أعادت تصريحات لرئيس رابطة علماء موريتانيا حمدن ولد التاه طالب فيها الرئيس محمد ولد عبد العزيز بالبقاء في السلطة بعد انتهاء الدستوريتين، جدلاً مستمراً لحد يوم أمس في الأوساط السياسية والتدوينية والإعلامية.
وأكد في تصريح أدلى به بعد مقابلة الرئيس ونقلته وسائل الإعلام الرسمية مطالبته ببقاء الرئيس قائلاً «طالبنا الرئيس بمواصلة المسيرة حتى يكمل ما بدأه لصالح الشعب الموريتاني».
وانتقد القيادي الإسلامي محمد غلام ولد الحاج نائب رئيس الجمعية الوطنية تصريحات رئيس رابطة العلماء، قائلاً «ما صرح به فضيلة الشيخ حمدن ولد التاه رئيس الرابطة بخصوص حنث الرئيس في يمينه، قد يعتبره البعض تمييعا لأحكام الشريعة، وسببا لسخرية المتربصين بالإسلام وعلمائه، كما يعطي الانطباع لمن يجهلون الإسلام ورسالته المقاومة للطغيان، وحكم الفرد، بأنه سند للاستبداد والديكتاتورية، فيسيئوا الظن بالفقهاء، وبأنهم لا يضعون اعتبارا لأسس الدولة الحديثة، مما يزيد الجرأة على الدين ويضعف دوره في التأثير في الحياة العامة».
وأضاف «يأمل المشفقون على شريعة الاسلام ومكانة العلماء من رابطة علماء موريتانيا أن تبين بشكل صريح وواضح موقف الإسلام وشريعته من الوفاء بالعهود والمواثيق والتزام الوفاء بالأيمان المغلظة، وأن تفصح للرأي العام عن موقفها الحاسم من الدستور ومكانته في الدولة الحديثة كمرجع أعلى لنظام الحكم، ووثيقة أسمى لكل القوانين انطلاقا مما حمل الله الرابطة من الأمانة ومسؤولية التبليغ».
وانتقد الإعلامي البارز الحسن مولاي علي مدير إذاعة التنوير ورئيس جماعة الإخوان المسلمين في موريتانيا تصريحات المطالبة ببقاء الرئيس قائلاً «مصادر عليمة، عادة، أكدت ان الرئيس محمد عبد العزيز، في لقائه الأخير بأصحاب اللحى والعمائم الرسمية، قبيل مسيرة المعارضة، ذريعة شرعية للحنث في يمينه الدستورية، ونقض ميثاقه بشأن مأمورية ثالثة».
«الاستجابة للطلب كانت فورية، يضيف ولد مولاي علي، حيث نسبت وسائل الإعلام الرسمية للناطق باسم «المؤسسات الدينية» مطالبتها للرئيس علنا، بالحنث باليمين ونقض الدستور، فلم لا تنقل وسائل الاعلام الرسمية، خلال تغطيتها للقاءات الرئيس بالعلماء، جانبا مما يقدمونه له من المواعظ البالغة، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتبشير بما اعد الله للإمام العادل من أجر عظيم، والتحذير مما هيأ للظالمين وحكام الجور، من عذاب نكر؟ وغير ذلك مما هو شأن العلماء عند مقابلة السلاطين؟ وما الذي جعل تلك الوسائل تصم الآذان بالحديث عما سوى ذلك مما ليس من شان العلماء والدعاة؟».
وبهذه التصريحات التي أدلى بها كبير العلماء، والتي ووجهت بانتقادات كبيرة يعود الجدل حول مأموريات رئاسية إضافية إلى الواجهة بعد خموده إثر تأكيدات للرئيس محمد ولد عبد العزيز أوضح فيها أنه لا يرغب في الترشح لمأموريات أخرى وأنه سيحترم ترتيبات الدستور الذي ينص على دورات ولاية رئاسية قابلة للتجديد مرة واحدة.
وقال في تصريح أخير لمجلة «جون أفريك»: «إنه لن يترشح لولاية ثالثة ولا ينوي البقاء في السلطة بعد 2019، لكنه شدد التأكيد على «أنه سيدعم بنفسه كمواطن له الحق في ذلك، مرشحاً للانتخابات الرئاسية المقبلة».
ومع أن الرئيس ولد عبد العزيز نفى نيته البقاء في السلطة بعد انتخابات 2019، فإن الكثيرين يعتقدون أن مطالبات بقائه مأذونة من طرفه، وإلا لما تجرأ رئيس رابطة العلماء عليها وهو يعلم أنها ستؤثر على مصداقيته في الساحة.
وأكدت صحيفة «لوكلام» أعرق الصحف المحلية في تحليل خصصته لهذه النازلة «أن هذا التصريح، يعضد أطروحة البعض ممن يعتقد أن الرئيس مصمم على تولي مأمورية ثالثة، ولذا يجري الترتيب حالياً لفتح أقفال الدستور التي تمنع ولد عبد العزيز من ذلك».
وتساءل الصحافي البارز أحمد ولد الشيخ في مقاله الافتتاحي أمس في أسبوعية «القلم» عما وقف السادة العلماء عليه من إنجازات تجعلهم يطالبون الرئيس ولد عبد العزيز بالبقاء في الحكم».
وقال «هل هذه الإنجازات هي أميال من الطرق سيئة التعبيد؟ أم هو سدود زراعية وقنوات ري محفورة؟ «.
وتساءل ولد الشيخ مضيفا «مما يخاف علماؤنا الأشاوس علينا منه اليوم: ألسنا في ظل هذا النظام نوجد في عين الإعصار؟».
نواكشوط ـ «القدس العربي»