من الصعب على مشجعي ليفربول تقبل خسارة المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا، لأن الحظ عاند الريدز منذ بداية اللقاء ووقف إلى جانب منافسه ريال مدريد الذي فاز بالمباراة وباللقب الثالث عشر، لكن ذلك لا يعني أن الفريق الأفضل لم يفز.
عاش ليفربول ليلة صعبة، وبالتحديد منذ إصابة نجمه محمد صلاح وخروجه من الملعب بعد نصف ساعة فقط، ثم أهدت أخطاء حارسه لوريس كاريوس ريال مدريد هدفين، تخللهما كرة في القائم من السنغالي ساديو ماني.
هل يستحق ليفربول الخسارة بهذه الطريقة؟ لا، لكن هل هذا يعني أن ريال مدريد لا يستحق الفوز؟ لا أيضا.
قدّم ريال مدريد مباراة متوازنة في أغلب فترات المباراة، رغم الاعتراف الصريح بأنّ ليفربول كان الأكثر خطورة حتى أصيب صلاح، ويمكن القول أن أمرا واحدا منح الأفضلية للفريق الملكي في النهائي، ألا وهو الفارق الكبير بين قوة مقاعد بدلاء الفريقين.
فاجأ مدرب ريال مدريد زين الدين زيدان النقاد، بلجوئه إلى طريقة اللعب 4-4-2، حيث فضّل الإبقاء على الويلزي جاريث بيل بديلا، مقابل الدفع بالفرنسي كريم بنزيما إلى جانب النجم الرتغالي كريستيانو رونالدو في خط المقدّمة، وقام إيسكو بدور اللاعب المحوري الذي صال وجال في وسط الملعب مع التقدّم نحو منطقة الجزاء في مرّات عديدة، تاركا مهمّة صانع اللعب للثنائي، الكرواتي لوكا مودريتش والألماني توني كروس، مقابل وجود البرازيلي كاسيميرو كلاعب ارتكاز.
الخطّة خلقت شكوكا لدى أنصار ريال مدريد، لأنّها تعني أن الفريق سيهاجم عبر الأطراف رغم عدم وجود جناحين، وبمعنى آخر، فإن أي هجمات من الطرفين سيكون مصدرها الظهير الأيمن داني كارفاخال، والأيسر مارسيلو، في وقت يقود فيه الإسباني سيرجيو راموس الخط الخلفي بإسناد من الفرنسي رفائيل فاران، أمام الحارس الكوستاريكي كيلور نافاس.
وبالفعل، شكّل ليفربول ضغطا على دفاع ريال مدريد عن طريق الجناحين، خصوصا من الناحية اليسرى التي شغلها ساديو ماني، إلا أن الميرنجي كان حذرا لهذا الأمر من خلال إعادة كاسيميرو إلى منطقة الجزاء لمنع أي تأثير محتمل للكرات العرضية أمام مرماه.
وأدار كروس ومودريتش العمليات بشكل جيد، إلا أن إيسكو لم يكن بالفاعلية التي تمنّاها زيدان، فأخرجه من الملعب في الشوط الثاني، وغيّر طريقة اللعب إلى 4-4-3، فاستعاد جمهور الفريق الإسباني ذكريات ثلاثي الـ"بي بي سي"، وبرهن بيل على أنه الورقة التي يمكنها تغيير المعطيات، ربّما لأنّه كان متعطشا لإثبات أهميّته، فسجّل هدفين، أحدهما نسخة من هدف زميله رونالدو في مرمى يوفنتوس بالدور ربع النهائي، علما بأن اللاعب البرتغالي عاش ليلة هادئة ولم يقدّم الأداء الذي كان يتمنّاه.
في الناحية المقابلة، اعتمد مدرب ليفربول يورجن كلوب على طريقة اللعب المعتادة 4-3-3، وكانت تشكيلته متوقّعة، بوجود فيرجيل فان دايك وديان لوفرين وأندي روبرتسون وترينت ألكنسدر أرنولد في الخط الخلفي، خلف ثلاثي الوسط جوردان هندرسون وجيمس ميلنر وجورجينو فينالدوم، فيما وقف صلاح على الجناح الأيمن، وماني على الأيسر، والبرازيلي روبرتو فرمينو داخل منطقة الجزاء.
الخطة سارت بشكل جيّد، مع تغيير وحيد عن المباريات السابقة، حيث أخّر الفريق الإنجليزي ضغطه على حامل الكرة إلى منتصف الملعب، لكن إصابة صلاح غيّرت المعطيّات، ولم يستفق الفريق من الصدمة في الشوط الثاني، رغم الخطورة التي شكّلها السنغالي ماني من الجهة اليسرى، مستثمرا إصابة كارفاخال وخروج من الملعب مع نهاية الشوط الأول.
لكن يبقى أن ليفربول، ولولا أخطاء حارسه لوريس كاريوس الكاراثية التي تسببت في دخول مرماه الهدفين الأول والثالث، لكان حظي بفرص متساوية مع ريال مدريد لإحراز اللقب، وربّما تمكّن من الفوز، لكن الرياح لم تأت بما تشتهي سفن الـ"ريدز"، لتذهب الكأس مرة أخرى إلى الخزانة الملكية.