتائج الشوط الثاني فهل تبخر هؤلاء أم أن الأرض انشقت وابتلعنهم أو أن أقواما آخرون حلوا محلهم ......
قد تكون انتخابات 2013 اكتنفها غموض وبدت للبعض طلسما يستحيل فهمه أو لغزا يستعصى حله ولكن من أراد تقصي حقائقها أكثر وفك ملابسات اقتراع الشوط الثاني والتدقيق في تفاصيله فعليه أن يواصل رحلة البحث عن من تخفى و تقفي من تستر و ليعرج على جهينة فعند جهينة الخبر اليقين.
ومن تتبع مسار أحداث هذه الانتخابات وما سبقه من إرهاصات وتناوله بالتدقيق والتمحيص فلن يتفاجأ إن أدرك أن الغايرة قد غيرت رأيها وحزمت أمرها منذ الوهلة الأولى و دون كبير عناء قررت أن تلتحق بصفوف المعارضة وتتذوق طعم التحرر من رواسب قيود الماضي و مخلفات ممارسات إدارة الحقبة الاستعمارية فارتمت في أحضان تواصل مفضلة الاستمتاع بترانيم أنصاره وأهازيج مؤيديهم بدل ارتياد صالات الأغلبية وصخبها و التمايد على الحان موسيقى الجاز.