عن العيد وهمومه، تابع الرأي العام المدون في موريتانيا أمس انشغاله بالتعديل الحكومي الذي أجراه الرئيس ولد عبد العزيز يوم الإثنين في حكومة يحيا ولد حدمين، واستقدم فيه الدبلوماسي الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الخاص السابق المكلف باليمن، من الأمم المتحدة ليتولى وزارة الخارجية.
ووجهت للتعديل انتقادات من كبار المدونين الذين حلّلوه وأولوا أبعاده مستغربين استمرار العمل بالمحاصصة القبلية والجهوية والعرقية على حساب الكفاءة.
وعلّق المدّون البارز إسماعيل يعقوب على تعيين ولد الشيخ أحمد وزيراً للخارجية، فأكد «ان استقدامه، جاء للتأثير على ميزان قوى انتخابات 2019 الرئاسية، ومن أجل الاستفادة من دفتر عناوينه وحنكته الدولية في بلاد الشام ومملكة سبأ». وانتقد المدّون محمد الأمين عبد الدايم المحاصصة القبلية المتبعة كمنهج في تعيين الوزراء، وقال: «مازالت القبلية تُمارس في موريتانيا حتى في تسمية الوزراء، فتعيين ولد الشيخ أحمد وزيراً الخارجية أطاح بإبنة عمه الوزيرة ميمونة التي كانت تتولى حقيبة الأسرة». وكتب أبو العباس أبرهام معلقاً على التعديل «ظلّت المحاصصة تحكم دوماً منطِق تعيين وإقالة الوزراء في موريتانيا، وما تغيّر في العودة الثانيّة للعسكر هو أنّ المحاصصة لم تعد فقط جهوية وعشائريّة (علاوة على أنّه تمّ إسقاط تقليد المحاصصة الأيديولوجيّة)، وإنّما صارت زبونيّة ولوبيّة وحُظووية، فمراكز القوى المتوَزِّعة صارت تُمثّل أو يُضعّف تمثيلها بناءً على أمزجة وحظوات معيّنة، باختصار فالحُكم هو حُكم السراي السياسي».
«في هذا النوع من العلاقات، يضيف أبو العباس، لا يقتصر الأمر فقط على الكفاءات وعلاقات القوى والرؤى وإنّما الشعور والحظوة والعصبيّة والمزاج والغُرف المغلقة والوشايات والنمائم، فهناك جزءٌ من هذا التاريخ السحري والبدائي للتعيينات عائدٌ إلى «تحبيظ» (هيمنة) رئيس الجمهوريّة على التعيين، فصار المفتاح الوحيد لهذه التدافعات».
وأضاف: «أعتقد أنّه لكيْ تتطوّر الدِّيمقراطيّة الموريتانيّة فعليها انتزاع التعيين من رئيس الجمهوريّة، وذلك بتمرير الوزراء المُعيّنين على تصويت البرلمان: أوّلاً بالاستماع إلى برامِجهم، ومعرفة هل فكّروا في التعيين بدراسات وتفكير سابِق أمْ أنّهم، كما في فيلم «معالي الوزير» لأحمد زكي، وجدوا أنفسَهم في الوزارة صُدفاً؟ هل هم نِعاجٌ في ميدان المعركة وكِسَفٌ من السّماء أم هم مهنيون عملوا لارتقائهم وحدّثوا أنفسَهم بوزارة؟ بدون هذا سيضيع كالعادة وقت في أشخاص يتبيّن، بعد وقت، أنّهم غير مناسبين، ثانياً، يجب أنْ يكون هنالك إعلام يُفهِمُ الجمهور خلفيات تعاقب الوزراء ويُفصّل في صعودِهم وأفولِهم؛ وإلاّ فإنّ الجمهور سيبقى مُحيّداً في قضيتِه وسيبقى غير معني به».
وذهب المدوّن والإعلامي الشيخ معاذ في تعليقه على التعديل «إلى أن اسماعيل ولد الشيخ أحمد، شكّل خياراً للبعض، في الاستحقاقات الرئاسية القادمة».
وقال: «أتمنى أن يحافظ ولد الشيخ أحمد، على صورته وألا يكرر أخطاء من سبقوه عندما حوّلوا مناصبهم وثقافتهم وأكاديميتهم إلى واجهة لتشريع الحماقات والدفاع عن الإخفاقات». «على الدبلوماسي الناجح إسماعيل، يضيف معاذ، أن يتذكر صورته لدى الموريتانيين عشية تعيينه وزيراً، وهو على مرمى حجر من انتهاء مأمورية وبداية أخرى، وعليه أن يتساءل أيضاً: هل تم هذا التعيين تطبيقا لمبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب، أم هو نتيجة خبث سياسي وجرٍّ إلى المستنقع الآسن، والذي أغرق الكثيرين، وأفقدهم رأس مالهم الأصلي (حب الناس)، وقطع عليهم طريقا ومستقبلا وطنيا كان بالإمكان أن يتوهج لولا القبول بالانتماء لبني غزية».
وكان للمدوّن النشط محمد الأمين سيدي مولود تعليقه الطريف على التعديل الوزاري، حيث اكتفى بالتساؤل عن تبادل الوزراء من قطاع الى قطاع الذي ميّز التعديل الوزاري، قائلاً: «هل هو دليل على النجاح أم الفشل؟ إن نجحوا فلمَ لا يستمرون في نفس القطاع؟ وإن فشلوا فلماذا تحويلهم إلى آخر؟».
«القدس العربي»